الرأي

فن “تيرويسا” .. بين الماضي المشرق والحاضر المظلم

يوبا إيزولا *

مهنة “تاروايسيت” مهنة فنية قديمة لها وزنها وقيمتها، إذ لعب “الروايس” دورا كبيرا في تشجيع المغاربة على المقاومة ومحاربة الإستعمار، ما منحهم صفة مقاومين بامتياز. ثم إن البعض كان يستشهد بأقاويلهم ويتخدهم قدوة في حياته.

كان الراغب في ولوج ميدان “تروايسيت” يبدأ بما يطلق عليه في أعراف الروايس “أستارا”، ثم بعده تأتي مرحلة “الحلقة” ثم مرحلة “السيرك”. وطبعا هذه المراحل كلها يقطعها تحت إشراف “رايس” سبقه إلى المهنة ويسمى الشيخ، أي المعلم. أما التفكير في تسجيل الألبومات أو الأشرطة الغنائية فلا يأتي إلا بعدما يمر من جميع المراحل المذكورة كلها، وحتى يعطيه “شيخه” الضوء الأخضر بعد أن يتأكد بأنه أصبح يستخق فعلا لقب “الرايس”. وذلك عكس ما يحدث الآن، حيث أن الراغب في ولوج هذا الفن يكفيه أن يتوفر على مصاريف التسجيل في الأستوديو وأداء أجرة الموسيقيين والملحن وكاتب الكلمات لتجده أصبح حائزا للقب “الرايس” بين عشية و ضحاها،ولكن بالإسم فقط، أما فنيا فتفصله عن المهنة بعد السماء عن الأرض، وهذه هي الآفة التي أصبحت تهدد حاليا فن “تيرويسا”.

مدرسة “تيرويسا” كانت تعتمد على قواعد معينة في تعليمها للمبتدئين، فمثلا يبدأ “الرايس” بالتمرن على حركات الرقص التي تناسب كل نوع من الموسيقى على حدة، فهناك موسيقى إيقاعية تعزف قبل البدأ في الغناء وتسمى “خمسة وخميس” مع اختلاف في اسمها، وتكون عبارة عن معزوفات موسيقية يتفاعل معها “الروايس” برقصات تناسب إيقاعاتها، وهي رقصات مدروسة ومحبوكة. وبعد أن يتعلم “الرايس” مواكبة الموسيقى بالرقص ينتقل إلى تعلم العزف إما على آلة “لوتار” أو آلة “الرباب” حسب ميولاته، مع تعلم ضبط الإيقاع الموسيقي طبعا. أما بالنسبة للملابس التي يرتدونها فتكون متميزة ببصمة أمازيغية خاصة.

إن المسار الذي يمر منه كل راغب في ولوج ميدان فن “تيرويسا” كما بينا ذلك يجعلنا نتساءل: هل يستطيع المثير ممن يعتبرون اليون أن هذا النوع من الفن سهل المنال أن ينضبطوا فعلا لمختلف تلك المراحل والقواعد؟ عليهم ذلك فعلا ليتأكدوا أن تفكيرهم في غير محله وأن الفنان الحقيقي يصنعه التدريب وتختمر خبرته من خلال استفادته من تلك المراحل المذكورة. ماشي غير أجي أوسير لستوديو صافي راك رايس.

* ناقد موسيقي وسينمائي أمازيغي

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى