تعيينات‭ ‬مرتقبة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬العمال

يترقب‭ ‬ولاة‭ ‬وعمال‭ ‬طالهم‭ “‬النسيان‭” ‬في‭ ‬مواقعهم‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬إجراء‭ ‬حركة‭ ‬تعيينات‭ ‬وتنقيلات‭ ‬في‭ ‬صفوفهم،‭ ‬وإحالة‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬على‭ “‬التقاعد‭ ‬النهائي‭”.‬

ويروج‭ ‬في‭ ‬الكواليس‭ ‬بقوة،‭ ‬قرب‭ ‬إجراء‭ ‬الحركة‭ ‬نفسها،‭ ‬حيث‭ ‬ينتظر‭ ‬كبار‭ ‬رجال‭ ‬الإدارة‭ ‬الترابية،‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬اجتماع‭ ‬المجلس‭ ‬الوزاري‭ ‬المقبل،‭ ‬المتوقع‭ ‬عقده،‭ ‬بحر‭ ‬الأسبوع‭ ‬الجاري،‭ ‬تعيينات‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الولاة‭ ‬والعمال‭.‬

ويظهر‭ ‬أن‭ ‬التأخير‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬إجراء‭ ‬الحركة،‭ ‬باستثناء‭ ‬الحركة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬التي‭ ‬حملت‭ ‬بعض‭ ‬الأسماء‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬الولايات،‭ ‬نظير‭ ‬طنجة‭ ‬وأكادير‭ ‬والبيضاء‭ ‬والداخلة،‭ ‬مرتبط‭ ‬بأسباب‭ ‬يتم‭ ‬تداولها‭ ‬في‭ ‬الكواليس،‭ ‬دون‭ ‬الإفصاح‭ ‬عنها‭ ‬بشكل‭ ‬علني‭.‬

‭ ‬والملاحظ‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الوزارات،‭ ‬أنه‭ ‬كلما‭ ‬قضى‭ ‬ممثلو‭ ‬الإدارات‭ ‬الخارجية‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬إلا‭ ‬وحزموا‭ ‬حقائبهم‭ ‬للرحيل‭ ‬إلى‭ ‬وجهة‭ ‬جديدة،‭ ‬عملا‭ ‬بتغيير‭ ‬المنصب‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬كل‭ ‬أربع‭ ‬سنوات،‭ ‬كما‭ ‬أوصى‭ ‬بذلك‭ ‬الملك‭ ‬الراحل‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭. ‬ووحدهم‭ ‬بعض‭ ‬الولاة‭ ‬والعمال‭ ‬الذين‭ “‬يخلدون‭” ‬في‭ ‬مناصبهم،‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬مرجوة‭ ‬في‭ ‬مسيرتهم‭ ‬المهنية،‭ ‬ويقضون‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المدة‭ ‬الزمنية‭ ‬نفسها،‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬ولايات‭ ‬وعمالات‭ ‬عينوا‭ ‬فيها‭ ‬لسنوات‭.‬

وتبقى‭ ‬حالات‭ ‬الكثير‭ ‬منهم،‭ ‬عصية‭ ‬على‭ ‬الفهم،‭ ‬نظير‭ ‬والي‭ ‬فاس،‭ ‬وعمال‭ ‬مكناس‭ ‬وجرادة‭ ‬وبرشيد‭ ‬وتارودانت‭ ‬وسيدي‭ ‬سليمان‭ ‬وخنيفرة‭ ‬وأزيلال‭ ‬وإفران‭ ‬وقلعة‭ ‬السراغنة‭ ‬وغيرهم،‭ ‬إذ‭ ‬ظلوا‭ ‬في‭ ‬مناصبهم‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭.‬

والاستفهام‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬هنا‭ ‬هو‭: ‬ما‭ ‬سر‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬مناصبهم‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬تعيينهم؟،‭ ‬وعدم‭ ‬إخضاعهم‭ ‬لطاحونة‭ ‬التغييرات‭ ‬والتنقيلات‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب،‭ ‬هل‭ ‬لأنهم‭ “‬مدللون‭”‬،‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬المصالح‭ ‬المركزية‭ ‬للوزارة‭ ‬الوصية،‭ ‬تريد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطالة‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬بعض‭ ‬الولاة‭ ‬والعمال‭ ‬في‭ ‬مواقعهم،‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬المهني؟

مهما‭ ‬كانت‭ ‬التبريرات‭ ‬والأجوبة،‭ ‬فإن‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬سيقدم‭ ‬خدمة‭ ‬كبيرة‭ ‬للمرفق‭ ‬العمومي‭ ‬وللإدارة‭ ‬المغربية،‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المسؤول‭ ‬الجديد،‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬تعيينه‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬أو‭ ‬عمالة‭ ‬من‭ ‬العمالات،‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ “‬حنة‭ ‬يديه‭”‬،‭ ‬وتكون‭ ‬علاقته‭ ‬محدودة،‭ ‬عكس‭ ‬المسؤول‭ ‬القديم‭ ‬الذي‭ ‬ينسج‭ ‬علاقات‭ ‬مصالح‭ ‬متشعبة،‭ ‬يصعب‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت‭ ‬تفكيكها‭.‬

وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الرؤية،‭ ‬على‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬قرار‭ ‬تغيير‭ ‬الولاة‭ ‬والعمال‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬تعيينهم،‭ ‬وأن‭ ‬تقطع‭ ‬مع‭ ‬أسلوب‭ ‬الإطالة‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬المسؤولين‭ ‬الترابيين‭ ‬في‭ ‬مناصبهم‭ ‬لمدة‭ ‬زمنية‭ ‬طويلة،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬قد‭ ‬يلحق‭ ‬أضرارا‭ ‬بمستقبل‭ ‬الولاية‭ ‬أو‭ ‬الإقليم‭.    ‬

ونتيجة‭ ‬للإبقاء‭ ‬عليهم‭ ‬في‭ ‬مناصبهم‭ ‬لمدد‭ ‬طويلة،‭ ‬وغير‭ ‬مقبولة‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإداري،‭ ‬وعدم‭ ‬تفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة،‭ ‬يتخيل‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬المهنية‭ ‬بدونهم‭ ‬صعبة‭ ‬التحقق‭ ‬بحكم‭ ‬التعود‭ ‬على‭ ‬الكرسي‭ “‬الوثير‭”‬،‭ ‬ولا‭ ‬نرى‭ ‬أفقا‭ ‬آخر‭ ‬غيرهم،‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬عاملا،‭ ‬من‭ ‬كثرة‭ ‬قضائه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تسع‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬الأقاليم،‭ ‬أصبح‭ ‬بارعا‭ ‬في‭ ‬الرقص‭ ‬بـ‭ “‬البندير‭”.‬

– الصباح

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *