مجتمع

عصيد : رمضان في المغرب ليس عقيدة وإنما نظام أمني محروس

قال الناشط الحقوقي الأمازيغي أحمد عصيد إن “تطبيق مقتضيات الفصل 222 من القانوني الجنائي في شأن الإفطار العلني في رمضان مبالغ فيه، وهي مادة قانونية تعود إلى 1962، وبقيت فوق الزمن وفوق التاريخ، لا تعترف بالواقع، فالمجتمع يتطور من جهة، والقانون الجنائي بقي في جهة أخرى”.

وأوضح عصيد في شريط فيديو، نشره على صفحته الرسمية، إلى أن الدساتير في بلاد المغرب تطورت، وأدخلت عليها مكتسبات حقوقية كثيرة، فيما بقي النص القانوني للقانون الجنائي فوق أي تغيير، وكأنه نص منزل”.

وأضاف عصيد “ما ينبغي أن يعرفه المواطن هو أن الفصل 222 لا علاقة له بالدين، وليس مادة دينية، وهذا قانون أنجز في سياق فترة استعمارية عام 1912 لما كان الماريشال ليوطي زمن الاستعمار الفرنسي، حينما كان الاحتلال الفرنسي، وكان الأجانب يفطرون جهارا في رمضان، ويتم الهجوم عليه. وهذا شيء عاد وطبيعي لأن المغرب كان في فترة احتلال واستعمار وبات من الضروري تغيير هاته المادة القانونية، لأنها لم تطابق واسع المغاربة المعيش اليوم”.

ويرى عصيد أن من بين الأعطاب التي تعتري المادة 222 من القانون الجنائي “أنه من عرف باعتناقه الإسلام، أي أن السلطة هي من تمنح لها الحق في كونك مسلما أم لا، ولو قلت أنك غير مسلم، ليس لهم الحق في فرض شعيرة دينية عليك. مما يدفع الدولة إلى اعتبارك مسلما بالكراهية من أجل اعتقالك. وهذه مادة قانونية لا يمكن أن تستمر اليوم”، وفق تعبيره.

ويضيف عصيد قائلا “حينما يؤكد النص القانوني على عبارة (تجاهر بالإفطار). وهو مفهوم ينطبق على المسلمين، ولا يمكن أن تتدخل في أي إنسان، وتتدخل في عقيدته بينه وبين نفسه، وبدون عذر شرعي. وهذا يدل على أن السلطة تقفز على الواقع وتريد معرفة الناس ماذا سيختارون بكل حرية، وتفرض عليهم واقع يصير فيه رمضان، بأنه نظام عام، يرتبط بالنظام العام السياسي للدولة، وحينما لا تصوم، كأنك خرقت النظام العام للدولة، وتهدد الآخرين”، وفق توضيحات الناشط الحقوقي أحمد عصيد.

وشدد عصيد على أن “الحقيقة في اعتقال الشباب المفطر في رمضان مؤخرا، مس بحق من حقوقهم الذي هو الأكل في رمضان وفي غيره، لأن الأمر يتعلق باختيارات شخصية وليس شيئا آخر تفرضه الدولة، فالدين اختيار شخصي حر لا يفرض”.

وقال عصيد إلى أنه “آن الأوان لإلغاء عذر يروج له، وهو استفزاز الآخرين الصائمين في رمضان. فليس هناك استفزاز، لأن الضرر غير موجود؟ كما أن منع السلطة، خاصة وأن الأكل يتم في مقهى، فليس هناك أي ضرر بتاتا، هناك تعسف سلطوي”.

ودعا عصيد المغاربة لأن “يوقفوا مثل هاته السلوكات بإخطار السلطات كلما رؤوا شابة أو شاب يأكل في رمضان، لأن العقيدة لا تحرس، وهي شخصية لا يتدخل فيه أحد، والنظام العام حينما يريد أن يتأسس على السلم الاجتماعي ينبغي أن ينبني على الحرية، والاحترام المتبادل المبني على الحق في الإختلاف، وهاته هي التربية الديمقراطية لكل مجتمع ديمقراطي”.

واعتبر عصيد أنه في “كل رمضان تثار فرصة إعادة النقاش حول الحريات الفردية، لأن رمضان عندنا في المغرب ليس عقيدة، إنما هو نظام عام أمني محروس ومراقب، والناس لدينا لا يقبلون بهذا، فليس هناك في العالم من يقبل بمراقبة أمور تتعلق بضميره وعلاقته بنفسه وقلبه، وهذا غير مقبول”.

واستدل عصيد على ما تعيشه بلدان مجاورة لنا “ليست لديهم حالة استنفار، كما يحدث لدينا، من قبيل موريطانيا ليس فيها، وحتى إيران يأكل الناس في الحدائق، ولديهم تسامح كبير في رمضان، ونحن في دولة مدينة ولدينا قوانين وضعية، وموقعنا الجغرافي يمنحنا كي نكون قوة اقتصادية صاعدة ومنارة الفكر الحر وحقوق الانسان، تقع لنا مثل هاته الأشياء”.

ونبه عصيد إلى أنه “آن الأوان لتغيير القانون الجنائي وحذف مقتضيات المادة 222 من القانون الجنائي لأنها لم تعد تطابق حياة الناس، ونتيجة ذلك هو التمرد، كما يحصل في الجزائر حينما يأتي ألف مواطن أمام مقر الشرطة ويأكلون في منتصف الزوال. فهذا تمرد نريد أن يحدث في بلدنا، ولا نريد مثل هذا التصادم، لأننا في المغرب ألفنا النقاش العلمي السلمي والحوار الوطني الذي نناقش به مشاكلنا، ونطور به قوانيننا، في إطار مسلسل طبيعي للانتقال نحو الديمقراطية، وجوهر ذلك هو التربية، ببناء المنظور التربوي على الحرية والاستقلالية والمبادرة وقيم المواطنة، حتى يتهيأ المغرب للتغير، فإن لم نغير العقليات يقع نفس التصادم”، وفق تعبيره.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى