مجتمع

قصة طبيب ” الفقراء ” بتيزنيت .. حارب الفساد لكن الفساد حاربه

ع اللطيف بركة –

شكلت قضية طبيب الاطفال بتيزنيت ” المهدي الشافعي” اهتمام الرأي العام الوطني والمحلي، وكانت قصته استثنائية لإعتبارات عدة من ضمنها دامت زهاء سنتين وعرفت أحداث ووقائع، بل كانت حالة منفردة حينما يجتمعون السكان في منطقة ما ويناصرون الطبيب في زمن كثرث فيه الشكايات بأصحاب البذلة البيضاء في كل مستشفيات المغرب، بل أن لطبيب ” الشافعي” قد نال استعطاف كل المغاربة وذلك لنبل رسالته في تطبيب الاطفال المرض بكل مهنية ومسؤولية، والاعتبار الاخر ان صراعه كان مع إدارة المؤسسة الاستشفائية التي ينتمي اليها، في وقت عبر فيه ملك البلاد عن وجود خلل في الادارة وان موظفيها لا يؤدون واجبهم تجاه المواطن، بل أن ملك البلاد محمد السادس، قد أعفى وزراء ومسؤولين في الادارة الترابية بسبب تهاونهم وأخطاءهم المهنية.

– نهاية.. بداية قصة طبيب الاطفال بتزنيت

بعد أن الوصل الوضع الى إهتمام الرأي العام المحلي، عبر تنظيم وقفات تضامنية مع ” الطبيب” ضد تعسفات الادارة، وبعد أن كان الجميع يأمل هناك تدخل قريب من جهات وصية على القطاع ، لانصاف الطبيب ومعاقبة المسؤولين، انعكس الوضع واصبح جراح الاطفال رهين جلسات الاستماع من طرف المديرية الجهوية للصحة، وبعدها جلسات المحكمة بعد ان رفع مسؤولي مستشفى تيزنيت دعوى قضائية ضده تتهمه ” السب والقذف ” والذي قررت بشأنها المحكمة الابتدائية بتيزنيت، تأخير الملف، إلى غاية فاتح غشت المقبل، للنطق بالحكم الابتدائي، بعد ثلاث جلسات .

– طبيب ” الفقراء” يقرر الاعتزال

كان الطبيب المهدي الشافعي الأخصائي في جراحة الأطفال، قد أجرى أكثر من 560 عملية جراحية للفقراء في ظرف لا يتجاوز 8 أشهر، بمعدل ثلاث عمليات في اليوم، مما جعل جهات تتدخل لوقف هذا التألق المهني ويصير من كان وجب عليه التشجيع حجرة عثر أمام التقدم، وبعد جلسة المحاكمة التي جرت الاثنين الماضي، قرر طبيب الاطفال تقديم استقالته للوزارة، بعد أن سرد وقائعها واسباب نزولها.

الطبيب الجراح سبق وأن اشتغل بمستشفى كلميم ، حيت حضي هناك باحترام المواطنين ومرؤوسيه ، ليقرر الالتحاق للعمل بمستشفى تيزنيت في يونيو عام 2017.

– الطبيب ” الشافعي” ومواقع التواصل الاجتماعي

أنشأ طبيب الاطفال بتزنيت صفحته الفايسبوكية مثله مثل باقي عدد من الاطر في مختلف المجالات، تحمل عنوان “مهدي الشافعي من أجل صحة أفضل”، استغلها بمناسبة زيارة الوزير أنس الدكالي لتوجيه نداء لساكنة المدينة، من أجل “تغيير الوضع الصحي، وعدم إخفاء الحقائق على الوزير”. وهو ما اعقبه تقديم عرائض من جمعيات مدنية وسكان تنبه الوزير من تردي الاوضاع بالمستشفى، وعوض ان ينصف الطبيب ويعمل الوزير على معاقبة المخالفين، وجد الشافعي نفسه في قفص الاتهام بعد استدعاءه للمثول أمام المجلس التأديبي بتهمة اختلالات واخطاء مهنية، مما جعل قضيته تتصاعد اعلاميا وفي مواقع التواصل الاجتماعي، بعد ان نشر الطبيب مقاطع فيديو وهو يحكي على الواقع المتردي بالمستشفى وحول الجهات التي تحاربه.

وقدم عدد من مواطني المدينة شهادات في حق ” الطبيب” كيف قدم لهم المساعدة ولو خارج أوقات العمل، بل أن الاخير يترك هاتفه مفتوح طيلة اليوم لتقديم النصيحة الطبية للمرضى.

قضية الطبيب، وجدت مساندة من طرف ساكنة تيزنيت والنواحي، هؤلاء قادوا حملة لمناصرته حملت عنوان “كل التضامن مع الدكتور مهدي الشافعي”، شعارها أنه “طبيب الفقراء” وأنه “لا يتلقى رشوة ولا يبتز مريضا ولا يتغيب عن عمله إلا بعذر، يوزع رقم هاتفه على المرضى وأهاليهم حتى لا يتعرضوا لأي ابتزاز من أي كان”.

مناصروا الطبيب الشافعي، كشفوا ، أن طبيبهم “يتواجد بمكتبه على الدوام من أجل خدمة الأطفال، ويداوم حتى العاشرة ليلا من أجل تلبية الحاجيات الصحية لسكان المنطقة دن دون موعد أو وسيط، أو هدية، طبيب إنساني يؤدي رسالته حاول محاربة الفساد لكن الفساد حاربه”.

– إتهامات إدارة المستشفى لطبيب الاطفال

سبق لتصريحات قدمها مسؤولون في وزارة الصحة لوسائل الاعلام ، عددوا خلالها التهم ضد الطبيب الشافعي، مؤكدين وجود أخطاء مهنية قد ارتكبها الاخير ، وبموجبها تم عرضه على المجلس التأديبي وفق ما اعتبروه ” مسطرة قانونية وإدارية وتنظيمية سليمية”، كما تم منح حيز زمني للطبيب للاجابة على استفسارات اعضاء المجلس التأديبي، من ضمنها قضية رفضه العلاج والتكفل بطفل ينحدر من ضواحي تيزنيت، عمره ثلاث سنوات مريض بالسكري، أصيب بكسر تابت في مرفقه، وطلب منه ططبيب اخر إحضار مستلزمات الجراحة، بحسب تصريحات والد الطفل وشكايته التي وجهها لوزارة الصحة وفتحت الإدارة في شأنها تحقيقا إداريا معمقا”.

وبعد ان حاول الطبيب تفسير واقعة الطفل ونشره لملفه على شبكة التواصل الاجتماعي، اتهمته الادارة ب إفشاء للسر المهني”.

إن واقعة طبيب الاطفال بتيزنيت، قد تقع في أي مؤسسة كانت، لكن القضية كشفت أن محاربة الفساد طريق شاق وطويل، في وقت لازالت الادارة متأخرة في البحث والتقصي ومعاقبة الجناة، وخلق جسر التواصل مع المواطنين من أجل معرفة حقيقة ما يقع، عوض ان يتحول الوضع الى يقوله المثل الشعبي المغربي” كلها يلغي بلغاه” لابد ان تتفعل المؤسسات لتقوم بمهامها في مثل هذه القضايا التي تستأثر باهتمام الرأي العام.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى