أثارت دعوة لجنة برلمانية اليوم الأربعاء، حكومة البلاد إلى تجميد تطبيق بعض القوانين الخاصة بإصلاح نظام التقاعد، حالة من الجدل داخل مجلس المستشارين، بين مؤيد ومعارض لتلك الدعوة.
جاء ذلك خلال جلسة مناقشة تقرير لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول التقاعد، اليوم الأربعاء، بمجلس المستشارين.
وتشكلت تلك اللجنة عقب احتجاجات نقابية رافضة لقوانين تم إقرارها من قبل البرلمان في يوليوز الماضي، ودخلت حيز التنفيذ مطلع العام الجاري، وتتعلق بإصلاح نظام التقاعد بالوظيفة الحكومية، ومن بين تلك الإصلاحات رفع سن التقاعد من 60 عامًا إلى 63.
ودعا تقرير اللجنة، الحكومة إلى تجميد تطبيق بعض القوانين المتعلقة بإصلاح نظام التقاعد، ما يعني وقف تطبيق خطة الإصلاح كاملة.
فمن جانبه، انتقد البرلماني عن حزب “العدالة والتنمية” بمجلس المستشارين عبد الصمد المريمي، دعوة اللجنة إلى توقيف خطة الحكومة إصلاح نظام التقاعد.
وقال المريمي خلال كلمة له أثناء مناقشة التقرير، إن هذه الدعوة تكرس سلوكا يمس بالقانون، ويفقد الثقة لدى المخاطبين بالقانون في إمكانية تطبيق النصوص والتشريعات المصادق عليها والصادر الأمر بتنفيذها.
وأضاف: “المطالبة بتوقيف خطة الإصلاح لا تتماشى ومخرجات تقرير اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد (لجنة تضم ممثلين عن الحكومة والنقابات وأرباب العمل) التي دعت إلى استعجالية إصلاح نظام المعاشات المدنية”.
ولفت إلى أن الدعوة لا تتماشى أيضا مع “تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2013 حول منظومة التقاعد بالمغرب، ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول مشروعي قانوني المعاشات المدنية”، حيث وجها دعوة مماثلة بإصلاح التقاعد.
من جهته، دعا محمد العلمي البرلماني عن الفريق النيابي لحزب “الاتحاد الاشتراكي” بمجلس المستشارين، الحكومة إلى وقف إصلاح التقاعد، بسبب كونه سيؤدي إلى ما أسماه “كارثة اجتماعية كما عبرت عن ذلك المركزيات النقابية”.
ولفت إلى ضرورة أهمية تبني دعوة اللجنة البرلمانية لتوقيف خطة الحكومة إصلاح التقاعد.
ورفض أي مساس بحقوق المنخرطين بنظام التقاعد والمتقاعدين، مضيفا أن “المس بهذه الحقوق ينبني على رغبة لتأجيج الوضع الاجتماعي خصوصا في ظل ارتفاع وتيرة احتجاج التنسيقية الوطنية لإسقاط خطة التقاعد في المغرب “.
وفي نفس السياق، دعا الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية إلى الرجوع إلى الحوار الاجتماعي من أجل مباشرة الإصلاح الشمولي، “الذي يبدأ بدمج الصندوق المغربي للتقاعد والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في أفق الوصول إلى الصندوق الوحيد، وعبر إحداث نظام خاضع للتسقيف مع تشجيع أنظمة تقاعدية تكميلية اختيارية، وإعادة النظر في القانون الحالي”.
نفس الطرح أكده الفريق الحركي الذي اعتبر أن الاصلاح المقياسي رغم أهميته وضرورته، هو إصلاح جزئي ذو طابع مالي وليس إصلاحا هيكليا يروم إعادة تحديد دور الدولة في علاقتها مع هذا الصندوق “مما يضرب بعمق مكتسبات المنخرطين واستقرارهم الإجتماعي خاصة بالنسبة للشريحة ذات الدخل الضعيف والمتوسط”.
واعتبر أن الإصلاح الحقيقي يجب أن يندرج ضمن الإصلاحات الكبرى والتي يجب أن تتم بشكل متواز مع إصلاح صندوق المقاصة والنظام الضريبي وأنظمة الأجور وبرامج الرعاية الإجتماعية، كما أن هذا الإصلاح، يضيف الفريق البرلماني ، يتعين أن يكون شموليا وطويل الأمد وليس جزئيا وظرفيا.
أما مداخلات فريق الاتحاد المغربي للشغل ومجموعة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام لمقاولات المغرب ومجموعة العمل التقدمي فأكدت في المجمل على أن توصيات لجنة تقصي الحقائق أكدت صواب المواقف المعبر عنها تجاه الاصلاح المقياسي داعية بالمقابل الى مباشرة اصلاح هيكلي “في إطار حوار اجتماعي جاد ومسؤول”.
وطالبت بتقديم حلول جذرية للاختلالات الهيكلية التي يعاني منها نظام التقاعد “تستند إلى رؤية مستقبلية بعيدة المدى ونظام للقطبين عمومي وخاص وفق خارطة طريق واضحة المعالم ومراحل محددة”. كما ثمنت العمل الذي قامت به لجنة التقصي والذي شخص بدقة أسباب الأزمة التي يعيشها الصندوق المغربي للتقاعد وقدم خلاصات وتوصيات انبنت على معطيات وتقارير جدية ومسؤولة.