حقائق24
بالتزامن مع مذكرة وزير الداخلية بشأن الممتلكات الجماعية الصادرة مؤخرا، و التي لم يتخذ المجلس الجماعي لإنزكان بعد أية تدابير للتقيد بمضامينها، تشهد الجماعة منذ أيام زيارة لقضاة المجلس الجهوي للحسابات، و رغم أن أية معطيات لم ترشح من كواليس هذه الزيارة، إلا أنها أعادت في أفئدة عدد من المهتمين بالشأن المحلي فتح جراح خروقات جمة ترافق شؤون تدبير و تسيير تلك الممتلكات و ظروف تفويتها، ما حول كثيرا منها إلى رهينة في أيدي يعض المحظوظين.
حقائق24 ، في التحقيق التالي ترصد بعضا مما يعتبره الرأي العام المحلي بإنزكان خروقات طالت ممتلكات جماعية كان يعول عليها للنهوض بالتنمية المحلية، و تعيد تركيب أسئلة المهتمين، في انتظار أن تتولى الجهات المعنية مسؤولية تصحيح الأوضاع التي جنحت إلى ميل فاضح أسقط مقتضيات القانون و مذكرة وزير الداخلية من حسبان المستفيدين من الريع المتاح. فيما يتطلع الجميع إلى نتائج زيارة قضاة المجلس الجهوي للحسابات عسى أن تنطوي تقاريرها على ما يتيح زجرا حقيقيا، تنطلق في أعقابه مسيرة التصحيح.
سوق الحرية .. مشروعية الإنجاز و توابع التسيير
يوصف بـ المركب التجاري و قد اُفتُتِح، يوم الاثنين01 فبراير 2016 بالمنطقة الجنوبية لمدينة إنزكان على مساحة تُقدّر بـ10 هكتارات. في سعي الى توفير 6000 منصب شغل مباشر، و4000 منصب غير مباشر.
يعتبر سوق الحرية ثمرة مشاركة بين القطاع الخاص والجماعة الترابية لإنزكان، و يضم 1600 محل تجاري، بالإضافة إلى فضاءات ومرافق أخرى ، ما يؤهله ليكون أكبر مركب تجاري على صعيد جهة سوس ماسة. لكن مياها جرت من تحت جسر الأحداث حولت مرفقا ضخما كهذا إلى حلبة للقفز على مقتضيات قانونية كثيرة.
و في مقدمة ذلك كله مشروعية الإنجاز قبل توابع التسيير ، حيث الغموض يشوب ملكية الوعاء العقاري الذي بنيت عليه مرافق السوق. فهل هو في ملكية الدولة أم هو عقار صاف للجماعة؟ و هل تلك اللجان التي أحدثت لتتبع تستمد اختصاصاتها دفتر التحملات أم أن إحداثها تم ليوافق هوى في نفوس البعض.
و بعد نهاية الاشغال و بداية عمل مرافق السوق يتعاظم القلق بشأن بإدراج المساحة الحقيقية للمشروع في دفتر التحملات أو تركها عرضة للتقزيم لإدراج ما تبقى منها ضمن صفقة المرابد. مع استفهامات أخرى تسائل الأساس الذي جرى الإستناد إليه لتحيين لائحة المستفيدين رغم أن عددا منهم يستفيد من محلات أخرى خارج المشروع؟. و تثير أيضا وضعية المرابد التي قيل إنها ستوضع رهن إشارة التجار ليتم تفويتها من طرف المجلس، كيف و لفائدة من؟
لكن أغرب سؤال يمكن مواجهته في هذا المشروع هو ذلك الذي انصب على ما مدى نجاعة و جاهزية فوهات الوقاية المدنية حال نشوب حريق مستفسراً عما أذا كانت هي حقا مزودة بالمياه أم أنها تقوم بدور الزينة و لا يتجاوز نفعها دور ديكور لتأثيث المشهد؟
مضخة البنزين افريقيا .. من حرمة القانون إلى حرمة الموتى
في تاريخ ما من حياة ساكنة إنزكان تواجدت غير بعيد عن مقبرة الجرف منشأة نفطية قيضت لها أسباب التشجيع لتقوم بأدوار طاقية تستجيب لحاجيات السوق المحلية، و رغم أن السماح ببناء هذه المنشأة كان و ما زال ينطوي على مخاطر بيئية كبيرة، ألا أن محاذير المرصد البيئي و هو يبدي ارتساماته بشأن المشروع لم تحمل على محمل الجد.
و فضلا عن موقف المرصد البيئي من اتخاذ مجرى وادي سوس لتفريغ المياه العادمة التي يطرحها المشروع، غيبت ارتسامات الوكالة الحضرية و مندوبية وزارة الطاقة و المعادن، و أمعن المشروع في التفاعل السلبي مع محيطه البيئي، و هو اليوم في صدام مع ما هو بديهي من قوانين بيئية، عادت بالأذهان إلى تفكيك علة وجوده بالمنطقة في ظل التباسات تلازم بنية الأرض الني يتربع عليها، حيث رمت ارتسامات وكالة الحوض المائي سوس ماسة بحجر ثقيل حرك رواكد الأسئلة بخصوص الملكية الأصلية لهذا المشروع طبقا لوثائق المحافظة على الأملاك العقارية. في تساوق مع أسئلة أخرى أثارتها في الشارع الإنزكاني نهاية الأشغال التي قد تكون خولت تفويت العقار من شخص إلى آخر . و هو ما يقود، بوضوح بالغ، إلى السقوط في خرق فتوى المجلس العلمي التي أوردت تفاصيل عن المناطق الوقائية قصد تشييد بناء قرب مقبرة.
سوق ثلاثاء واكسيمين .. من زمن الحرائق إلى زمن الخوارق
نسج ساكنة إنزكان علاقة تاريخية وطيدة مع سوق الثلاثاء، الذي عرف في بداياته الأولى باسم”ثلاثاء واكسيمين” و ظل ينعقد بشكل أسبوعي مستقطبا قبائل مسكينة و اشتوكة وكسمينة.
و بتغيير موقعه سنة 1969 من مكان بقرب ضريح “سيدي الحاج امبارك” إلى مكانه الحالي، استطاع السوق أن يستقطب اهتماما واسعا لدى تجار و ساكنة مجمل المناطق السوسية، و ظل يحقق رواجا سرعان ما بات يسيل له لعاب كثيرين، خصوصا عندما ارتقى إلى مركز تجاري امتدت علاقاته لتشمل الأقاليم الجنوبية و عددا من الوجهات الافريقية.
هذا الإشعاع الإفريقي و ارتفاع جحم الرواج التجاري لهذا السوق لم يشفع له ليحظى بما يليق به من عناية على مستوى البنيات التحتية، لكن الحرائق كانت طامته الماحقة التي كبدت التجار خسارات بمئات الملايين و تكلّفوا من مالهم الخاص بإعادة بناء محلاتهم. و في حينها طرح السؤال الاستنكاري المستعاد بخصوص فوهات الوقاية المدنية. لكن أسئلة أخرى يطرحها واقع هذا السوق ليس أقلها أهمية الاستفهام عن ظروف و ملابسات تفويت كافة الإدارات المتواجدة بالسوق.
إن القفز على القانون هو ما يسوغ وضع مبان مخصصة داخل السوق كمقرات لإدارات و مصالح أمنية، بيد من استفاد من صفقة كراء السوق. و إلا كيف يمكن تفسير واقع وضع اليد الذي يمارس صاحب الصفقة على مقرات الشرطة و الإدارة التابعة للشرطة الإدارية و القوات المساعدة و الجبايات) و كيف، يتم تبرير استغلاها من طرفه.
و ثمة ما هو أدهى فقد كانت مقولة ” مصائب قوم عند قوم فوائد” تتجسد حرفيا و لا سيما في أعقاب طامة الحرائق التي شبت بالسوق، إذ كان هناك من يخطط لتحويل مأساة التجار إلى ملهاة مدرة للعائدات، أو على الأقل للمنافع و الفوائد، و علامة ذلك أن أصدر المجلس الجماعي لإنزكان قرارين استنسخ الثاني مضامين الأول و أربك نشاطه التجار بالجناح 8 بالسوق.
بعد إصدار رئيس المجلس إعلانا يدعو تجار السوق إلى الإلتزام بنشاطهم التجاري الأصلي، لم يتردد نائبه قرارات تبيح ذلك لبعض التجار، دون تورع من مغبة مخالفة قانون الذي يؤكد على عدم تفويت الاستفادة لشخص آخر و يجعل ذلك من موجبات سحب القرار.
و في الجزء الذي ينعقد به السوق اليومي كيف تتم عمليات الاستخلاص، خاصة تلك المتعلقة بأملاك الدولة و هل يدرجها كناش الجبايات ما دام نصف المساحة في ملكية الدولة والنصف الآخر في ملكية الجماعة.
سوق الجملة للخضر و الفواكه .. سنوات من الاعتباطية تساءل قانونية المشروع
لم يعرف عن سوق بيع الخضر و الفواكه بالجملة و نصف الجملة في انزكان سوى كونه قطبا تجاريا يمتد صيته عميقا في انجاه الجنوب المغربي و منه إلى خارج الحدودـ فقد تحول بمرور السنين و اطرادأنشطة التجارة و تواتر الأخبار عن جودة السلع و وفرتها و اعتدال أثمتنها، إلى مزود رئيسي لعديد من المناطق في العمق الأفريقي، فضلا عن ترسيخ مكانة مميزة في المغرب.
تمكن السوق من مواكبة التحولات المتسارعة و استطاع باستمرار أن يستوعب المتغيرات الطارئة على النشاط التجاري حتى بات دوره مركزيا في رفع رهان الإقلاع الاقتصادي المعتمد على تنمية المبادلات التجارية الكبرى. غير أن وضعيته ظلت تطرح ذات الأسئلة بشأن تدبير و تسيير الممتلكات الجماعية و أملاك الدولة. و هي أسئلة تلح الساكنة بإصرار في طلب الأجوبة الكافية و الشافية عليها.
لقد كان خروج رخصة نهاية الاشغال بهذا السوق الضخم مدعاة للتساؤل قبل أي شيء آخر عن توقيع كل اللجان على دفتر التحملات من باب المصادقة و لو المبدئية على الأقل. فهل وقع الجميع ؟ و هلذلك يعني مباركة الغياب الممنهج للشركة متعددة الخدمات التي لا يظهر أنها قد تفقدت السوق و وقفت على جودة قنوات الصرف الصحي؟ و لماذا حتى في وضعية هذا السوق يطالعنا سؤال فوهات الوقاية المدنية التي يتعين ألا تكون ديكورات بل فوهات مزودة بالمياه و معدة لتكون رهن إشارة الاطفائيين متى ما تطلبت الحالات الطارئة ذلك؟ .
و بالعودة الى الارتسامات التي تبديها بعض المؤسسات المتدخلة فإن السؤال يحوم مثلما الشكوك حول قانونية مشروع السوق اعتبارا لكونه في ملكية الدولة و ليس في ملكية الجماعة، و هنا توضع سنوات من الاعتباطية موضع تساؤل جوابه قد يكون في متناول المسؤولين أو ربما تكشف عنه تقارير الأجهزة الرقابية، و في طليعتها المجلس الجهوي للحسابات الذي طال المقام بقضاته في دهاليز المجلس الجماعي لإنزكان.
بارك خير .. استخفاف رسمي بالأضرار البيئية و تساهل مع المتأخرات الضريبية
يوم 21 دجنبر 2021 سيظل تاريخيا يرتبط في إنزكان بالانفتاح على الاستثمارات السياحية الكبرى، حيث شهد هذا اليوم افتتاح مشروع ” بارك الخير” الذي رافقته حملة دعائية واسعة النطاق حظي خلالها باهتمام اعلامي كبير بالنظر إلى الحلة المبتكرة التي خرج بها إلى الوجود و بالنظر أيضا إلى الطموحات الكبيرة التي رافقت الافتتاح.
لقد نجح المشروع في تجسيد شراكة تنموية حقيقية بين المجلس الجماعي لإنزكان و الخواص، بيد أن هذه الشراكة سرعان ما كشفت عن عيوب و خروقات نفت عنها أية صبغة جدية مدعاة، و جعلتها موضوع استغراب و دهشة خصوصا بعد شيوع أنباء تفيد أن لحظة نهاية الأشغال كانت بداية لاقتراف عديد من الخروقات، و هي خروقات لا تتوقف عند القفر كالعادة على ارتسامات مؤسسات متدخلة من قبيل المرصد البيئي الذي نبه إلى ما يمكن أن نصفه بـ”جريمة” المياه العادمة التي تصب في مجرى واد سوس. مع أن ” البارك” لا يتوفر على “حواجز وقائية حقيقية”.
إن توجسات الساكنة و بالخصوص الأسر التي تعود إليها ملكية جزء من العقار الذي بني عليه المشروع، تنصرف إلى محاولة فهم مسوغات تحفيظ ذلك الوعاء العقاري و الكيفية التي تم بها ذلك، مستحضرة منذ الافتتاح إشكالية الصمت الملازم لما تعتبره تراميا على عقارات لم تخضع للتطهير ، قبل وضعها رهن إشارة مشروع لا تخفي الوكالة الحضرية أن ذمة المستفيدين منه، قد تخلدت فيها متأخرات أربع سنوات من الضرائب.
المحطة الطرقية الجديدة .. مكانة إنزكان في فضاء أكادير الكبير فوق منطقة مهددة بفيضانات
بحضور رشيد المعيفي رئيس المجلس الجماعي لإنزكان و فياجتماع موسّع للجنة الإقليمية للتشاور والتنسيق انعقد تحت الرئاسة الفعلية لـ” إسماعيل أبو الحقوق“ عامل عمالة إنزكان أيت ملول تم التداول بشأن التصور الأولي لمشروع بناء المحطة الطرقية الجديدة للمسافرين من الجيل الجديد بإنزكان.
أكد ” أبو الحقوق” في هذا الاجتماع المنعقد يوم 21 فبراير 2024 بمقر عمالة إنزكان أيت ملول على مكانة انزكان في ” فضاء أكادير الكبير الذي يعد ضمن الاختيارات والوجهات المقبلة على استضافة عدة تظاهرات وطنية ودولية و على رأسها كأس العالم في أفق 2030 و كأس أمم أفريقيا في أفق عام 2025“. و منذ ذلك التاريخ و ساكنةانزكان تمني النفس بخروج المشروع إلى حيز الوجود، حيث ترى فيه نقلة نوعية تنطوي على قدرة هائلة على الاستقطاب السياحي و تسريع وثيرة التنمية المحلية.
و لم يكن الحضور الوازن لأعضاء اللجنة هو ما يضفي المصداقية على المشروع بل شكلت الحاجة الملحة إليه في ظل التوسع العمراني و النمو الديمغرافي للمنطقة دافعا تلقائيا لدى الساكنة للاعتزاز به كمنجز مرتقب، خصوصا و أنه سيقام بالجنوبي الشرقي لإنزكان (شارع الجيش الملكي – الطريق الوطنية رقم 10)، فوق وعاء عقاري تفوق مساحته 3 هكتارات، بمساحة مغطاة تتجاوز 32 ألف متر مربع.
فهل يمكن حقا أن تعقد كل هذه الآمال على باطل؟ و هل ستتمتع المحطة الجديدة بأية مشروعية قانونية مادامت مرشحة لتبنى في منطقة ” مدرجة ضمن المناطق المهددة بالفيضانات” وفق ارتساماتوكالة الحوض المائي. مما يعني حال التنفيذ ” تعريض أرواح و ممتلكات المواطنين للخطر”.
كما أن البناء و هو يتم فوق وعاء عقاري في ملكية الدولة يعيد عقارب الزمن إلى الصفر ليرشح الجميع بسؤال عن “دراسة المشروع “، هل استحضرت الأبعاد الاجتماعية و الاقتصادية و البيئية؟ و هل كان مبدأ تكافئ الفرص و ضمان المنافسة الشريفة هو المؤطر لمراحل إعداد التصميم الهندسي للمشروع؟ أم جهة ما تمكنت من فرض مهندس موال لها و أسندت إليه المهمة بعيدا أن أية منافسة؟
مجلس لمعيفي بين قضاة العدوي و وزارة الفتيت
إن هذا الواقع الذي يصبغ الممتلكات الجماعية بانزكان بلون القتامة تدبيرا و تسييرا، و يلطخ شفافية التعاطي مع ممتلكات الدولة بمسحة ضبابية من الغموض و الالتباس، لم ينجح، في التواري عن اهتمامات المواطنين و من غير المرجح أن ينطلي على المهتمين بالشأن المحلي . و إن لم يكن يسترعي اهتماما كافيا من طرف صناع القرار بإنزكان، و لا يستدعي فيهم نوازع الخير لمجابهة نزيف متواصل يعصف بعدد من الممتلكات، فإن القانون يبقى الفيصل بين الطرفين، و قد لا تكون مذكرة الفتيت سوى بداية تعري ممارسات خطيرة، او اهمالا مزمنا، أو سوء تدبير و تسيير، او غير ذلك مما لن تخطئه – بأي حال من الأحوال- تقارير قضاة المجلس الجهوي للحسابات.
فهل نشهد قريبا أي تحرك من المجلس الجماعي لإنزكان في سياق التعجيل بتنزيل مذكرة وزير الداخلية؟ و إذا عجل المجلس بذلك فهل يكون قادرا على تصحيح الإختلالات و مراجعة الأوضاع القانونية لممتلكاته التي يشوب بعضها الاضطراب؟ أم أن الكلمة الأخيرة في هذا الصدد ستبقى لمجلس الحسابات و لوزارة الداخلية و مذكرتها التي لم تراوح مكانها بمكتب رئيس الجماعة؟.