مجتمع

المهنة .. فاعل جمعوي بميزة “السنطيحة” و”سلاطة اللسان”

تعرف قواميس اللغة العربية الجميلة “فاعل” بأنه الشخص الذي “يقوم بأعمال لا تحتاج إلى المهارة، مثل الحراثة، ورفع الأحجار أو المساعدة في أعمال الزراعة”، ونجد في قاموس “التجربة المغربية” أن كلمة “فاعل” تطلق على محترفي ابتزاز ونصب بيافطة العمل الجمعوي.
ابتلى الله المغرب بفئة “الفاعلين الجمعويين”، تعرفهم من سماهم، يمتلكون مهارات نادرة، مثل “السنطيحة” و”سلاطة اللسان”، والقدرة على “الادعاء والبهتان ولو طارت معزة”، فـ “يحرثون” المؤسسات العمومية، كاشفين قدرتهم الخارقة على النصب والابتزاز، ويساعدون في زراعة البغضاء والحقد لجني مبالغ مالية، محتمين بالعمل الجمعوي وشعارات المجتمع المدني.

في مراكش مثلا، تتلخص الوصفة السحرية للاغتناء وتسلق السلم الاجتماعي في قاعدة بسيطة جدا، لا تحتاج إلى رأسمال أو نبوغ فكري أو الحصول على “دبلوم”، فيكفي أن تصبح فاعلا جمعويا، حتى تستأسد على المجتمع، وتفتح أمامك أبواب العمالات والمحاكم والمؤسسات العمومية، ويرضخ لطلباتك المسؤولون، خوفا من “فعاليتك” الجمعوية. لا تحتاج مهنة فاعل جمعوي إلى خبرة أو دراسة أو تكوين، فقط تقتصر على تأسيس جمعيات، أغلبها صوري، واختيار ما تشاء من الأسماء، بدءا من حقوق الإنسان إلى البيئة، وطبع عشرات بطاقات زيارة ملونة، وارتداء ربطة عنق مزركشة، حتى تتميز عن الآخرين، وشحذ اللسان ليصبح طويلا وسليطا، وجمع بعض المغلوب على أمرهم، ثم أطلق العنان لموهبتك في الوقفات الاحتجاجية الافتراضية والمسيرات الوهمية، والحديث في “يوتوب” عن النضال والأعداء، ولا تنس أن تتهم الآخرين بالرشوة، حتى يطمئن قلبك، حينها تفتح أبواب الغنى، وتصعد في الهرم الاجتماعي، وتصبح مشهورا يخشاك القضاة والأمن.

ولأن لمهنة فاعل جمعوي “مبادئ” لا تتوفر في الجميع، فلا بأس من اختيار فضاء الاشتغال، فمدن مراكش والمحمدية والبيضاء وخريبكة وأخريات مفتوحة أمام مهارات “الفاعلين”، ولا بأس أن تخترع، لإثبات فعاليتك الجمعوية، معارك والدخول في صراعات، ثم تجلس في المقهى مع الأتباع، كاشفا لهم عن خيوط مؤامرات للإطاحة بك، مع الحرص على أداء ثمن جميع الطلبيات، ثم تقبض مساء ثمن ابتزازك في الحانات والملاهي.

إذا كنت فاعلا حقوقيا، لن تحتاج إلى أمهات الكتب القانونية، فقط حفظ جمل ركيكة، ثم حمل الميكرفون، فتخطب وتهدد الأمن وسلك القضاء، وكل من سولت له نفسه الوقوف أمام أحلامك، فلا تهم حقوق الإنسان… وإذا تخصصت في الدين، فأنت حاتم الطائي في الكرم “الافتراضي”، أما إذا اخترت جمعية بيئية، فالله بعثك لإنقاذ الكرة الأرضية من الاحتباس الحراري… هم هكذا “الفاعلون الجمعويون” مهمتهم الابتزاز والنصب، والسلطات تمنحهم “جوازات المرور” بكل سهولة، ودون تدقيق،… وعاش “الفاعل” الحراث وحامل الأحجار.

-الصباح

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى