مجتمع

كيف نجنب المراهقين من الاضطرابات الجنسية

سن البلوغ تبعث في نفس المراهق ثورة نفسية عميقة الأثر، وهنا تلعب الغدد الجنسية وظيفتها في زيادة قوة النشاط الفيزيولوجي والعقلي والروحي. وفي الوقت نفسه تفرز في الدم موادا معينة تطبع الخصائص الذكرية أو الأنثوية المميزة على أنسجتها وأخلاطنا وشعورنا.
هذا ومن أبرز المشاكل التي تظهر في مرحلة المراهقة: الانحرافات الجنسية، مثل الجنسية المثلية أي الميل الجنسي لأفراد من الجنس نفسه، والجنوح، وعدم التوافق مع البيئة، وانحرافات الأحداث من اعتداء، وسرقة وهروب. وتحدث هذه الانحرافات نتيجة لحرمان المراهق في المنزل والمدرسة من الرعاية والإشراف، وعدم إشباع رغباته، ومن ضعف التوجيه.. لذلك ينبغي أن يلم المراهق بالحقائق الجنسية عن طريق دراستها دراسة علمية موضوعية.

تصورات خاطئة لدى المراهقين حول الشهوة الجنسية

لدى الطفل إلحاح وفضول جنسيان، وببلوغ سن المراهقة فإن هذه الحاجات تتقوى وتزداد. فترة المراهقة فترة رغبات جنسية قوية وقد ثبت أن ما يزيد عن 95 في المائة من المراهقين الذكور يكونون فعالين جنسيا حين بلوغهم الخامسة عشرة من العمر، وهو ما يعني انغماسهم في ممارسات، من قبيل الاستمناء والاحتلام والجماع والغزل. وهنا تبرز الحاجة الكبرى للتربية الجنسية. فإن المراهق بحاجة لمساعدة في ما يخص مشاكله الجنسية، وفي إمكان المدرسة والبيت أن يساعدانه كثيرا بهذا الخصوص، إذ أن هذه الشهوة هي أكثر الشهوات تأثيرا على الإنسان وأعصاها.  هذا بالإضافة إلى أن مراهقي اليوم يواجهون ثقافة يستحوذ عليها الجنس، والجاذبية الجنسية، والإشباع الجنسي دون خجل. فبرامج التلفزيون والأفلام والدعايات في المجلات والجرائد والتلفزيون ولوحات الإعلانات، فضلا عن «موديلات» الملابس غالبا ما تكون صريحة في محاولتها إثارة الغرائز، وكثيرا ما يرضخ المراهقون أمام مثل هذه الضغوط البيئية لإشباع رغباتهم، من خلال الشهوة، ومن خلال المواجهات الجنسية الفعلية التي تثيرها تلك الرغبات.
لذلك من المفضل أن يواكب الأهل دائما أولادهم ويراقبوا سلوكياتهم الجنسية لكي لا يحدث أي أمر يؤثر عليهم سلبيا. فكثير من الأهل وحتى المربين لا يمتلكون برنامجا واضحا لتقديم المعارف الضرورية للمراهقين حول الجنس. وفي بلادنا تصبح مشكلة الجنس لدى المراهقين، حالة من حالات الغموض والقلق والتخبط الذي يجعل المراهق أسير تصورات خاطئة حول الدافع الجنسي ووظيفته الاجتماعية ومظاهره الفيزيولوجية التي تبدأ بالظهور لدى المراهق، إن في علاقته بجسده أو في طريقة تفكيره..
فأي تصورات يمكن أن نتطرق إليها لدى الحديث عن تفتح الهاجس الجنسي لدى المراهقين؟
✹ العيب : يمثل «العيب» المفردة الأكثر التصاقا بالجنس في خيال المراهق. فالجنس ممنوع الحديث عنه مع الكبار، وممنوع التفكير فيه بشكل علني حتى لو أخذ هذا التفكير شكل الأسئلة البريئة أو الفضولية التي تبحث عن جواب. الجنس هو العيب حقا، وإلا لما مارسه الكبار في غرق مغلقة وبعيدا عن أعين الناس. ولعل هذا التصور يجعل المراهق يتعامل مع الجنس إما باعتباره تجاوزا يجب أن يمارس خارج القانون الاجتماعي والأخلاقي، أو بوصفه حالة من الابتذال ينبغي على كل شخص مهذب ألا ينزلق لممارستها،  وغالبا ما يصدر المراهق حكمه ذاك حتى على العلاقة الزوجية المشروعة التي لا يفهم مدى مشروعيتها بدقة، لأن لا أحد قال له إن الجنس متعة طبيعية للبشر وتمارس ضمن شروط ونظم ومعايير، ويترتب عليها مسؤوليات أيضا.
✹ الإثم: الجنس فعل آثم.. ويتعزز هذا التصور لدى المراهق، عندما يتطور مفهوم العيب الأخلاقي المرادف للجنس في نظره، مع حالة الكراهية والنفور من هذا الشيء باعتباره خرقا فاضحا للقيم. وقد يساهم هذا في إصابة المراهق بعقدة نفسية تجاه الممارسة الجنسية، كأن ينظر إلى أمه نظرة مشوبة بالانزعاج، إذا لاحظ أن والده ينظر إليها نظرة إعجاب، أو يلاطفها بعبارات الغزل التي تمهد للقاء الجنسي. ولهذا قد يعتقد المراهق في لحظة من اللحظات أن الجنس هو فعل يجلب الإثم إلى صاحبه، فينظر إلى أي مظهر من مظاهره نظرة مليئة بالرفض والنفور، وقد يستمر معه هذا الرفض والنفور ليشكل حاجزا أمام الممارسة الجنسية الطبيعية مستقبلا.
✹ الاقتناص : من التصورات الخاطئة لدى المراهقين أيضا، أن الجنس – كفعل سري كما ذكرنا – عالم نقتحمه اقتحاما، وليس له باب مشروع للدخول إليه، وأن الفرصة لممارسته هي ضربة حظ قد تسنح لنا إذا عرفنا كيف نقيم علاقة مع الطرف الآخر، وأن الحصول على اللذة الجنسية هو أشبه باقتناص صيد ثمين إذا عرفنا كيف نحدد الهدف. فتسيطر هذه التصورات على خيال المراهق في كل مظاهر الجنس، لذا نراه يحاول أن يتحين الفرصة لمغازلة فتاة جميلة مارة في الشارع، أو لمشاهدة مشهد مليء بالقبلات الحارة في فيلم ما، أو مشاهدة فيلم خليع، أو حتى الحصول على صور فاضحة، إلى غير ذلك من الممارسات التي تزيد الرغبة الجنسية لدى المراهق اشتعالا، وتضر بسلوكه وتفكيره ورؤيته للعلاقة الجنسية المشروعة ككل.
✹ التعبير عن الرجولة : بعد فترة من الفترات يرتبط الجنس في خيال المراهق بمفهوم الرجولة، وثمة رفاق سوء يصورون لمن حولهم أنهم كبروا في السن وأصبحوا رجالا لأنهم قبلوا فتاة، أو مارسوا الجنس معها، وعرفوا كيف تتم العملية الجنسية. وبالتالي فهم يتحدثون مع المراهقين الآخرين بنوع من التبجح والاستخفاف لأنهم لم يصبحوا رجالا مثلهم ما داموا لم يمارسوا الجنس ولا عرفوه معرفة حقيقية.. وهكذا ترتبط الرجولة في خيال المراهقين الذكور بمفهوم الممارسة الجنسية حصرا، ويعتقد المراهق أن عليه كي يكبر ويصبح رجلا، ويصبح له وزن في مجالس الرجال، عليه أن يمارس الجنس، مما يجعل سلم القيم الحقيقي للرجولة ينهار في نظره، فالرجولة المرتبطة بالإحساس بالمسؤولية والصدق في الوعد، والصبر على تحمل الشدائد تصبح في مرتبة أدنى أمام هذا التصور الجنسي الخاطئ.
إن الأسرة والشارع والبيئة المحيطة تلعب دورا كبيرا في تنمية هذه التصورات الجنسية الخاطئة، سيما أن البيئة المتشددة والمبالغة في صورتها المحافظة، تنتج مثل هذه التصورات في خيال أبنائها مثلما تبدو البيئة التي تغيب فيها أبسط الضوابط الأخلاقية مسؤولة عن فساد المراهق وانحرافه تحت تأثير تصورات شقية لا تقيم للعفة وزنا أو معيارا

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى