مجتمع

خبير سوسيولوجيّ: الحجابُ “بكارة خارجيّة” لأجساد النساء

05dcd966061f5a6fbee83c021d8ef799

حفلتْ ندوة نظمتها مؤسسة “مؤمنون بلا حدود”، يوم السبت الماضي بالرباط، حولَ “أسئلة الجسد في المجتمعات العربية”، بمداخلات مثيرة، منها مداخلة عمر بنعياش، وهو رئيسُ الجمعية المغربية لعلوم الاجتماع، والتي عنونها بـ”في سوسيولوجيا الجسد”.
بنعياش قالَ حينَ حديثه عنْ لباس المرأة في المجتمع المغربي، والمجتمعات الإسلامية، إنَّ الحجابَ له وظيفة إخبارية، وهيَ أنَّ الجسدَ الذي يُخفيه هو “مِلْك محفوظ للذكر، سواءٌ كانَ هذا الذكر موجودا في حياة المرأة، أوْ كانَ مُفترضا”.
وذهبَ المتحدّث إلى القول إنَّ التمثل السائد عن الحجاب هو أنّه “علامة وبكارة خارجية” لجسد المرأة، وبواسطته يتمُّ الإعلام بأنّ تحته “جسدا غاليا يخشى عليه صاحبه حتّى من مجرّد استراق النظر”. وأضاف المتحدّث أنّ الحجابَ يضفي نوعا من الجاذبية على الجسد لأنه يثير لدى الرجل الرغبة في الاستكشاف”.
وَوصف بنعياش الرجل المغربي، والعربي بصفة عامّة، بـ”المتلصّص” على أجساد النساء، قائلا: “الرجل العربيّ تلصص حتى على نساء النبي، وهناك آيات في القرآن نزلتْ بهذا الخصوص تنهاه عن ذلك”.
وفي مقابلِ “تلصّص” الرجل العربي على جسد المرأة، فإنَّ المرأة في المجتمعات العربية -يقول المتحدّث- ليس من حقّها التطلّع إلى جسد الرجل، لأنّ “الدهانات الزواجية” تطلع العروس، معتبرا أنَّ “المشكل يكمن في التراث العربي الذي يورّث مثل هذه السموم”، على حدّ تعبيره.
واعتبرَ المتحدّث أنَّ هناكَ عوْدة قويّة للحجاب، بعدما انتصر “السفور” في معركة اللباس بداية القرن العشرين. “المغاربة اليوم وجدوا أنفسهم أمام معضلة اللباس، وكأنهم سيدخلون الإسلام لأول مرة،” يقول المتحدّث، لافتا إلى أنَّ الحجابَ يتم استثماره سياسيا.
ووقفَ المتحدّث عند مفارقات قالَ إنّها طبعتْ ردَّ فعل المرأة المغربيّة إزاءَ الحجاب، ومنْها القبول بتغطية الجسد، لكنْ معَ إجراء عمليّات تجميل لتكبير الأرداف والصدر، واللجوء إلى بعض الوسائل التقليدية لتحقيق هذا الغرض، مثل ما يُعرف بـ”دْردك”.
وتعليقا على الاهتمام المتزايد للمرأة العربيّة بعمليّات التجميل لتكبير الأرداف، لجأ بنعياش إلى مقولة لباحث إسلامي يدعى الشيخ الأحمر، والذي قالَ إنَّ العرب قضّوا حياتهم وهُمْ يسيرون خلْف النّوق (جمع ناقة) ويتأمّلون أردافها، قائلا، وسط ضحك الحضور: “قد يكون هذا سببا في ترسّخ هذه النظرة إزاءَ المرأة أيضا”.
واعتبرَ بنعياش أنَّ تسعينيات القرن الماضي شهدتْ موجةَ دعوات لكبْح الجسد المنفلت، التابع للموجة الغربية، وستْره، تأثرا بحركة الإخوان المسلمين في مصر، والثورة الإسلامية في إيران، وتسرّب الفكر الوهّابي إلى المغرب، وهُو ما أفضى إلى بروز أشكالٍ أخرى من اللباس في المجتمع المغربي، سواء لدى الرجال أو النساء، وساهمَ في ذلك التلفزيون بشكل كبير، عبر الأعمال الدرامية التي يبثّها.
رئيس الجمعية المغربية لعلوم الاجتماع أرْجعَ مصدر الاهتمام العمومي بالجسد في المجتمعات العربية إلى سيادة العقلية الذكوريّة التي تنزع نحو فرض هيمتها على جسد النساء، أوْ ما سمّاه المفكّر الجزائري مالك شبل “مُركّب الامتلاك”، إذ يعتبرُ الرجل العربي كلّ جسد يراه في الشارع، احتمالا، مِلكا له.
هذا “الغزو الرمزي” -كما وصفه بنعياش- والذي يجري في الشارع بواسطة “النظرات الذكورية المفترسة وكلمات الغزل والتحرش”، يجد مصدره في الغزو المادي الذي قام به العرب لحضارات أخرى، ونهب خيراتها وسبي نسائها، وفق تعبيره، مضيفا: “العربي ينظر إلى كل جسد أنثوي يمرّ في الشارع على أنه موضوع مُحتمل للغزو والسبي والاغتصاب والتملّك”.

هسبريس

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى