حقائق24
إيمان رضيف
مغاربة يتسولون في بلاد الحرمين ويتاجرون في الأثواب وآخرون يعقدون صفقات ضخمة
الكثير من المغاربة المسلمين، يسعون إلى زيارة بيت الله الحرام، ولأن الحج يتطلب الكثير من الإجراءات، لا تبقى أمامهم سوى فرصة أداء العمرة لتحقيق الهدف. لكن زيارة ذلك المكان، لا تعني دائما، الخشوع والتقرب من الله، و«غسل» الذنوب، لأن وراء تلك الزيارة أهدافا أخرى، قد تكون خفية، أو غير ذلك، إلا أنه يفضل عدم التطرق إليها، باعتبار أنها مرتبطة بمكان مقدس.
عالم المعتمرين كبير. وتفاصيله متشعبة ومتداخلة في ما بينها. ولن يعرف أحداثه سوى الذي يتخبط في خباياه وأسراره. إنه عالم يمتزج فيه احترام الدين الإسلامي بالمصالح الخاصة. ويجمع بين الخوف من الله والخوف من «الفضيحة». نقط كثيرة يتطرق إليها محمد بومزكن، مؤطر الحجاج والمعتمرين منذ أزيد من 20 سنة، سنتعرف من خلالها على عالم العمرة، وكيف يراها المغاربة الذين أصبحوا يتهافتون عليها، إلى درجة أنها أضحت عادة لابد منها؟ كما سنتعرف من خلال بومزكن على علاقة المغاربة بالعمرة وأهدافهم المتوخاة منها.«الكثير من المغاربة المعتمرين يشوهون صورة بلادهم بتصرفاتهم، إلى درجة أنني أخجل من كشف جنسيتي للأجانب، بعد أن أصبحت سمعة المغاربة مرتبطة بالتسول وأشياء أخرى»، هذا ما أكده الحاج محمد، خلال حديثه مع «الصباح»، مؤكدا أن نسبة قليلة من المغاربة لهم هدف ديني من العمرة والمتعلق بالتقرب من الله «أغلبية المعتمرين يقصدون ذلك المكان من أجل التجارة أو التسول أو مصالح خاصة وتوقيع صفقات بملايين الدراهم». يقول الرجل، الذي رافق الآلاف من المغاربة في رحلتهم لأداء مناسك العمرة، إن واقع الأخيرة مختلف عما يعتقده الكثيرون، مشيرا إلى أن «التغلغل» في تفاصيل ذلك العالم يكشف أشياء من الممكن أن لا يصدقها العقل البشري «مرافقتي للمعتمرين سنوات طويلة، جعلتني أكوّن فكرة مغايرة عن ما كانت لدي سابقا، اكتشفت مع مرور الوقت أن أهدافهم مختلفة، ومن الممكن أن تكون بعيدة كل البعد عن ما هو ديني، ففئة كبيرة، وبعد أن تحط أقدامها في الديار المقدسة، ترتدي لباس التسول، وتمد يدها للغير للحصول على بعض الريالات، رغم أن البعض منهم من فئة ميسورة أو متوسطة الحال». تعتقد هذه الفئة، أن بتغيير لهجتها والتحدث بالمصرية أو السورية من الممكن أن تخفي جنسيتها، إلا أن الأمر لا ينجح دائما، وتنكشف جنسيتهم وبأنهم مغاربة وضعوا سمعة بلادهم تحت أقدامهم.يضيف بومزكن أنه وجد نفسه، أكثر من مرة، في مأزق بعد أن حُبس بعض المعتمرين الذين كان يؤطرهم «في أحد الأعوام استدعتني الشرطة السعودية بعد أن اعتقلت مغاربة كانوا يتسولون. لم أستطع فعل شيء سوى الاستسلام للأمر الواقع. أتذكر أنهم قضوا شهرا كاملا في السجن قبل أن يرحلوا إلى المغرب». يقول الرجل إن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يتجاوز ذلك ليصل إلى درجة دخول المعتميرن المغاربة إلى عالم التجارة، إذ أنهم لا يهدفون من زيارتهم بلاد الحرمين، سوى إلى التبضع واقتناء كميات كبيرة من الأثواب ونقلها إلى المغرب من أجل بيعها بأثمنة تفوق أسعارها الحقيقية «المعتمرون المغاربة أصحبوا من الزبناء المفضلين لدى المحلات التجارية بالسعودية، نظرا للإقبال الكبير على بضاعتهم».بعيدا عن التسول، وقريبا من التجارة، يؤكد محمد بومزكن أن الفئة الثالثة من المعتمرين المغاربة، يهدفون إلى عقد صفقات في ذلك المكان والتقاء الشخصيات النافذة والمهمة «لا يمكن أن يتصور العقل ما يمكن أن يفعله المغاربة هناك. كل الطرق مباحة من أجل تحقيق أهدافهم البعيدة عن الدين الإسلامي، وهذا ما يفسر تهافتهم على العمرة بشكل كبير، إذ أن بعضهم يحرص على زيارة ذلك المكان أربع مرات في السنة لتحقيق تلك الأهداف». ولا يقتصر مبتغى المعتمرين المغاربة على التسول والتجارة وعقد الصفقات المهمة، إذ يتجاوز الأمر ذلك، باعتبار أن بعض المعتمرين يجدون أن قضاء العمرة، موضة العصر، وعوض السفر إلى بعض الدول الأجنبية، يفضلون أداء مناسك العمرة، «الإقبال الكبير على العمرة، يضع الكثير من التساؤلات، سيما أنه من خلال تجربتي، اكتشفت أن الأمر لا يتعلق بالعبادة»، مضيفا أن معتمري التسعينات يختلفون كثيرا عن المعتمرين حاليا «الفرق شاسع بين المغاربة الذين كانوا يعتمرون في السابق واليوم. الفرق أكبر مما يمكن تصوره، ورغم أن المعتمر سابقا كان يتكلف بكل شيء عوض وكالات الأسفار، الأمور كانت جيدة، والعمرة تمر في أحسن الظروف».من جهة أخرى، ذّكر محمد بومزكن بالمشاكل التي من الممكن أن تواجه المعتمر بسبب وكالات الأسفار، مؤكدا أن الكثير منهم يواجهون مشكل الإقامة، إما أنها غير متوفرة أو أن ما اتفق عليه مع الوكالات لا علاقة له بالواقع «رغم كل تلك المشاكل، يصر المغاربة على العمرة، وعلى أداء مناسكها أربع مرات في السنة».