حقائق24 بقلم : ميمون أم العيد
لا أَحد يعرف ما الذي وقع بالضبط حتى قامت مواطنة تُدعى خولة بنَطح مواطنة أخرى تُدعى دُنيا. قد تكون دنيا هي الظالمة حتى وإن تهافتت الإذاعات والمواقع على نشر صورتها، أو صوتها وهي في فراش الموت، وتهافت المحبون المقربون على تصويرها وهي بـ”الفاصما” على أنفها كي تستدر العطف والشفقة.
خولة نكرة، قبل تلك “النطحة” التاريخية لا يعرفها أحد غير والديها والمقربين منها، لكن دنيا أشهر من نار على علم، تظهر في إشهار الاتصالات و”بومبيرس” والقهوة و”السدادر” و”نيدو” والخضر والفواكه وحبوب منع الحمل، وحبوب تشجيعه، وكل شيء يجب إشهاره، فدنيا تتكلف به لتقول لنا إنه جيد، ويجب علينا استعماله، ولو كان مباحا في البلد أن تشهر دنيا الخمر لظهرت تحمل قنينة جعة لتُقنعنا بأنها مفيدة للبدن وللعقل.
دون أن نتمكن من الإصغاء لرواية خولة، وإن أظهرها الإعلام بأنها امرأة ذات “رُوصِيّة” صلبة، تنطح بها المرء وترديه طريحا، فهي مواطنة مغربية أولا، من الواجب علينا أن نُصغي إليها، لنعرف ما الذي جعل أنثى تغضب إلى درجة تنطح فيها ممثلة مغربية تظهر في إشهارات متحايلة، وتساهم بوجهها الذي يلبس 49 للنصب على المواطنين البسطاء. “الشعيبية” تُحدثنا عن مزايا منتجات مغشوشة، وما علينا سوى أن نشتريها لكي نساهم في نفخ الحساب البنكي لدنيا وللشركة المستشهرة.
من واجب الإعلام أن يُصغي للطرفين، أن يُصغي لدنيا المُعرّفة، وخولة النكرة، أن يمنحهما معا المدة نفسها من الدفاع عن نفسيهما، ثم يترك الكلمة للقاضي ليقول كلمته، لكن الإعلام، للأسف، أعطى الفرصة لدنيا بوطازوت لتظهر بأنها مظلومة و”محكورة”، وأن مواطنة اسمها خولة قامت بنطحها “بروصية” لا علاقة لها برؤوس الإناث وتسببت لها في كسور، أجبرها ذلك على إجراء عمليات جراحية.
ظهرت روايات عديدة تؤكد أن “دنيا” لم تحترم الصف، وأن هناك موظفين يتملقون للمشاهير، يأخذون منهم مالا، أو صورة منحازة، فيقومون بخدمة أصحاب المال والجاه والشهرة أولا، ثم بعد ذلك يخدمون المواطنين العاديين الذين لا يملكون سلطة ولا مالا، ويمكنهم أن ينتظروا ليومين أو ثلاثة ليحصلوا على شهادة سكنى. أما دنيا ومن على شاكلتها ممن يدفع من وجهه وشهرته وجيبه، فإن بعض الدقائق كافية ليستصدر بطاقة وطنية تكلف غيره أسابيع وشهورا من الانتظار.
معلقون ظرفاء، وكأنهم يريدون أن “يُغَرّقوا” خولة، التي سيقت نحو الكوميسارية لأنها دافعت عن واجب الجميع أن يقف في الصّف، قالوا إنها تنتمي لتنظمي سرّي يُحارب “الرداءة في التلفاز المغربي، والظهور المفرط”، وأن أعضاء هذا التنظيم سوف ينطحون، في الأيام المقبلة، كل المشاهير الذين لا يُضحكون أحدا، بل يَضحكون على المشاهد، وقادتهم صدفة ما ليحتلوا قنواتنا ويُبطلوا صيامنا، خاصّة في شهر رمضان.
وعلى كل حال، لا يجب أن تمر هذه الحادثة التي تسببت في كسر أنف دنيا بوطازوت دون أن يستفيد منها الشعب المغربي، سواء كنت فنانا أو كنت مسؤولا سياسيا، فذلك لا يُخول لك أن تحتقر الذين سبقوك للصّف، بالعكس، يجب عليك أن تقدم نموذجا على أنك شخص مؤدب ومواطن صالح، وإلا احشر سياستك وفنك وعلمك في مؤخرتك، إذا كنت لا تحترم بقية المواطنين البسطاء. فالفن في نهاية المطاف رسالة، وليس وسيلة تستغلها لتتجاوز الناس وتركب عليهم.
لقد بحثت في المعاجم العربية عن معنى اسم خولة، ووجدت أنه اسم جميل يعبر عن “الغزالة والظبية”، وهو لا يعني مقدار العنف الذي صورته الصّحافة وهي تنقل صورة دنيا وهي ممدة بـ”الفاصما”، لكن كما استفاد الكثير من القُيّاد من واقعة “قايد الدروة” الغبي وسهام الذكية، التي يعرضها زوجها كطُعم لرجال السلطة من أجل بناء غرفة في السطح لأمه التي أنجبته، وتطورت الأحداث التي أدت إلى عزل القائد وسجن الزوج، وجعلت العديد من القياد الفاسدين يفكرون ألف مرة قبل أن ينزعوا سراويلهم ويبقون بـ”الشورط”، يجب على المغاربة أن يستفيدوا، أيضا، من “نطحة” خولة للممثلة دنيا.
جميع الشعوب قدمت ضحايا وشهداء لتتقدم، هناك من قدم نصف عمره في السجن من أجل فكرة. لذلك فإن “حادثة الروصية”، لا يجب أن تمر دون أن يستفيد منها الشعب المغربي.
خولة ستُحاسب على تلك “النّطحة”، هذه مسألة مفروغ منها، هناك قانون يجب أن يُطبّق على الجميع دون مراعاة لشهرتهم وظهورهم في إشهار اتصالات المغرب. ثم إن هناك ضغطا، لأن “المنطوحة” شخصية عمومية مشهورة. لكن خولة ستبقى بطلة في المخيال الشعبي، وسيأتي من ينصفها يوما لأنها ساهمت بحريتها ورأسها في سبيل أن يُحترم الصّف. مع ذلك، يجب أن يستفيد الشعب المغربي من هذا الذي حدث.
وهذه مقترحات لحملات لتوعية المواطنين بضرورة احترام الصّف أثناء أداء فاتورة الماء أو الكهرباء، أو في الإدارات والمكاتب من المفروض حتى الإعلام الرسمي يساهم في توعية الناس من خلال هذه الحملات:
“شد الصف ولا نعيط على خولة”، عبارة يجب أن تكتب في كل إدارة.
“تڭاد ولا نڭادك”، وبجانبها صورة لخولة.
“دير الصف بحال خوتك ولا نطحك”، تحت صورة للمنطوحة وهي ما تزال بالفاصما.
صورة دنيا وأسفلها عبارة “شتي لي ماشاد الصف أش كايوقع ليه”.
“كلنا خولة التي تنظم الصفوف”.
ثم لماذا لا تفكر الدولة في توظيف العديد من الـ”خولات” في الإدارة المغربية، لامتصاص البطالة وتنظيم الصفوف وتأديب “الشعيبيات”؟
إننا شعب محظوظ جدا، نحصل على فرص جيدة للإقلاع “العقلي” والاقتصادي، لكننا لا نستغلها.