تحقيقات

المافيا المنظمة في قطاع التأمينات بالمغرب .. من يوقف النزيف

حقائق24/ أكادير 

يشتكي العديد من مهنيي قطاع التأمينات بالمغرب من حالة التسيب والفوضى التي يشهدها هذا القطاع بشكل يضرب في الصميم مبادئ التنافسية الشريفة ويهدد بالإفلاس العشرات من مقاولات التأمين المواطنة، مع ما ينجم عن ذلك من نزيف خطير في خزينة الدولة والاقتصاد الوطني.

موقع “حقائق 24″ اقترب مما يصطلح عليه مهنيو القطاع بعش الدبابير، وأعدتا تحقيقيا حاولتا من خلاله نفض الغبار عن أهم الأساليب الملتوية التي احترفتها مافيات منظمة ومتشعبة في قطاع التأمينات، بدءا بالتصريح بالحوادث الوهمية مرورا بعدم التصريح بتأمينات المؤمنين وصولا إلى التلاعب بالامتياز الذي خولته الدولة للأقاليم الصحراوية.

– التصريح بالحوادث الوهمية

أجمع مختلف مهنيي قطاع التأمينات الذين استمعت إليهم الجريدة على أن القطاع يتكبد سنويا خسائر بملايين الدراهم بسبب تواطؤ بعض وكلاء شركات التأمينات وخبراء التأمين مع بعض الزبناء على التصريح بحوادث وهمية.

وأكدت مصادر الموقع أن بعض وكلاء التأمينات لا يتوانون في التواطؤ مع بعض الزبناء في افتعال حوادث وهمية، والتصريح بها لدى شركات التأمينات المكتتب لديها، من أجل استخلاص مبالغ مالية غير مستحقة، عبارة عن تعويضات عن الأضرار المادية التي لحقت سياراتهم وبواخرهم بحثا عن الإغتناء السريع وغير المشروع. 

– الامتياز الضريبي للأقاليم الجنوبية

هاجس البحث عن الاغتناء السريع أدى أيضا إلى تشكيل مافيات تتكون من بعض وكلاء التأمين ورجال الأمن وبعض الزبناء. حيث تعمد العديد من الشركات إلى استغلال التخفيض الخاص بالأقاليم الجنوبية في رسوم التأمين على العربات عبر تقديم بيانات كاذبة، من بينها شهادات السكنى التي ينجزها لهم بعض رجال الأمن، تظهر أنهم ينتمون إلى الأقاليم الجنوبية من أجل الاستفادة من التخفيضات الممنوحة لمنطقة الصحراء. وهو ما اعتبره العديد من مهنيي القطاع الذين استمعت “حقائق 24” إلى تصريحاتهم ضربا خطيرا في مبدأ التتافسية الشريفة بين وكلاء التأمين قد يفضي إلى إفلاس الكثير منهم. 

وفي هذا الصدد صرح أحد وكلاء التأمين أن الاحتيال الذي يمارسه بعض زملائهم من وكلاء التأمينات يجعل الكثير من الزبناء يلجأون إلى الاستفادة من خدماتهم التي يستفيدون بموجبها من تخفيضات كبيرة تصل إلى 40 في المائة في الوقت الذي لا يسمح لهم فيه القانون أصلا إلا بهامش ربح يتراوح ما بين 10 إلى 17 في المائة. حيث صرح أحد المهنيين بمدينة أكادير قائلا “يجب فتح تحقيق نزيه في الخروقات التي تقع في قطاع وكالات التأمين، لأن استمرار الوضع على هذا النحو سيبب افلاسا حقيقيا لمجموعة من المقاولات المواطنة”، مضيفا بالقول “هناك وسطاء تأمين بأكادير ومنهم على سبيل المثال لا الحصر وسيط تأمين مكتتب لدى مجموعة تأمينات مركزية بالدار البيضاء يستفيد من التحايل على القانون عن طريق استغلال الامتياز الضريبي الممنوح للأقاليم الصحراوية”.

– عدم التصريح بالعربات

من جهة أخرى يؤكد وكلاء بعض شركات التأمينات أن السعي وراء الاغتناء السريع وغير القانوني يدفع مافيا هذا القطاع إلى اللجوء إلى ممارسات أكثر خطورة على المؤمن لهم أنفسهم. 

حيث يعمد هؤلاء الوكلاء إلى استخلاص مبالغ التأمين على العربات من الزبناء مقابل شهادات وهمية بالتأمين دون التصريح بها لدى شركات التأمين قصد الاستيلاء على تلك المبالغ. وهو أمر يكتسي خطورة كبرى بالنسبة للمؤمن لهم ونزيفا بالنسبة لخزينة الدولة. أما في حالة وقوع حوادث فعلية فإن مافيا التأمين من وكلاء التأمينات بتعويض المؤمن لهم بمبالغ مالية من صناديقهم السوداء تارة أو من مالية شركات التأمين نفسها بتواطؤ من بعض العناصر من الشركات الأم. ويدعي بعض زبناء شركات التأمين الذين لا يعرفون أساليب مافيا التأمينات أن وكلاء شركات التأمين المكتتب لديهم يقدمون لهم دعما ماديا من مالهم الخاص في بعض الأحيان إذا تضررت عرباتهم.

إذ يكتفي الزبناء عادة بشهادات التأمين المزيفة دون الحصول على عقود التأمين التي تعتبر الوثيقة القانونية الوحيدة المثبتة للتسجيل في قوائم التأمين. أما من جهة أخرى فقد أفاد مهنيون بقطاع الصيد البحري بمدينة أكادير أن العديد من مهنيي هذا القطاع قد وقعوا ضحية بعض وكالات التأمين التي استولت على اقتطاعات المكتب الوطني للصيد البحري من رقم معاملات أصحاب بواخر الصيد البحري مستغلين في ذلك جهل ملاك بواخر الصيد بقانون التأمين.

– هيئة مراقبة التأمينات: أية أدوار؟

بالرغم من إقدام الدولة على تأسيس هيئة لمراقبة قطاع التأمينات وملاءمة مقاولات التأمين وإعادة التأمين من أجل حماية المؤمن لهم والمستفيدين من عقود التأمين تحت مسمى هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، إلا أن المافيات التي تشتغل داخل هذا القطاع ما تزال تواصل عملها التخريبي. وهو الأمر الذي يدفع إلى طرح العديد من التساؤلات حول نجاعة اشتغال هذه المؤسسة ودورها في حماية مهنيي القطاع وزبنائه والاقتصاد الوطني على حد سواء.

وفي هذا الشأن عبر غالبية مهنيي قطاع التأمين عن عدم رضاهم على طريقة اشتغال هذه الهيئة التي لم تستطع إلى حدود الآن حماية القطاع من المخالفات الخطيرة التي تمارسها مافيات التأمين بالمغرب رغم توصلها بالعديد من الإخباريات والشكايات. بل الأكثر من ذلك أن بعض المهنيين قد عبروا عن مخاوفهم من إمكانية اختراق مافيات التأمينات للهيئة نفسها. ويستدل هؤلاء المهنيون على مخاوفهم بعدم صدور أية قرارات جزائية في حق بعض وكلاء التأمينات بمدينة أكادير الذين ثبتت في حقهم مخالفات صريحة إثر الزيارات التي قامت بها لجان افتحاص مركزية إلى المدينة، وهو ما دفعهم إلى وصف تلك الزيارات بأنها لا تعدو أن تكون مجرد زيارات صورية وبغاية الاستجمام ليس إلا. وهو ما دفع العديد من وكلاء التأمينات المتضررين إلى مطالبة هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي بضرورة إيفاد لجان افتحاص مركزية مستقلة قصد فتح تحقيق شفاف ونزيه في طريقة اشتغال بعض وسطاء التأمين بمدينة أكادير.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى