حقائق24
تعاظم قبل المؤتمر الأخير لحزب العدالة والتنمية وبعده عدد المبشرين بعودة حزب بنكيران الى الحكومة، في مواجهة من يروجون لأزمة داخل التنظيم الإسلامي الوحيد المسموح له بممارسة العمل السياسي في المغرب.
بمرور الزمن السياسي الذي دخل مبكرا مرحلة العدد العكسي لانتخابات عنوانها ” حكومة المونديال ” ترتفع أسهم بنكيران مع ارتفاع صوته وهو يتفكه وسط أعضاء حزبه، ويرشق جراحات خصومه السياسيين بالملح مميزا في خطاباته، بين ماضي الحزب وحاضره، وراسما أفقا مداه العودة المظفرة إلى الحكومة، أو العودة من الغنيمة بالإياب، في اسوء الأحوال، وفق تصريحاته.
الزعيم الإسلامي لا يؤمن بالمستحيل والصعود من جديد إلى سدة الحكومة ممكن بالنسبة إليه. ولذلك فلا تعليق على خرجاته الخطابية لأن أحد أدوار أي زعيم سياسي هو تحفيز مناضلي حزبه وتعبئتهم للدفاع عن ايديولوجيته وخدمة برامجه والانخراط في ترويج خطابه السياسي.
لا تعليق لأن بنكيران كباقي زعماء الأحزاب – في هذا التوقيت المحموم- شرعوا في التنافس على النهوض بأدوار التحفيز والتعبئة، ونصب العيون ” حكومة المونديال”. لكن من اين يستمد المبشرون بعودة العدالة والتنمية ذلك اليقين الذي تشي به قوة تصريحاتهم وشدة إصرارهم على أن الإسلاميين عائدون لا محالة؟.
لو كان أولئك المبشرون من المنتمين لحزب العدالة و التنمية فهمنا -بتبسيطية اقرب الى البداهة – أن التحيز للحزب ماثل في تصريحات مناضليه، و أن خطابات بنكيران أفلحت في تعبئة الإسلاميين لخدمة أجندة تبييض الوجه و العودة إلى الأضواء على صهوة تحد عظيم يطاول صولة أخنوش و فاطمة المنصوري و نزار بركة الذين خرجوا في تباعا، خلال السنة الجارية لتأكيد قوة أحزابهم و قدرتها على تصدر نتائج الانتخابات المقبلة.
لقد جاء هذا التبشير حتى من خارج التنظيم بتعبير الإسلاميين، و لا نعرف هل استند في وتوقيته الاستباقية، فقط إلى تعاطف شخصي يرى في عودة العدالة و التنمية خلاصا للبلاد من أزمات تفجرت بين يدي أخنوش، وأرهقت وطأتها عموم المواطنين، بيد أن لها امتداداتها التاريخية التي تعود إلى عهد حكومتي العدالة و التنمية،( بنكيران والعثماني) وإلى حكومات سابقة. أم أنه يستند إلى ” الطفرة التنظيمية” التي أحدثها بنكيران في حزبه قبل انعقاد المؤتمر التاسع و يواصل عبرها حشد همم البيجيديين، بعد المؤتمر، ام أن هذا الموقف الواثق يستشرف حدوث تصويت عقابي ضد حكومة أخنوش، على أن يكون البديل هو حزب العدالة و التنمية؟.
إن الذين يرون أن العدالة و التنمية تعرض لتصويت عقابي خلال انتخابات شتنبر2021، لم يستمعوا جيدا إلى تصريحات بنكيران وعدد من قيادات حزبه بشأن ما جرى في تلك الانتخابات، وهي تصريحات تقر بوجود “سلوك عقابي” لكنها لا تجزم بصدوره عن الكتلة الناخبة، وتذهب إلى حد توزيع التهم يمنة ويسرة تفسيرا منها لهزيمة قزمت حضور حزب الإسلاميين ليس فقط في غرفتي البرلمان بل أيضا في المقاطعات و المجالس الجماعية والإقليمية ومجالس الجهات. والذين يراهنون على التصويت العقابي ضد حكومة أخنوش في الانتخابات 2026، هم أدعى اليوم إلى إعادة الإنصات لتصريحات بنكيران و قيادات بيجيدية أخرى.
في الواقع لا شيء يحصن أحزاب الأغلبية الحكومية من التعرض للتصويت العقابي، فرغم كل ما يمكن أن يقال عن السلوك الانتخابي لفئات واسعة من الناخبين، ورغم خروج قيادات تلك الأحزاب للنهوض بأدوار التعبئة والتحفيز، استعدادا لملاقاة الناخبين، يبقى كل شيء واردا. وفي هذه الحالة لم يتوهج في سماوات المبشرين غير ” مصباح” العدالة والتنمية.
في إشراقة شبه صوفية عفا البعض عن الزمن الانتخابي، ومن بوابة ضيوف المؤتمر، استبقوا الذكاء الاصطناعي، وأعلنوا تحالفات العدالة والتنمية من قيادات حزبية لبت دعوة بنكيران إلى مؤتمر ثبته زعيما لحزبه، لا رئيسا للحكومة. وذلك ما يقال أيضا عن الذين تحولوا إلى حركات تبشيرية حزبية، لا تدفع بالسجال السياسي نحو قضايا المجتمع، بل تستعير لسان التفاخر بالإنجازات تارة، و تحول السجال تارة أخرى نحو الآخر، حتى لو كان حليفا في الحكومة أو خصما عنيدا في المعارضة.