ثقافة وفن

مجموعة إزنزارن….قراصنة أم مبدعون؟

unnamed-1

حقائق24

 

    تعتبر ظاهرة “تزنزارت” من بين الظواهر الفنية الغنائية إثارة للنقاش على الساحة الفنية والفكرية الوطنية. حيث تناسلت بشأنها الدراسات والأبحاث، وتعددت واختلفت بشأنها الرؤى والتصورات. ففريق يرى في هذه المجموعة قيم الأصالة والإبداع والتفرد، فيما فريق آخر لا يرى فيها سوى نسخة طبق الأصل من مجموعات غنائية أخرى تأثر بها رفاق عبد الهادي إيكوت وعبد العزيز الشامخ.

غير أن جدلية الإبداع والإتباع هذه لم تكن لتخلق الضجة التي خلقها أحد الفنانين السوسيين الرواد مؤخرا، وذلك حين اعترف بأن مجموعة “إنزنزان” ليست مقلدة لطريقة المجموعات الغنائية الأخرى وحسب، وإنما ضالعة أيضا في قرصنة بعض الألحان الأجنبية والاشتغال عليها على أساس أنها ألحانها الخاصة. وهي الضجة التي أعادت سؤال التميز والوهج الذي أحيطت به المجموعة إلى مربع التشكيك.

 

بعض من تاريخ ظاهرة

 

تازنزارت، هي تسمية ولا شك لظاهرة فنية متميزة. ظاهرة كان فيها قصب السبق لثلة من الفنانين الشباب أبرزهم عبد العزيز الشامخ وعبد الهادي إيكوت ولحسن بوفرتل ومولاي ابراهيم الطالبي وحسن الشاطر. شبان مهووسون بالموسيقى يقررون سنة 1974 تأسيس مجموعة إزنزارن التي شغلت الناس وتغنت بآمالهم وآلامهم ردحا من الزمن وما تزال.

غير أن تاريخ هذه المجموعة يكتنفه منذ البداية كثير من الغموض، غموض يرجعه البعض إلى اعتماد الرواية الشفهية كمصدر وحيد للتأريخ لهذه المجموعة. وهو المرجع الذي طغى عليه التأريخ الشخصي على التأريخ الموضوعي بسبب انفصال عبد العزيز الشامخ عن عبد الهادي إيكوت سنة 1975 والخلاف المترتب عن هذا الانفصال. حيث أصبحنا أمام نسختين لذات المجموعة، مجموعة “إزنزارن الشامخ” ومجموعة “إزنزارن عبد الهادي”.

 

 

 

تازنزارت..عنوان التفرد

 

بالنسبة للدكتور عمر التاور، الباحث وأستاذ بيداغوجيا وديداكتيك تدريس الفلسفة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بإنزكان، فإن مجموعة إزنزران “لم تأت لا من الشرق و لا من الغرب، بل هي ثمرة الإبداع الأمازيغي الأصيل التي أنضجتها معاناة وآلام الإنسان السوسي والمغربي عامة”، وهو ما يفسره في نظره ما أسماه “الإقبال اللافت والتعاطف اللامشروط للجمهور الأمازيغي مع المجموعة التي وجد فيها استجابة فنية ووجودية وفلسفية لحاجات وآهات تضيق بها نفسه”. مسترسلا أنه “كان من البديهي أن يتماهى مع أغاني إزنزارن كملاذ لتصريف لواعج وهموم الذات، كما كان من البديهي أيضا أن تأتي نصوص وقصائد إزنزارن حبلى بهواجس وجودية و فكرية عميقة تحتاج إلى تأصيل فلسفي”. وهو ما دفع التاور إلى أن يشن هجوما لاذعا على من سماهم “بعض المتطفلين على الفن والإبداع الأمازيغي ممن يحرفون التاريخ” على اعتبار أنهم “ما لبثوا أن طفوا على السطح محاولين تقزيم دور المجموعة والبحث عن أصول لها في مجموعات مغايرة، لتكون إزنزارن بذلك نسخة لا أصلا، ويكون إنتاجها الفني تبعا لذلك تكرارا و تقليدا لا إبداعا و تجديدا” وحجتهم الوحيدة يضيف التاور ليست سوى روايات وشهادات شفوية مغرضة”.

 

مقلدون لا مبدعون..

 

عندما استنكر الباحث عمر التاور سعي البعض وراء البحث عن النسخة الأصلية التي تأثر بها رفاق عبد الهادي إيكوت، إنما كان يقصد بعض الباحثين الذين يعتقدون أن نشأة مجموعة إزنزارن لم تكن مفصولة عن تأثر أعضائها بمجموعات غنائية أخرى على الساحة الوطنية، خصوصا مجموعتي ناس الغيوان وجيل جيلالة.

غير أن اصحاب هذا الطرح لا يعدمون بدورهم حججا يستندون إليها للمحاججة. فبالنسبة للباحث محمد طيفوري فتأثر مجموعة إزنزارن بمجموعة ناس الغيوان أمر مفروغ منه بالنظر إلى أن تأثير الثانية على الأولى في نظره “قائم من خلال اعتماد نفس الآلات الموسيقية من قبل المجموعتين كالبانجو والدف والسنتير، بالإضافة إلى التناص في بعض الأغاني مثل توزالت/صبرا وشاتيلا، طبلا/الصينية”. فيما ذهب البحث سعيد ازروال إلى التأكيد على أن مجموعة إزنزارن قد تأثرت بمجموعة جيل جيلالة،

 

إزنزارن ليسوا سوى قراصنة

 

يعتبر مصطفى موسير أحد أبرز الوجوه الفنية بسوس من خلال قيادته لمجموعة “لرياش”. لكنه وخلاف الجميع، أصر على أن يهدم صورة الاسطورة التي رسمها الكثيرون حول مجموعة إزنزارن.

فخلال حديثه في برنامج إذاعي يقدمع الإعلامي الأمازيغي وضمين زيري، أكد موسير أن رائعة ازنزارن أغنية ”امي حنا“ ليس ابداعا خالصا للأسطورة إكوت عبد الهادي كما يعتقد الجميع. بل هي مجرد نتاج قرصنة عن فيلم هندي. إذ يشرح موسير قائلا بأن هذه الأغنية قد تسللت من الأبواب الواسعة لسينما كوليزي بإنزكان، لتجد نفسها في لبوس غير لبوسها بعد أن تم غنائها في صيغتها الأولى من طرف إزنزارن الشامخ، وبعد ذلك في صيغتها المشهورة التي تغنت بها مجموعة ازنزارن عبد الهادي. وأضاف أن هذه الأغنية الهندية كانت معروفة آنذاك عند رواد السينما بأغنية “ديفانا”، مؤكدا في الوقت ذاته أن عددا كبيرا من ألحان أغاني حقبة السبعينيات بسوس لم تكن سوى نسخا أمازيغية لأغاني هندية مستقاة من الأفلام الاستعراضية الهندية التي يتم عرضها آنذاك بسينما سلام بأكادير أوسينما كوليزي بإنزكان.

بل الأكثر من ذلك، يسترسل موسير، أن الأغاني الأولى المعروفة عند “إزنزارن” من قبيل “عاود آس  أتاسانو” وأغنية “واد إيتمودون” علاوة على أغنيتي “مايتعنيت” و”الدونيت تزري” ومجموعة من الأغاني الأخرى التي شكلت تميزا في الريبيرطوار الغنائي لمجموعة إزنزارن، ليست أغان أبدعها رفاق عبد الهادي، بل تم غنائها في الأصل من طرف مجموعتي “لاقدام” و”إيموريكن”.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى