غيفارا من “الاحتجاز في باليما” إلى سحر مراكش

لم يتقبل عبد الله إبراهيم أن تتم معاملة ضيفه بهذه الطريقة، سيما أن دعوة غيفارا كانت رسمية من أول رئيس حكومة في المغرب…غير أنه حينما نعلم أن علاقته بولي العهد لم تكن في أحلى أيامها، يبطل العجب.
في هذا الوقت، كان غيفارا رفقة أعضاء وفد كوبي رفيع المستوى شبه “محتجزين” بفندق باليما الشهير بالرباط، الذي اقام فيه غيفارا ليومين.
«لم أغادر الفندق حتى أنجزت التدابير الخاصة بالإفراج عن غيفارا ورفاقه الأربعة من كبار موظفي الدولة الكوبية الوليدة، وكانوا يبدون بقاماتهم الفارغة ولحاهم الكثة ولباسهم الكاكي الخالي من الرتب العسكرية، كانوا يبدون بأجسام قوية حديثة العهد بحرب العصابات»، يحكي عبد الله إبراهيم في مذكراته.
بعد هذه الانفراجة، بدأت الزيارة كما خطط لها، بمباحثات رسمية في غشت 1959 في إحدى فيلات السويسي بالرباط، توجت باتفاقات غير مسبوقة بين حكوميتن وليدتين، تقضي بالاستفادة من السكر الكوبي الذي يستهلكه المغاربة بكثرة في إعداد الشاي، مقابل حصول هافانا على الفوسفاط المغربي، ذو الجودة المعروفة.

غداة هذا الاجتماع، حل غيفارا بالدار البيضاء بمقر عمالتها، لكن هذا المرة كانت صبغة اللقاء سياسية، تدخل في صلب سياسة غيفارا لتوحيد بلدان عدم الانحياز في المنطقة العربية، كمصر والجزائر.

وانتهت زيارة غيفارا للمغرب بالمرور عبر مراكش، حيث تم إصلاح أخطاء اليوم الأول، وتم الاحتفاء بضيف المغرب الكبير عبر بسط الزرابي والموسيقى الأندلسية، ويبدو أن الثائر الكوبي وقع في سحر مراكش، التي رفض أن يبرحها إلا بعد قضاء 18 يوم بين أحيائها الشعبية.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *