رياضة

تحقيق : الارهاب الرياضي عصابات الهوليغانز في الملاعب المغربية

جرحى وقتلى . ليس هذا خبرا عن حادثة سير مميتة أو حصيلة تفجيرات إرهابية. بل هو عنوان الفاجعة التي يتابعها  المغاربة مؤخرا في ملعب المستديرة ،أكادير ، طنجة ، الحسيمة مؤخرا كلها أصبحت تلقب بملاعب الموت . كرة القدم إذن تقتل، هذه هي نتيجة تنامي طاهرة شغب الملاعب في المغرب، عبر انحرافات حقيقية فسحت المجال لعصابات الهوليغانز لتحول التشجيع الرياضي لإرهاب رياضي قاتل ومخيف. في هذه الورقة، تفتح “حقائق 24 ” ملف شغب الملاعب في المغرب.

الهوليغانز..حديث في الأصول

المغرب لم يعد استثناء رياضيا, فظاهرة مشجعي كرة القدم المشاغبين بدأت تضرب بقوة في أعماق الملاعب المغربية. لكن من هم هؤلاء المشاغبون المعروفون عادة بتسمية “الهوليغانز”؟
يعود أصل تسمية مشاغبي الملاعب بالهوليكانز إلى لص أيرلندي مشهور في لندن بعشق العنف والتخريب يدعى “Patrick Hoolihan”. حيث ظهرت أولى حوادث شغب الهوليغانز فى إنكلترا سنة 1880. غير أن الربط بين هذه العصابات وكرة القدم الإنكليزية لم يبدأ إلا في القرن العشرين حين أطلق عليها اسم “الداء الإنكليزي”، لتنتقل بعد ذلك العدوى إلى باقي الملاعب الأوروبية. فكل فريق كروي يكون مسنودا بعصابة موحدة الزي لتؤازره وتسانده ولكن عن طريق العنف والاشتباك ضد هوليغانز الفرق المنافسة قبل أو بعد المباراة مباشرة، حيث تستخدم أسلحة متنوعة كالأسلحة البيضاء والحجارة بل وحتى المسدسات أحيانا. النتيجة كانت وما تزال هي العشرات من القتلى والمعطوبين كما حدث في نهائي كأس الأندية أبطال الدوري الأوربي عام 1985، أو في الارجنتين سنة 1968.

الرياضة التي تحيي وتميت

الجسم السليم في الجسم السليم، هكذا كانت الدعوة إلى الرياضة بالتحبيب والترغيب لما فيها من منافع صحية للإنسان. غير أنها باتت اليوم تعني أيضا تلك الأداة التي باسمها تؤتى فصول من القتل البشع. فأعمال العنف والتخريب تنطلق من الملاعب وتمتد الى الشارع، دون أن تكون نتيجة المباراة تدعو لذلك، وتتحول الفرجة المفترضة إلى اعتداء على اللاعبين والحكام والطاقم التقني والصحافة… قبل أن تتوسع هذه السلوكات اللارياضية لتشمل الشارع العام بما يطاله من تخريب للواجهات والمرافق، واعتداء على المواطنين وممتلكاتهم من سيارات وغيرها من مظاهر الإخلال الخطير بالأمن إلى حد أصبحنا فيه اليوم نتحدث عن قتلى وجرحى ومعطوبين. إنها ظاهرة شغب الملاعب التي ليست مقتصرة على جهة دون أخرى، فهي عامة لا تستثني أحدا. أما أبطال هذا العمل الطائش فهم في الغالب مراهقون إما متمدرسون أوغير متمدرسين وأغلبهم ينحدر من أحزمة الفقر والتهميش. لكن أغلبهم أيضا منتظمون داخل إطارات وجمعات غير قانونية يطلق عليها اسم “الألتراس”.

الإلتراس…هوليغانز المغرب

سبق لوزير الداخلية، محمد حصاد، أن أكد في أكتوبر من سنة 2014 بمجلس النواب أن وزارة اتخذت قرارا يقضي بحل الإلتراس، لأنها الفاعل الأساسي في شغب الملاعب. لكن من تكون هذه “الإلتراس” التي أعادت إنتاج سلوكيات الهوليعانز في الملاعب المغربية؟
إنها مجموعات مشجعي الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها. يطلق عليهم اللاعب رقم 12 في لعبة كرة القدم، وذلك لقدرتهم على التأثير في مجرى المباريات، وبمتابعتهم لفرقهم حيث ذهبت، وبتشجيعهم المستمر طوال فترة المباراة. أما عن معنى كلمة ألتراس، فهي كلمة لاتينية تعني “المتطرفون في الحب”. ويعتبر العديد من المتخصصين في تاريخ كرة القدم أن الألتراس بدأت في البرازيل خلال أربعينات القرن الماضي، غير أن هذه الظاهرة لم تعرف طريقها إلى الملاعب المغربية إلا في تسعينيات القرن الماضي. غير أن مسار هذه المجموعات قد انحرف عن الحب الذي تأسست عليه إلى تبني قيم الكراهية بين المدن والجماهير وتصريفها عن طريق الشغب والعدوانية في ظل عدم وضوح مصادر تمويلها الناجم عن عدم خضوعها لأي قانون تنظيمي.

مقاربة أمنية قاصرة

توالي أحداث الشغب بمختلف الملاعب المغربية دفع صناع القرار الأمني بالمغرب إلى الاعتراف بوجود بعض من التقصير الأمني، يجعل رجال الأمن يتحملون جزءا من المسؤولية في وقوع تلك الأحداث خصوصا عقب فاجعة السبت الأسود من السنة الماضية بالبيضاء. تجلى ذلك في إعفاء مسؤولين أمنيين من طرف عبد اللطيف الحموشي بالبيضاء بعد أن سجلت كاميرات المراقبة أشرطة توضح نقصا فادحا في توفير الأحزمة الأمنية العازلة بين مدرجات الجماهير.
يشار إلى أن المديرية العامة للأمن الوطني، وفي إطار جهودها لمحاربة شغب الملاعب، سبق لها أن أقدمت على إحداث خلايا أمن على مستوى كل ملعب يحتضن مباريات بطولة المجموعة الوطنية كمرحلة أولى على أن تعمم العملية على باقي الملاعب الرياضية، وعلى أساس أن تتكون من ممثل السلطات المحلية، ممثل النيابة العامة، وممثل الأمن الوطني وآخر للدرك الملكي.

إجراءات قانونية..هل تكفي؟

للمساهمة في الحد من شغب الملاعب، تدخل المشرع المغربي وأصدر القانون رقم 09.09 بشأن محاربة الشغب بالملاعب وخصص له 19 فصلا تمم بها الفصل 308 من مجموعة القانون الجنائي المغربي.
قانون يجرم كل الأفعال التي تدخل في عداد أعمال العنف والشغب داخل الملاعب الرياضية. وهي الأفعال التي حددها أساسا في التحريض على الحقد والكراهية والإخلال من طرف المسؤولين والقائمين على تنظيم التظاهرات الرياضية بالتدابير الضرورية بالأمن، واقتحام الملاعب الرياضية باستعمال القوة، وحمل أدوات يمكن أن تستعمل في ارتكاب أعمال عنف، أو مواد محظورة بمقتضى القوانين الرياضية. علاوة على الولوج إلى أماكن تنظيم التظاهرات الرياضية في حالة سكر، أو تحت تأثير المواد المخدرة، أو الولوج خلسة إلى هذه الأماكن أو الولوج إلى ساحات الملاعب دون سبب قانوني.
وهي الأفعال التي رتب عنها جملة من العقوبات الزجرية كالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة مالية من ألف إلى 20 ألف درهم لكل من ساهم في أعمال عنف أثناء مباريات أو تظاهرات رياضية. مع مضاعفة العقوبة بالنسبة لرؤساء الفرق والمنخرطين أو المنظمين أو المحرضين على تلك الأفعال. علاوة على عقوبة الحبس من شهرين إلى ستة أشهر وبغرامة مالية من 500 درهم إلى 10 آلاف درهم أو إحدى هاتين العقوبتين لكل من حرض على التمييز أو الكراهية بواسطة صراخ أو نداءات أو شعارات أو لافتات أو صور في حق شخص أو أشخاص بسبب الأصل أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى