تربويات

أكاديمية سوس ماسة .. سوء تدبير ملف الأمازيغية في تيزنيت

عمر أوزكان

يبدو أن السقطات التدبيرية للمديرية الإقليمية للتعليم بتيزنيت، لا تنفك عن التناسل والتوالب. فبعدما صمت آذانها للموسم الدراسي الثالث، وغلقت الأبواب في وجه النقابات الجادة، وصار حضور أغلبها شكليا، وعديم الجدوى والفائدة، بسبب قبولها سطوة المدير الإقليمي، المهدي الرحيوي، الذي سجلت مصادر مختصة تدبيره لمصالح بعينها، وعرقلته لأخرى، تحقيقا للمصالح الشخصية، ضدا على القانون، وبعيدا عن الحكامة.

وأمام الصمت المطبق لأغلب النقابات التعليمية بتيزنيت، وعجز قياداتها الإقليمية والجهوية عن تحريك بركة التدبير بتيزنيت، وفشلها في الحد من الاختلالات الكثيرة، ضاعت حقوق الشغيلة التعليمية، وأقبرت ملفاتها، وفي مقدمتها ملف الأمازيغية. وقد شجع هذا الوضع التراجيدي المدير الإقليمي على تجميد آلية اللجنة الإقليمية للتشاور والتتبع طيلة الموسم الدراسي الماضي، على الرغم من التنصيص عليها وجوبا، في المذكرة الوزارية عدد 17/103، المنظمة للعلاقة بين النقابات الأكثر تمثيلية، ومصالح الوزارة مركزيا، جهويا، وإقليميا. ليفسح المجال لمسلسل تخبط المدير الإقليمي، بعد التوقف الكامل لقطار إدارته، الذي خرج منذ ثلاث سنوات عن سكته، وانحرف عن المسار الصحيح الذي رسمته الوزارة.

وقد نبه المختصون إلى خطورة ما يهدد المنظومة من قنابل موقوتة، في ظل المفارقات الخطيرة التي يعيش على إيقاعها قطاع التعليم بتيزنيت. فبعد أكثر من عقد من تدريس الأمازيغية، أصبح وضعها ينذر بكارثة وشيكة، إثر التعاطي مع الملف بعصبية، وبمنطق إيديولوجي متجاوز. ولا أدل على ذلك أن نسبة التغطية لم تتجاوز نسبة 07% من تلاميذ إقليم تيزنيت. ويفند هذا الرقم، ويكذب جميع ادعاءات المهدي الرحيوي، ويفضح سوء التدبير، وفشل التخطيط…

وقد أكد الواقع، والممارسة الإدارية تجدد المنطق التدبيري الانتقامي للمهدي الرحيوي من الأمازيغية، وتعسفه على أطرها، بعدما تعمد تعيين الأساتذة المتخصصين في الأمازيغية بداية الموسم الدراسي الحالي بمؤسسات تعليمية بغلاف زمني مخفف وبعدد أقسام يقل عن ال08، وبعدد تلاميذ يقل عن 180، في الوقت الذي يجدر به تعيينهم بمؤسسات شاغرة، يفوق عدد تلاميذها 550 تلميذا، وعلى رأسها المدرسة التطبيقية “العين الزرقاء” ببلدية تيزنيت، وهو ما يعكس التعامل باستهتار كبير، وبشكل غير مسؤول مع الأمازيغية، وفي المقابل تجده يوظفها في أحسن الظروف بمنطق الترف، وكأداة لمكيجة الواجهة التدبيرية، لا كشأن تربوي حساس، له خصوصيات تستوجب التخطيط الدقيق، والتدبير العقلاني، لرسملته والنهوض به، وتثمينه.

ينضاف لهذه السقطات، عدم تغطية مديرية تيزنيت للمؤسسات التعليمية بالكتب المدرسية الخاصة بالأمازيغية، وعدم توفيرها لكل المستويات، إذ لم تتجاوز تغطية المؤسسات نسبة 6% في الإقليم، رغم مرور ثلاثة أسابيع على بداية الموسم الدراسي، حيث لم يتجاوز عدد الكتب المتوصل بها ببعض المؤسسات 05 كتب في أحسن الظروف. ينضاف لذلك الحملة الشرسة المنظمة التي استهدفت أطر تدريس الأمازيغية، خصوصا الحاملين منهم للشهادات العليا.

وقد دأب المدير الإقليمي بتيزنيت على نهج سياسة الاستفزاز، والغطرسة ضد أطر هيئة دريس الأمازيغية، ثم التنكيل بهم، من خلال المراسلات الكيدية، ورسائل إثارة الانتباه غير القانونية والجائرة، كعقاب مبطن (نموذج الدكتور أحمد بلاج، وذ داهوس، وذ محمد بيفتران ب م.ج تارسواط…)، في مناسبات جند لها رؤسائهم المباشرين، وعينة من المفتشين التربويين غير المتخصصين، وعلى رأسهم الكاتب الإقليمي لنقابة المفتشين بتيزنيت، الذي دشن بداية هذا الموسم الدراسي بحملة تحريضية كبيرة ضد الدكتور محمد بلاج، بعد تنويمه لأطر مدرسة ابن حزم، ومديرها، متناسيا الكفاءة العلمية والمهنية العالية للدكتور محمد بلاج، باعتباره من الأطر المتخصصة، والمكلف سابقا بتدريس ديداكتيك الأمازيغية ومنهجياتها بالمركز الجهوي لتكوين الأساتذة، وهو ما خلف استياء كبيرا في صفوف أطر تدريس الأمازيغية وطنيا، وأثار حفيظة الجمعيات الأمازيغية التي تفكر في صيغ الرد، وتدرس إمكانية التصعيد ضد هذا المفتش الفاقد للبوصلة، نظرا لسوابقه في سب واستهداف الأمازيغية (له ملف بالمحكمة يترجم كراهيته العميقة لكل ما له علاقة بالأمازيغية وتدريسها).

وفي هذا السياق نبه الناشط الأمازيغي المتخصص في تدريس الأمازيغية ذ رشيد أكركاض لخطورة ما يعيشه ملف الأمازيغية بتيزنيت، مؤكدا أن أسباب فشل وتخلف المدير الإقليمي لتيزنيت في تدبير ملف الأمازيغية، يرجع في الأساس لعدم امتلاك إدارته لتصور شامل، ومتكامل لتدبير الملف، بأهداف واضحة، ومؤشرات دقيقة، قابلة للقياس والتتبع، وهو السبب حسب دات المصدر في انغماسه عرقلة مسار إدماج اللغة الأمازيغية إقليميا، ويتجسد ذلك في غياب الرغبة في تجديد تكاليف تدريس الأمازيغية لعشرات الأساتذة ممن درّسوها لأكثر من عشر سنوات، واستفادوا من تكوينات صرفت عليها ميزانية ضخمة، وشكلوا لعقد نواة ومختبرا، اعتمد عليه المعهد الملكي لللثقافة الأمازيغية IRCAM، في هندسة وإعداد الكتب المدرسية، دون نسيان مساهمتهم القيمة في المشاورات الوطنية من أجل تجويد المدرسة المغربية.

وفي معرض تصريحه، أكد الناشط الأمازيغي الدكتور أحمد بلاج أن فشل المديرية الإقليمية بتيزنيت في النهوض بالأمازيغية وإدماجها، متعمد، ومن مظاهره الواضحة التوقف الكامل لمحور التكوينات، إذ لا يتعدى عدد التكوينات طيلة فترة تدبير المهدي الرحيوي تكوينا واحدا، ينضاف له تكوين عينة من الأساتذة غير المتخصصين، مستدلا في ذلك بواقعة إسناد ذات التكوين لمفتشيين تربويين فاقدين للبوصلة، وغير متمكنين، تربطهما القرابة القبلية بالمسؤول الإقليمي، قبل أن يتدخل المسؤول الجهوي عن التكوينات، ويصحح الوضع، ويسند التكوين لأساتذة متخصصين بتيزنيت، وهو ما يترجم درجة التخبط الذي يحاصر المديرية الإقليمية لتيزنيت، مما يستدعي تصحيح مسار التكوينات، وتحصين قلعتهاد من الانتهازيين وعرابي الريع التربوي.

وفي سياق متصل دعا الناشط الأمازيغي يوسف بوحتيت الجهات المسؤولة لوضع حد للممارسات المسجلة في حق المسؤول الإقليمي بتيزنيت، والتي تستوجب الردع والمحاسبة، خصوصا أن المملكة المغربية اعتمدت الأمازيغية منذ سنة 2003 في المرحلة الإبتدائية على أساس تعميمها، مؤكدا أن ما راكمته الدولة من تجارب تكللت بتحقيق مكاسب مهمة على المستويين الكمي والنوعي، كوضع منهاج للغة الأمازيغية، وتأليف الكتب المدرسية لمستويات التعليم الابتدائي، إلا أن دور المهدي الرحيوي يتأرجح بين السعي الحتيث لإقبار الأمازيغية إقليميا ومنع تعميمها، واستغلالها لمكيجة واجهة تدبيره الكارثي في المناسبات الوطنية كالاحتفال برأس السنة الأمازيغية، ليعود بعدها لممارسة هوايته في إثارة القلاقل، واستهداف كل من له غيرة عليها، بالاستفسارات الكيدية، أو التهديد بفبركة ملفات تأديبية كيدية ضدهم، في حين أنه نأى بنفسه عن التفاعل مع مشاكلها، ومراسلات أطرها، حد سكوته على واقعة إحراق وثائق الأستاذ أحمد بلاج من قبل مدير م.ج لأنزي، وعلى رأسها المشاريع التربوية المنجزة والموثقة، بعد تيسير طريق إفلاته من العقاب، وهروبه لمديرية تطوان عن طريق الحركة الوطنية، دون أن يتخد المهدي الرحيوي أي إجراء في حقه، رغم وابل من المراسلات الإدارية.

فهل ستفتح الوزير شكيب بن موسى تحقيقا معمقا في النازلة، مع ترتيب المسؤوليات؟ أم سننتظر انفجار هذا الملف، وإشهار المنظمات الأمازيغية للورقة الحمراء في وجهه، ولجوءها للقضاء، بعدما اشتد استياءها وقلقها الشديد من الوضع التدبيري للمهدي الرحيوي، واقتناعها به كمسار لمعالجة ملفات كثيرة افتعلها المدير الإقليمي، الذي يستقوي بعلاقات وصفها مقربوه بالنافذة، في ظل النسب المخجلة لقاعدة تدريس الأمازيغية بالإقليم، والفشل في عمليات التخطيط، وطفو عيوب تدبير الموارد البشرية، وعرقلته الكاملة للشأن التربوي، وإهماله، ومحاصرته، والتضييق عليه؟

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى