منوعات

خروقات بالجملة .. هل دخل “بيشا” نادي مافيا العقار بأگادير؟

 

حقائق 24 – أگادير

المكان: حي السلام بمدينة أگادير، والحدث: جريمة عقارية كبرى. أما المسؤولون فهم مافيا العقار بتواطؤ مفضوح مع ولاية أگادير ومجلسها البلدي وممثلي مصالح رسمية أخرى. والسؤال الذي سيظل عالقا في انتظار الجواب: متى ستتم محاسبة المسؤولين المتورطين في هذه الجرائم العقارية بأگادير؟ أم أن مسؤولي المدينة لا يعترفون بالوثيقة الدستورية التي نصت على مبظأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ولا بالخطابات الملكية التي ما فتئ الملك ينادي بتطبيق هذا المبدأ الدستوري؟

هل مسؤولو أگادير فوق المحاسبة؟

في بعض المدن تطالعنا وسائل الإعلام بين الفينة والأخرى عن أخبار تفيد إقالة هذا المسؤول أو ذاك بسبب خروقات بسيطة مست قوانين التعمير، وفي بعض الأحيان نقرأ أن المجلس الأعلى للحسابات قد أصدر تقريرا يكشف بعضا من تلك الخروقات أو وزارة الداخلية قد فتحت تحقيقا في الموضوع. لكن يبدو أن مدينة أگادير ومسؤوليها بالضبط في منأى عن أية محاسبة قانونية عن الجرائم العقارية التي تنخرها سنة تلو الأخرى.
الحديث عن سياسة المدينة وقوانين التعمير في عاصمة سوس يعتبر ترفا ولغوا لا طائل من ورائه. فالمدينة الزلزالية التي يفترض فيها التشدد في تطبيق قوانين التعمير بدأت تتحول إلى مشتل كبير لغيتوهات قبيحة تشوه جمالية المدينة وتنذر بمستقبل كالح السواد من حيث الآثار الاجتماعية الكارثية للسياسات التي ينتهجها المسؤولون عن تدبير ملف التعمير بالمدينة.
فأمام حركة التمدين السريعة التي تعرفها المدينة بتزامن مع ارتفاع النمو الديمغرافي وكثافة الهجرة القروية نحو التجمعات الحضرية بالمدينة، يلاحظ المواطن العادي كيف تصر بعض شركات ومؤسسات الإنعاش العقاري على تفريخ غيتوهات للسكن العمودي مكدسة بالساكنة دون توفير الحصيص الأمني الكافي والمناسب للكثافة السكانية بأغلبها. علاوة على استهتارها بالرهانين البيئي والإجتماعي الذين لم يتم الأخذ بهما في حسبان المسؤولين عن التخطيط الحضري بالمدينة.

مجموعة بيشا … نحو نادي المافيا العقارية

أمام مبنى المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بحي السلام، وفي الجهة المقابلة لها على جانب الشارع المؤدي إلى حي الهدى بالضبط، تنتصب إقامات شاهقة لتشكل تجمعا سكنيا يضم زهاء 53 ألف وحدة سكنية. لكن الطامة الكبرى هي أن المساحة التي استنبتت عليه هذه العمارات لم تكن إلا وعاء عقاريا مخصصا في الأصل لتشييد حي جامعي دولي بمدينة أگادير وبمواصفات عالمية.
وأسرت مصادر مطلعة لموقع “حقائق 24” أن ولاية أگادير قد أقدمت على تحويل طبيعة المنشآت العمرانية المفترض إقامتها على هذا الوعاء العقاري من حي جامعي إلى عمارات سكنية للسكن الإقتصادي عن طريق لجنة الإستثناءات التي تتشكل من الولاية والمركز الجهوي للاستثمار والجماعة الحضرية والوكالة الحضرية والمفتشية الجهوية للسكنى وسياسة المدينة. فعوض التقيد بالتصاميم الأصلية لذات الوعاء وكذا المساطر القانونية المنظمة للتخطيط الحضري، رضخت السلطات المحلية والمنتخبة لجشع المنعش العقاري المعروف “بيشا” وفوتت له الوعاء العقاري المذكور قصد بناء شقق للسكن الإقتصادي عن طريق تفعيل مسطرة الإستثناء في التعمير المنصوص عليها في الدورية الوزارية رقم 27/3020 الصادرة في 04 مارس 2003.
والغريب في الأمر أن المنعش العقاري المشهور بالمنطقة، والذي يحاول جاهدا أن يظهر مجموعته العقارية بمظهر المقاولة المواطنة عن طريق احتضان بعض التظاهرات الثقافية والفنية وبعض وسائل الإعلام بالمنطقة بمنحها بعض فتات موائده في إطار سياسة الإشهار (Sponsoring)، الغريب أنه أقدم في المقابل على تشييد مشروعه السكني دون أدنى احترام للالتزامات التي يتم التنصيص عليها في صلب دفتر التحملات الخاصة بإقامة مثل هذه التجمعات السكنية. حيث يخلو هذا المجمع السكني الذي يفوق تعداد ساكنته النصاب القانوني المفروض توفره في المدن الصغيرة والمتوسطة لمنحها حق اعتماد نظام الترشح والتصويت الانتخابي عن طريق اللائحة من أية مساحات خضراء أو بنيات سوسيو – ثقافية أو رياضية مثل المركبات الثقافية وملاعب القرب. بل الأكثر من ذلك أن أجزاء كبيرة من بعض الأزقة العمومية قد تم السطو عليها وإلحاقها ببعض العمارات كمرابد داخلية للسيارات. ولعل المتوغل في شوارع هذا المشروع السكني الضخم سيلاحظ أيضا استهتار المنعشين العقاريين بحياة وسلامة العمال والمواطنين المارين بها على حد سواء، إذ يشتغل عمال البناء في ظروف مزرية ولا تستجيب لمعايير السلامة، لا سيما حرمانهم من ارتداء الخوذات الواقية، فيما تم نصب الرافعات الكبرى في مناطق مأهولة بالسكان مما يعرض حياتهم يوميا للخطر.
أما في ما يتعلق بعمليتي تسويق وبيع شقق هذا المجمع السكني فأكدت مصادر “حقائق 24” أن البيع في السوق السوداء عن طريق عمولات باهظة وغير مصرح (النوار) بها قد أضحى أمرا مألوفا. حيث غالبا ما يتم تعمد التصريح بشغور الشقق الموجودة بالطوابق العلوية المفتقرة للمصاعد الكهربائية وإخفاء الشقق المعروضة للبيع بالطابقين الأول والثاني ووضعها رهن إشارة السماسرة والوسطاء العقاريين بغرض المضاربة بها وبيعها لغير مستحقيها بعد أداء إتاوات غير قانونية.
هذا مع العلم – تضيف ذات المصادر – أن هذا المجمع السكني المخصص للسكن الإقتصادي يضم أيضا بخلاف ما هو منصوص عليه قانونيا شققا بمساحة 60 متر مربع، وهو ما دفع الكثير من المهتمين إلى طرح أكثر من علامة استفهام حول إصرار مجموعة “بيشا العقارية” على ولوج نادي المافيا العقارية بأگادير ومدى تواطؤ الجهات المسؤولة عن المراقبة والتتبع ومنح رخص السكن وشواهد المطابقة معه في هذه الخروقات.

تواطؤ المسؤولين… ربط المسؤولية بالمحاسبة

الخروقات المشار إليها آنفا تثبت بما لا يدع مجالا للشك حصول تواطؤ مكشوف من طرف المسؤولين بمدينة أگادير مع مافيات العقار بالمدينة. حيث يؤكد الخبير في قوانين التعمير، محسن اليازغي، أن مقتضيات المواد من 55 إلى 58 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير والـمـرسـوم رقـم 832.92.2 بشأن تطبيق نفس القانون تنص على إلزامية حصول المنعشين العقاريين قبل استغلال منشآتهم العقارية على رخصة السكن وشهادة المطابقة. مضيفا أن رخصة السكن هي وثيقة تمكن الإدارة من التأكد من أن أشغال بناء مخصص للسكن قد تمت في احترام تام للقواعد و الشروط المنصوص عليها في رخصة البناء، فيما تعتبر شهادة المطابقة بمثابة وثيقة تمكن الإدارة من التأكد من أن أشغال بناء مخصص لغرض آخر غير السكن قد تمت في احترام للقواعد و الشروط المنصوص عليها في رخصة البناء. واسترسل الخبير القانوني في تصريح خص به “حقائق 24” أن الرخص المشار إليها تسلم للمنعشين العقاريين بعد قيام لجنة مختصة من إجراء معاينة ميدانية للبنايات موضوع طلب تسليم السكنى وشهادة المطابقة للتحقق من أن الأشغال أنجزت طبقا للتصاميـم المرخصـة ولبيانات رخصـة البناء في حالة عدم تقديم شهادة المهندس المعماري وتحرير محضر معاينة بشأنها. مبرزا أن هذه اللجنة تتألف من ممثلي كل من الجماعة والعمالة والوكالة الحضرية والوقاية المدنية والمصالح المختصة بتوزيع الماء الصالح للشرب والهيئة المكلفة بالاتصالات، علاوة على ممثلي كل مصلحة خارجية معنية بالمشروع أو لديها رأي مهم حوله.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى