تحقيقات

بنكيران في الميزان : هل شكلت حكومة العدالة والتنمية خطرا أمنيا على المغرب؟

unnamed-3

مجلة حقائق مغربية   

 

في انتظار أن يدق يوم السابع من شهر أكتوبر القادم طبول حرب انتخابية تشريعية جديدة قد تعيد بنكيران إلى الواجهة أو تزيحه من دفة التسيير الحكومي، يكون المغاربة قد أشبعوا حد التخمة بتقييمات مفصلة للحصيلة الحكومية على مختلف الأصعدة، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا أيضا. لكن هل انتبه المحللون إلى تقييم الحصيلة الأمنية لهذه الحكومة؟ وهل أصلا هناك من داع لهذا النوع من التقييم؟ وإن كان الأمر كذلك، فهل شكلت حكومة بنكيران تهديدا أمنيا للمغرب أم أنها جنبته إياه؟

 

الحاجة إلى تقييم أمني

للإجابة عن التساؤلات التي طرحناها آنفا، استضافت مجلة “حقائق مغربية” الخبير في السياسات العمومية، عبد الرحيم أريري (مدير نشر أسبوعية الوطن الآن وموقع أنفاس بريس)، الذي أكد في البداية أنه قد “جرت العادة عند الباحثين والسياسيين لدى تقييم عمل الحكومة وقراءة حصيلتها الاكتفاء بالمعطيات الاقتصادية وتحليل منجزاتها على المستوى الماكرو اقتصادي أو الاجتماعي أوالفني أو ما شابه. لكن التقاليد بالمغرب- حسب ما أعلم- لم تعرف بروز دراسات وقراءات وازنة للمخاطر الأمنية التي خلقتها حكومة عبد الالاه بنكيران منذ تنصيبها”. وعن سؤال عن جدوى هذا النوع من التقييم أصلا يجيب أريري أنه بات من المعلوم “أن التحاليل الأجنبية لا تهتم فقط بانعكاس تنصيب حكومة ما على السوق المالي، وهل ستنكمش البورصة أم لا. بل تذهب إلى وضع المخاطر الأمنية تحت المجهر كذلك”. وتأسيسا على هذا المعطى يعتقد أريري أنه “يحق لنا التساؤل عن ماهية المخاطر الأمنية التي احتدت في عهد حكومة بنكيران”. وهي المخاطر التي أجملها المتحدث في أنواع ثلاثة ارتفع منسوبها منذ مجيء بنكيران.

 

مخاطر الاحتجاجات

 

يذهب أريري إلى التأكيد أن “الاحتجاجات والمظاهرات كانت مألوفة في المغرب، خاصة منذ الانفتاح السياسي الذي بدأ في مرحلة التناوب الأول وفشل في مطلع تسعينات القرن العشرين. لكن مع حكومة بنكيران إزداد صبيب الاحتجاجات بشكل رهيب، لدرجة أن الإحصاء الرسمي الذي كشفه وزير الداخلية محمد حصاد في البرلمان أظهر أن المغرب في السنوات الأربع الماضية يعرف في كل يوم 55 مظاهرة احتجاجية (دون احتساب الرباط التي يحج إليها كل صاحب مظلمة)”. رقم يبدو بالنسبة لذات المتحدث مفزعا بشكل كبير. لماذا؟ يجيب أريري أن “هذا الرقم مفزع بالنسبة لدولة نامية وفقيرة من حيث الموارد المالية، على اعتبار أن هذه المظاهرات بقدر ما تعبر عن خلل في التقاط نبض المجتمع ووأد أسباب التوتر من طرف السلطات في المهد بحثا عن السلم الاجتماعي، بقدر ما يترتب عنها تجنيد الآلاف من رجال الأمن (شرطة وقوات مساعدة ودرك ووقاية مدنية). علما أن تسخير هذه القوات الأمنية، يستطرد الخبير في السياسات العمومية، يكلف موارد هائلة من حيث المحروقات والسيارات والأجور والساعات الإضافية. بل الأخطر من ذلك حسب ذات المتحدث، أن “تجنيد هذه الأعداد الهائلة من قوات الأمن لإخماد المظاهرات أو تأطيرها يتم على حساب أولويات أخرى تتجلى في التواجد بالشارع العام وفي الأسواق والساحات والغابات والشواطئ لضمان الأمن اليومي للمواطن. خاصة وأن كل أنواع الأجهزة الأمنية تشكو خصاصا رهيبا على مستوى الموارد البشرية، مما يعرض هذه العناصر للضغط والإرهاق، وبالتالي الاحتكاك السلبي مع المواطن والتأخر في تلبية مطالبه كالوثائق الإدارية والنجدة في الحالات الطارئة أو ما شابه ذلك”

المخاطر الارهابية

من ناحية أخرى، يشدد أريري في حديثه لحقائق مغربية على أن حكومة بنكيران كانت لها بصمة سلبية بخصوص المخاطر الإرهابية. حيث قال “نعم عرف المغرب الظاهرة الإرهابية منذ عام 2002 بتفكيك خلية مضيق جبل طارق ثم بأحداث 16 ماي الارهابية بالبيضاء. وإذا كان المغرب وبشهادة معظم القوى الأجنبية قد حصن نفسه بخبرة أمنية احترافية وفعالة في التصدي للإرهاب، فإن ذلك لا يمنع من القول أن مجي حكومة بنكيران وفر البيئة الحاضنة للجهاديين والمتطرفين بالمغرب”. لكن كيف ذلك؟ يعلل أريري بالتأكيد على “أن بنكيران وإخوته- ورغم أنه هو الذي يحكم- ظل يتحرش بالمقاربة المغربية لمحاربة الإرهاب ويشككون كحزب في أحداث 16 ماي. ولم يغيروا من موقفهم إلا مؤخرا عقب التهديدات الإرهابية التي وجهها جهاديون للوزير مصطفى الرميد. آنذاك عدلت حكومة بنكيران من خطابها (خاصة الحزب الأغلبي) في هذا الباب”. غير أن هذا التحول في تناول الظاهرة الإرهابية لدى بنكيران وإخوانه في العدالة والتنمية لم يسقط مسؤولية حكومة بنكيران في رفع منسوب التشددد والتطرف بالمغرب على حد تعبير ذات الخبير في السياسات العمومية، وذلك “بحكم الاختراقات التي مست مؤسسات رسمية موكول لها حماية الأمن الروحي المغاربة، من خطباء ووعاظ وأساتذة في التعليم العتيق أو التربية الاسلامية الذين استقووا على الموروث الديني للمغاربة بحكومة بنكيران، فتمطط التطرف والغلو بشكل وقح” يشرح أريري.

المخاطر الاستراتيجية

وعن سؤال عما يقصده بقوله أن حكومة بنكيران قد عبئا استراتيجيا على المغرب، يجيب أريري بأنه يقصد بذلك أن “أن حكومة بنكيران كانت عبئا على المصالح القومية للمغرب بالنظر إلى أنها لم تتمكن من التخلص من تبعيتها لقناعات زعيمها وتعارضها مع مصالح المغرب الاستراتيجية مع عدد من البلدان كمصر ودول الخليج. إذ أن المغرب له مصالح قومية مع هذه الدول، إلا أن حكومة بنكيران ظلت دوما تتحرش برموز سيادية بهذه الدول، مما انعكس سلبا على وثيرة الاستثمار وتخوف هؤلاء من الاستمرار في دعم المغرب، لولا أن الملك وبعلاقاته ووزنه بالخليج ومصر أمكن حفظ هذه المصالح الاستراتيجية من أن تعبث بها حكومة بنكيران. طبعا محافظة المغرب على هذه المصالح الاستراتيجية لم يكن بدون كلفة، وهذا ما اعتبره زيادة في إرهاق الدولة بأعباء هي في غنى عنها”.

 نخلص إذن، والكلام للخبير في السياسات العمومية عبد الرحيم أريري “إلى أن حصيلة بنكيران كانت كارثية بالمغرب على هذا المستوى الأمني. أما حصيلتها في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية فسيكون استبلادا مني لذكاء القارئ إن أطنبت في إبراز السجل الأسود لبنكيران”. ألم تتسبب حكومة بنكيران في إخراج المغاربة لتنظيم 55 مظاهرة احتجاجية كل يوم؟ يتساءل نفس المتحدث.

 

 

نافذة:

عبد الرحيم أريري:

حكومة بنكيران رفعت من منسوب المخاطر الأمنية بالمغرب

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى