حقائق24
لن يكون عيد الأضحى لهذه السنة هو الوحيد الذي اضطر فيه المغرب إلى إلغاء هذه الشعيرة. قبل ذلك كان جيل فجر الاستقلال قد شهد حدثا مماثلا و تكرر الامر مع جيل ثمانيات القرن الماضي. و مع جيل التسعينيات، لكن ليس دائما للأسباب نفسها.
حرب الرمال غداة الاستقلال
في سنوات مبكرة من استقلال المغرب، و بعد سنتين فقط على وفاة الملك محمد الخامس ألغى خلفه الملك الحسن الثاني رحمهما الله شعيرة عيد الأضحى لأسباب اقتصادية، حيث دعا المغاربة إلى عدم ذبح الاضاحي سنة 1963.
كان ذلك من تبعات “حرب الرمال”. و هي الحرب التي انتصر فيها المغرب لكنها وضعته على حافة أزمة اقتصادية و هو البلد الخارج لتوه من قبضة الاستنزاف الاستعماري.
جفاف برنامج التقويم الهيكلي
سنة 1981 و بسبب أزمة اقتصادية ناجمة عن عجز ” برنامج التقويم الهيكلي ” الذي أملاه صندوق النقد الدولي عن تحقيق أهدافه الاقتصادية و التنموية اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني قرارا بعدم إقامة شعيرة عيد الأضحى، في ظروف كانت قد تظافرت فيها النتائج المخيبة لبرنامج التقويم الهيكلي مع سنوات عجاف شهدن شحا في التساقطات المطرية. غير أن المغرب استطاع تجاوز تلك المرحلة، و مع ان الرعي كان هو الأسلوب الغالب في قطاع تربية الأغنام، نما القطيع الوطني بشكل كاف.
ندرة القطيع بسب الجفاف
في سنة 1996 اضطر المغرب إلى إلغاء شعيرة عيد الأضحى و كان السبب مرة أخرى هو الجفاف المتوالي، و حينها أوضحت رسالة الملك الراحل الحسن الثاني التي كان قد تلاها وزير الأوقاف أن “ذبح الأضحية سنة مؤكدة لكن إقامتها في هذه الظروف الصعبة من شأنه أن يتسبب في ضرر محقق”.
و بالأرقام كان الإقدام على ممارسة تلك الشعيرة خلال تلك السنة من شأنه فعلا أن يستنزف القطيع الوطني، بطريقة تتطلب سنوات طويلة لتجاوز الازمة، و ذلك ما جعل فئات واسعة تتقبل قرار الإلغاء.
على سبيل الختم
و تعتبر دعوة الملك محمد السادس اليوم إلى عدم ذبح الأضاحي خلال عيد الأضحى القادم المرة الرابعة التي يجد فيها المغرب نفسه أمام إكراهات واقع تصل تداعياته إلى حد إلغاء شعيرة راسخة في الممارسة الدينية للمغاربة. غير أن الإلغاء هذه السنة يبدو أكثر استجابة لدعوات تواثرت منذ مدة تلتمس من الجهات العليا هذا الإلغاء بعدما تبين العام الماضي أن الحكومة وضعت المغاربة وجهها لوجه مع الوسطاء، و لم تستطع أن تفرض نفسها كفاعل رغم أنها مولت أنشطة الاستيراد. و هي خلال هذه السنة غيرت وجهتها إلى استراليا، لكن لهجة وزير الفلاحة لم تكن مطمئنة و هو يتحدث قبل أسابيع عن إمكانية الإلغاء.