مجتمع

أبو مصعب المغربي.. من بائع متجول إلى انتحاري في صفوف داعش

abo-mos3ab

من أحد أحياء مدينة تطوان شمال المغرب، حيث عاش طفولته وشبابه، إلى الموت غريبا في ساحة القتال في صفوف داعش بسورية. هكذا تلخصت حياة الشاب المغربي الملقب بـ”أبو مصعب” الذي دفعته البطالة والتهميش إلى عالم الإرهاب والتطرف.

لم يتقبل أبو مصعب، 36 سنة، فكرة العمل بائعا متجولا في أحياء مدينته، وهو الطالب المجدّ الذي نال شهادته من كلية الحقوق سنة 2004، فنظرة المجتمع السلبية، وتفشي البطالة واليأس في نفسية الشاب عوامل دفعته إلى اختيار نهايته المأساوية عوض الصبر وانتظار الفرج، والكلام هنا لأصدقائه المقربين.

فقر وبطالة

فضل المقربون من أبي مصعب عدم ذكر اسمه الحقيقي، احتراما لعائلته التي لا تزال مصدومة سنتين بعد تلقيها مكالمة من سورية تفيد بأن ابنها مات في عملية انتحارية ضد قوات النظام السوري بمدينة حلب.

“كنّا نعيش حياة البؤس والفقر التي نشترك فيها هنا في هذه المدينة حيث قلة فرص العمل”، يقول صديقه المقرّب عبد الرحيم علي، 29 عاماً، الذي عانى من التهميش والحرمان بدوره لكنه لم يفكر في المخاطرة بمستقبله وحياته، فقرّرامتهان التجارة لمحاربة البطالة.

ويحكي عبد الرحيم لموقع (إرفع صوتك) كيف كان صديقه أبو مصعب مفعما بالأمل والتفاؤل في الحصول على وظيفة بعد تخرجه من الجامعة، غير أن آماله خابت، فقرر أن يعمل بائعا متجولا في أحياء المدينة.

ظروف صعبة

يصف عبد الرحيم كيف تعيش أسرة أبو مصعب في بيت تنعدم فيه شروط الحياة الكريمة الأساسية، حيث يقتسم الإناث والذكور غرفة واحدة، فيما الأخرى للوالدين.

كان عمل أبو مصعب يتوزع بين بيع الخضر والفواكه، وهو ما كان يدرّ عليه ربحا ماديا لا يتعدي المئة درهم (حوالي 10 دولارات) في اليوم، وهو مبلغ يكفي بالكاد لتسديد أٌقساط الكراء الشهرية وإعالة أسرته، حيث يدرس إخوته الصغار، فيما الأب لا يقوى على الوقوف والأم مريضة، حسب ما يقول عبد الرحيم.

“كان يصعب عليه أن يتقبل العمل كبائع متجول وهو حاصل على شهادة جامعية”، يقول عبد الرحيم. ويشير إلى أن أبو مصعب كان يتحاشى الظهور بعربته المجرورة هربا من أن ترصده أعين من يعرفونه في الحي، بسبب خجله من عمله.

اعتدال وإرهاب

وحسب عبد الرحيم، كانت تبدو على صديقه آثار التدين، لكنه لم يُظهر يوما أفكارا متشددة رغم نقاشاتهم حول قضايا الأمة وربط الإرهاب بالإسلام. “لم يخطر على بالنا أنه سيصبح مقاتلا في صفوف داعش بسورية”.

زكريا، 23 عاماً، وهو جار عائلة أبو مصعب وقد فضّل التحفّظ على اسم عائلته، يتحدّث بملامة عن خيار أبو مصعب. “كلنا نعيش وضعية مزرية لكننا لم نفكر في بيع أرواحنا للإرهابيين في داعش، نفضل عيش حياة متواضعة رغم البطالة في وطننا خير لنا من جحيم الحرب وسفك دماء الأبرياء هناك في بؤر التوتر بالشرق الأوسط”، يقول لموقع (إرفع صوتك).

أبو مصعب صدم الجميع بغيابه المفاجئ عن الحي، على حد قول جاره. “بحثنا عنه في كل مكان، لكن بدون جدوى، وفجأة اتصل بأمّه ذات يوم بأمه راجيا منها الدعاء له بالتوفيق والسداد لأنه مقبل على خوض أول عملية مسلحة ضد قوات النظام السوري في حلب!”.

مافيات التجنيد

ولا يعرف أصدقاء المقاتل المغربي إن كانت البطالة والقلّة وحدها سبب التحاقه بداعش وكيف تمكن من الذهاب إلى سورية رغم الإجراءات الأمنية المشددة في المغرب. إلا أن أحمد التوتي، جار آخر لأبو مصعب، يرى أن جماعات متشددة تنشط في إسبانيا وشمال المغرب تعمل على استقطاب الشباب اليائس من البطالة والتهميش للزج بهم في مستنقعات الموت بسورية والعراق.

“يقدمون لهم المال الوفير ووعودا بالاغتناء السريع إن هم نجحوا في مهامهم القتالية، والحور العين والجنة إن كتبت لهم الشهادة المزعومة”، يقول الجار أحمد لموقع (إرفع صوتك).

وطالب المتحدثون، عبد الرحيم وزكريا وأحمد، الدولة المغربية بإيجاد حلول عاجلة لإدماج الشباب العاطل في سوق العمل، مشددين على أن الجهود الأمنية الاستباقية لا تكفي لوحدها في وقف انتقال الشباب اليائس لصفوف الجماعات المقاتلة، وإن كان ذلك قد تراجع في السنتين الأخيرتين.

 

بقلم زينون عبد العلي :

 

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى