حقائق 24/ حسن . إ
في مدينة يُفترض أن تكون مناراتها الثقافية والسياحية عنواناً للانفتاح والتواصل، يعيش الصحافيون والمراسلون المحليون بالصويرة واقعاً أقرب إلى الإقصاء المقنن. فالحديث عن حرية الصحافة بالمدينة يبدو مجرد شعار فارغ أمام ممارسات يومية تُقصي الإعلام وتقص جناحيه، في مشهد عبثي يُكرّس التعتيم بدل الشفافية، ويزرع الحواجز بدل بناء جسور الثقة.
عدة تظاهرات كبرى، مهرجانات ومؤتمرات، تمرّ مرور الكرام دون إشراك الإعلام المحلي، وكأن الصحافي عدو يجب تحييده، لا فاعل يجب دعمه. لا دعوات تُوجّه، لا شارات تُمنح، لا معطيات تُوفر، وفي بعض الأحيان تُغلق الأبواب في وجه المصورين وكأنهم لصوص لا مهنيو تواصل. هكذا يُعامل الصحافي في الصويرة: كمتطفل لا كشريك، كخطر محتمل لا كعين المدينة ولسانها.
الأسوأ من ذلك، أن العديد من الإدارات والمؤسسات العمومية باتت تتعامل بازدواجية فجّة مع المنابر الإعلامية، تُغدق الدعم على من “ينقل ما يُطلب منه فقط”، وتتجاهل أو تُقصي كل صوت حر قد يزعج الصورة المصقولة سلفاً. وهو ما يُفرز نوعاً من الإعلام المُؤدلج، ويخنق أي مساحة للنقد أو المتابعة الجادة.
أما الجسم الصحافي المحلي، فبدوره غارق في التشتت والانقسام، بلا نقابة فعالة، ولا تنسيق جماعي، ولا كلمة موحدة. كل يغني على ليلاه، ويبحث عن موطئ قدم في مشهد مرتبك، لا يؤمن بالتضامن المهني ولا ببناء جبهة موحدة للدفاع عن الحق في التغطية والمعلومة.
وتزيد الجمعيات والفعاليات المدنية الطين بلة، حين تنغلق على نفسها، وتقصي الصحافة من أنشطتها أو تتعامل معها بمنطق نفعي موسمي، بدل اعتبارها شريكاً أساسياً في البناء والتواصل والتأثير.
أمام كل هذا، لم يعد الأمر مجرد سوء تنسيق أو تقصير عابر، بل أصبح أقرب إلى سياسة ممنهجة لتهميش الإعلام المحلي، وقص أجنحة أي صوت قد يُحرج أو يُسائل أو يُزعج. ولذا، فإن الوقت قد حان لوقفة حقيقية، صريحة وبدون مجاملة، تُعيد الاعتبار للصحافي بالصويرة، وتضع الإعلام في مكانه الطبيعي: مرآة للمجتمع، لا كائن غير مرغوب فيه.