تحقيقات

البركاكة ديال المخزن … من هم وكيف يشتغلون ؟

حقائق24 — مجلة حقائق مغربية

مخبرون ” بركاكة ” ” جواسيس” كلها سماء و القاب يحملها اعوان ينقلون معلومات و يتحسسون الاخبار بالليل و النها.يحاولون تبادل المعلومات فيما بينهم و بين القطاعات الامنية  من اجل استجماع الاكثر و ارضاء الرؤساء لنيل عطفهم و ترقياتهم, او حتى توظيفهم متى كانت المناسبة سانحة.

بداية المسار والمساق :

اكثر شيئ يمكن ان يشد انتباهك و انت تحضر انشطة حزبية او ثقافية او مدنية او غيرها, الا وتجد عيون هؤلاء تحرق المراحل وتسابق الاحداث و الزمن من اجل الظفر بمعطيات النازلة, قصد نقلها الي ممثل السلطة بالدائرة الترابية و منها الى رئيس الدائرة او المنطقة الحضرية او الباشا و بعدها الى قسم الشؤون العامة بالعمالة او الولاية وفى مرحلة اخيرة نحو مصالح وزارة الداخلية.

كيف يشتغل هؤلاء :

كل مسؤول ترابي في احتكاكه المباشر و اليومي مع المواطنين, يجيش عددا من المخبرين اللذين يشتغلون لصالحه, الهدف الاول استباق اية معلومة قصد تحويلها الى اخبار  واخباريات قصد التحصين و المواجهة و اتخاد الموقف المناسب. هؤلاء يغطون مختلف المنتديات, بدءا من المقاهى و اللقاءات العامة و الخاصة, يوظفون مقربين منهم ذوو علاقات خاصة كما يوظفون الهواتف المحمولة  التى توضع رهن اشارتهم بعضهم رسمي و الاخر متعاون باجور متفاوتة و اخرون يوظفون بشكل مؤقت عبر بطائق الانعاش الوطنى او ماشابهها.

يشتغل لصالحهم السياسي و النقابي و الموظف و الاجير و العون و البقال و الطالب و غيرهم و أحيانا الصحافي, اما بمقابل مادي او يمنحهم خدمات و اسبقيات المرور في احايين اخرى المهم تحقيق السبق فيما يحدث و ما سيحدث وما وقع لفهم حقيقة ما يجري و تركات هذا و ذاك و انتماءات هاته المجموعة و تلك.

يقول احدهم نغطي جميع المنتديات و نربط علائق مع كافة القطاعات “المهم حتى حاجة ماتدوز علينا  باردة, نجيبو لخبار و لاباس”. مدلول هذه العبارة يكشف طبيعة اشتغال هؤلاء و جاهزيتهم فى اي لحظة للقيام بالمهمة على احسن وجه “تحصنا للدفاع عن الوطن و خدمة لأهله” يعلق أحد المتتبعين.

حينما تأتي التعليمات بترصد هذا التنظيم او الشخص او الهيئة يفعل هؤلاء المستحيل, يتصلون بالمقربين من اجل استجلاء كل التفاصيل, و يربطون العلاقات من اجل التوصل بمعلومات عن الموضوع المستهدف و ملابساته, وقد يضعون رهن اشارة  ” فاعل خير” هاتفهم النقال من أجل الاتصال بالمصدر و تقديم توضيحات او توظيف سيارة لاجل التنقل و القيام بالمتعين,غير ان كل ذالك لا يخلو من مغامرات قد يدفع ثمنها غالبا هؤلاء” المخبرون الصغار” اما باحراجهم من قبل المستهدفين بالترصد كما حدث لاحد المخبرين في احداث سيدي افني اذ تم الاعتداء عليه من قبل شباب المدينة بدعوى انه مخبر حضر لنقل التقارير الى من يهمهم الامر.

المصير كان صعبا للموظف المخبر اعتداء و ضرب و جرح,و الشباب شملهم الاعتقال و المتابعة و الزج بهم في غياهب السجون , التهمة ” إهانة موظف عمومي اثناء مزاولته لمهامه والضرب و الجرح” العقوبة ما بين ست اشهر و سنة سجنا نافذا ” كل واحد جابها فعظامو ” يعلق متتبع للنازلة.

أحيانا يتورط هؤلاء المخبرون حين يكون هناك لقاء حزبي أو ما شابهه ذو صبغة خصوصية يحاولون الدخول فيجابهون ” ” هل عندك دعوة ؟ ” الامر يسبب لهم احراجا و مخاطرات قد لا تحمد عقباها, و في الان نفسه تنكشف طبيعة مهمتهم أمام الملأ و يصبح مشارا اليهم أمام العيان في كل لحظة و حين, الكل يتهرب منهم و يخاف منهم و لا يتعامل معهم, لتقل معهم بورصتهم فى تحقيق السبق و الاستباق نحو المعلومة ليزفها الى المسؤولون الاعلون وهكذا.

إشارات و غمزات :

اذا كان اشتغال هؤلاء المخبرين ” متطوعون واجراء ” يتم لصالح اجهزة الدولة طبعا, بمقابل او بدونه, فانهم يتمتعون بنوع من الحصانة داخل المجتمع, يراهم البعض عيون المخزن التى لا تنام, فيما ينظر اليهم اخرون على انهم سخروا لمواجهة هذا الطرف او ذاك الشخص و تلك المجموعة,يترصدونهم حماية لارواح المواطنين  و المصالح العليا كما يقولون.

رغم كونهم الاكثر احتكاكا و مواجهة و الاهم مصدرا, بيد ان اجورهم هزيلة و قليلة و احيانا متاخرة,يعانون قل ذات اليد و العمل بالليل و النهار دونما تعويضات تقيهم المسؤولية الثقيلة التي يباشرونها على ارض الواقع و التي تخفي مشاكل كثيرة بحاجة إلى نفض الغبار و اعادة رد الاعتبار.الحاجة اليوم الى مخبرين في اجهزة الدولة ضروري و لا محيد عنه,و المغرب ليس مستثنى عن غيره,غير ان ما ينبغي ايضا هو تطوير اشكال اشتغال هذا الجهاز بدل ممارسة لعب القط و الفار مع من يترصدونهم بهدف الايقاع بهم و مجابهتهم.

نحن بحاجة إلى مراجعة هؤلاء كضرورة مستعجلة, من أجل تغيير نظرة المجتمع اليهم و نظرتهم الى المجتمع و خلق ظروف مواتية تبصر السبب العميق في مفهوم ” المخبر” و طبيعة عمله و اشتغاله.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى