في إطار تنزيل أنشطتها الثقافية وتشجيعا منها على الفعل الثقافي الهادف والمميز احتضنت قاعة ملحقة الجهة بمدينة آسفي، يوم الأمس السبت 15 مارس الجاري، ندوة فكرية لتقديم كتاب “Safi et son littoral dans l’histoire proche” للكاتب التهامي حلي بدعم واحتضان من جمعية حوض آسفي و يعتبر هذا الكتاب إحياءا لذاكرة آسفي و تاريخها خلال الفترة القريبة مستعرضًا من خلالها شخصيات وأحداثًا تاريخية لم تحظَ بالاهتمام الكافي.
و في حديثه عن الكتاب أوضح حلي أن الكتاب جاء لتعزيز المأثور التاريخي لمدينة آسفي، حيث يتناول 90 موقعًا تاريخيًا، و13 شخصية بارزة، إلى جانب 7 مواقف شخصية. ويهدف إلى تسليط الضوء على الأحداث والأماكن والشخصيات التي كانت جزءًا من تاريخ المدينة لكنها غير معروفة للكثيرين، إضافة إلى تصحيح بعض الأخطاء التاريخية التي انتشرت سابقًا.
و أشار حلي إلى معلومتين تاريخيتين بارزتين حول آسفي، حيث أكد أن أول امرأة قادت طائرة في المغرب كانت من المدينة وعاشت فيها، وهو اكتشاف لم يكن معروفًا على نطاق واسع. كما سلط الضوء على أمير الملحون في المغرب، الذي كان يمتلك أكثر من ألف قصيدة، لكنه تعرض للنفي من قِبل الاستعمار إلى مدينة سلا، حيث عاش منسيًا دون أن يحظى بالاهتمام أو الاعتراف من أبناء مدينته الأصلية، كما أشار الكاتب إلى عكس ما قيل إن آسفي لم يكن بها ملاح، فإنها مدينة ظلت تحتفظ باليهود، وكان فيها ملاح أيضًا.
و عن اختياره اللغة الفرنسية لتأليف الكتاب اوضح أنه نظرًا لعدم توفر مراجع تاريخية كافية باللغة العربية، حيث استعان بوثائق وكتابات صحافيين فرنسيين أرّخوا لآسفي بعد دخول فرنسا إلى المغرب سنة 1908.
ويُعد هذا العمل الذي يتكون من أكثر من 400 صفحة إضافة مهمة إلى المكتبة التاريخية الآسفية والمغربية عامة، حيث يعيد إحياء جوانب منسية من تاريخ آسفي ويمنح القارئ فرصة لاكتشاف أسرارها العريقة من خلال رحلة تاريخية وكأنه برفقة صديق يروي له الحكايات عبر مزيج من السرد والحوار، مع إضافة معلومات جديدة وغير معروفة من قبل، مما يجعله توثيقًا حيويًا للأحداث والأماكن والشخصيات التي شكلت تاريخ المدينة.
ومن جهة أخرى أوضح أحمد غايبي رئيس جمعية حوض آسفي أن جمعية حوض آسفي اخذت على عاتقها دعم هذا المحتوى الثقافي انطلاقا من مجهوداتها الذاتية، دون دعم من أي جهة منتخبة أو مؤسساتية و أن جمعيته تعمل على تشجيع أولئك الذين ينتجون كتابات أدبية وأبحاث علمية التي تتحدث عن تاريخ آسفي وذاكرتها وأشخاصها لأن ذلك ما يُشكل الأسس الأساسية للمدن العريقة ولأن آسفي حاضرة المحيط لا يجب أن تكون إسم على مسمى فقط بل يجب يتجلى ذلك في تحركاتنا من مختلف الجوانب العلمية والأدبية.
و الجدير بالذكر أن التهامي حلي المزداد بأسفي سنة 1949، والباحث في التاريخ الرياضي، اشتغل أستاذا للرياضة بأسفي من 1970 إلى 1990 قبل أن يعين مفتشا للتربية البدنية بنيابة وزارة التربية الوطنية بأسفي.. كما لعب حلي في صفوف المنتخب الوطني للريكبي ما بين 1967 و 1974، واختير لمرات عدة كأفضل لاعب مغربي للريكبي، كما عمل مدربا للعبة بأسفي و له كتاب “تاريخ كرة القدم بأسفي ما بين 1900 و1956”