تألق جامعة ابن زهر دوليا في دعم السوسيولوجيا رغم إقبار وتبخيس الوزارة لها.

 

hili

حقائق24  

جواد الأطلس – خاص

انعقد خلال شهر يوليوز الماضي، ما بين 4 و8، المؤتمر الدولي للجمعية الدولية لعلماء الاجتماع الناطقين بالفرنسية وذلك بجامعة كيباك مونتيريال، فعلى مدى خمسة أيام تمت مناقشة العديد من القضايا الدولية، التي تورق اليوم الأنظمة السياسية، سواء في مجال السياسات الاجتماعية والأسرية، الهوية الفضاء والسياسة والمفاهيم الجديدة المؤسسة للاندماج وإعادة الاندماج، ثم موضوع المدن والمجتمعات في علاقتها بالسياسات العمومية. تمت مناقشة الدراسات الاجتماعية والقانونية في علاقتها بعلم الاجتماع الجنائي. أيضا مناقشة سوسيولوجيا العلاقات الاجتماعية بين الجنسين والبيئة وكذلك الموارد الطبيعية والعلوم والتكنولوجيا والدين وغيرها من المواضيع والقضايا التي صارت السوسيولوجيا تتبعها وتبحث في مسارها وتوجهاتها ومخاطرها. لعل الاهتمام الكبير بمواضيع مختلفة. نوقشت هذه المواضيع داخل حوالي 37 فريق للبحث وحوالي 27 فريق للعمل بالإضافة إلى 7 جلسات ناقشت مواضيع هامة من قبيل؛ نموذج للدولة الاجتماعية ثم العولمة وحركية المعارف عبر حدودية الأزمة بإفريقيا وإعادة التشكل. موضوع الحركات الاجتماعية لم يغب عن المناقشة ضمن هذه الجلسات.

إن تتبع البرنامج العام لهذا المؤتمر، يكشف عن حقائق مهمة، تكمن في كون البلدان المتقدمة تعتمد على علم الاجتماع بشكل كبير في رسم السياسات والتخطيط الاجتماعي وكذا تحديد معالم وآفاق التعاون الدولي بين مختلف دول العالم. يتجلى هذا الاهتمام من خلال الأهمية التي أولتها حكومة الكيباك لهذا المؤتمر من خلال الحضور الوازن لشخصيات مهمة في الحكومة. كما يتضح كذلك، هذا الاهتمام من خلال الدعم الذي توليها جامعات الدول المتقدمة ومختبرات البحث المنتمية لها وأخيرا يتضح هذا الاهتمام من خلال المواضيع التي نوقشت ضمن مختلف الأوراش التي شهدتها جامعة كيباك مونتريال خلال فترة المؤتمر، حيث التأم باحثون وخبراء وأساتذة جامعيون وطلبة الدكتوراه من جامعات عالمية مختلفة تنتمي إلى كل القارات. ما يوحدهم هو الاهتمام بقضايا عالمية تهدد أحيانا مستقبل الأسرة والفرد والمجتمع وفي أحيان أخرى نجد هذه المواضيع التي وحدت الباحثين تحاول أن ترسم مكامن سعادة الإنسان. فخلال خمسة أيام تحدثت السوسيولوجيا بلغة واحدة وهي الفرنسية، لكن هدفها هو أعطاء قوة ومكانة لعلم الاجتماع ضمن دوائر صناعة القرار.

كشف هذا المؤتمر عن الأهمية الكبرى، التي توليها الدولة المتقدمة للبحث العلمي وأهمية علم الاجتماع في رسم مسار ومسالك هذا البحث، حيث اتضح ذلك من خلال دعم الباحثين على مختلف درجاتهم ماديا من خلال دعم النقل والمبيت والتغذية. كما تجلت أهمية مختبرات البحث من خلال دعم الشباب ماديا لحضور أشغال هذا المؤتمر.

حضرت أوربا كاملة ثم أمريكا الجنوبية وآسيا وبعض الدول من إفريقيا، الكل كان له هم واحد هو كيف نرقى بالبحث العلمي ليس في مجال علم الاجتماع وحده ولكن في مختلف العلوم. لكن، ما ميز هذا اللقاء هو الحضور الضعيف جدا للجامعة المغربية، بحيث لم يحضر إلى جانب عالمة الاجتماع المرموقة رحمة بورقية؛ سوى خمسة أساتذة من ثلاثة جامعات وهي جامعة ابن زهر الذي مثلها ثلاثة أساتذة باحثين من شعبة علم الاجتماع، حيث دعمتهم كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكابر  عن طريق شراء تذاكر السفر ذهابا وإيابا، في هذا الإطار لابد للباحث أن يقف ويتأمل فلسفة جامعة ابن زهر بأكادير، التي تعد رائدة في مجال دعم البحث العلمي عن طريق دعم الأساتذة الباحثين لطبع الكتب والكراسات، أيضا دعم تنقل الأساتذة الباحثين سواء داخل المغرب عن طريق شراء تذاكر القطار والحضور للملتقيات والندوات العلمية ثم دعم السادة الأساتذة الباحثين عن طريق شراء تذاكر السفر إلى خارج المغرب من أجل حضور الملتقيات الدولية وتبادل الخبرات في مجال البحث العلمي. يتجلى اهتمام جامعة ابن زهر من خلال الفلسفة، التي رسمها الأستاذ عمر حلي والمتمثل في التوسع، حيث صارت جامعة ابن زهر تعطي كل جنوب المملكة المغربية وأيضا، من خلال الأهمية، التي يوليها للشباب وللأساتذة الباحثين ولعل مقارنة بسيطة بين عهده وعهد سلفه يتضح الفرق.

نعم ينبغي إن ننتقد ولكن، أيضا ينبغي أن تكون لدينا جرأة لكشف بعض الحقائق دون خجل من الواقع. ففي الوقت الذي تدعم فيه عمادة الكلية ورئاسة الجامعة ثلاثة أساتذة لحضور مؤتمر دولي بكيباك مونتيريال وتدعم فيه أساتذة آخرين لحضور ملتقيات أخرى، في ظل الوضعية المالية للأستاذ الباحث والأجور المجمدة لسنوات وتوالي الاقتطاعات، نجد أستاذتين واحدة من جامعة القاضي عياض بمراكش وأستاذة ثانية من جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحضران هذا اللقاء الدولي من مالهما الخاص. كما تم تسجيل غياب تام للطلبة الباحثين باستثناء طالب واحد من جامعة القاضي عياض والذي تحمل كل مصاريف النقل والمبيت والتغذية من ماله الخاص.

هنا نتساءل؛ أليس هناك علماء اجتماع مغاربة يحق لهم أن يمثلوا المغرب في المنتديات والمحافل العلمية؟ أكيد داخل الجامعة المغربية هناك طاقات مهمة ومبدعة لكن للأسف الجامعة المغربية لا تدعم الباحث فيما يتعلق بالحركية الأكاديمية. وهنا لا بد من توجيه الشكر لرئاسة جامعة ابن زهر على هذا الدعم وعمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

إن دعم تنقل الأستاذة والأستاذ داخل جامعة ابن زهر من أجل المشاركة في الملتقيات الدولية، مكسب مهم ينبغي أن تتم المحافظة عليه، على اعتبار أن الأصوات التي تنتقد شراء تذاكر السفر للأساتذة، فهي تسعى للإجهاز على هذا المكسب. بل بالعكس ينبغي التفكير في الحفاظ عليه وتطويره وذلك عن طريق مطالبة الأساتذة الباحثين الذين استفادوا من هذا الدعم أن يقدموا تقارير وعروض أمام لجن علمية عن رحلاتهم ومشاركتهم كما هو معمول به بالجامعات العالمية التي تحترم الإطار والباحثة والباحث وتحترم البحث العلمي. كما أن تأسيس مثل هذا السلوك بالجامعة المغربية يؤسس لقيم الاحترام بين الإطار الباحث والمؤسسة من جهة ويؤسس لمنطق الشفافية من جهة ثانية. أيضا، لا بد من انخراط مختبرات البحث داخل الجامعة في تمويل الحركية الأكاديمية لأستاذة والأستاذ.

إن مؤتمر الجمعية الدولية لعلماء الاجتماع الناطقين بالفرنسية؛ كشف عن الدور الريادي الذي تلعبه جامعة ابن زهر في دعم الأستاذ الباحث وعن ما تتميز به هذه المؤسسة عن باقي المؤسسات الجامعية الأخرى. كما أبان عن الفلسفة التي نهجها رئيس الجامعة وعميد كلية الآداب في الانفتاح عن المؤسسات الجامعية العالمية عن طريق عقد العديد من الاتفاقيات ودعم تنقل الإطار الجامعية من أجل الانفتاح عن تجارب جامعية عالمية.

أبان انتخاب المكتب الجديد مساء الخميس 7 يوليوز عن الحضور الوازن لتونس وهو ما أهل أستاذ من الشقيقة تونس لكي يكون ممثلا في المكتب الجديد. كما أن الدورة المقبلة ستكون أيضا بتونس الشقيقة. أيضا، أبانت انتخابات المكتب الجديد عن السلوك الحضاري، الذي ميز الطلبة الباحثون في سلك الدكتوراه والذين حضروا أشغال هذا اللقاء، بحيث طالبوا بحقهم في التصويت وكيف، تمت حلحلت هذا المشكل. سلوك حضاري آخر تميز به علماء الاجتماع مساء الأربعاء سادس يوليوز بحيث تم انتخاب مكاتب فرق البحث بشكل راقي جدا. هنا يمكن طرح سؤال لماذا لم تستطع الجمعية المغربية لعلم الاجتماع أن تجدد هياكلها وترسم مسارا للبحث السيوسيولوجي بالمغرب؟

إن ما أبان عنه هذا المؤتمر هو أهمية تخصص علم الاجتماع والحماية التي توليها جماعة علماء علم الاجتماع لهذا العلم ولطلابه من كل الدخلاء مثلما كشف هذا اللقاء عن أهمية الباحثين في علم الاجتماع في تحليل ورسم مستقبل البلدان وذلك؛ لكونهم يفكرون وينخرطون في التغيير كما أنهم متواضعون. هذا التواضع هو الذي يسمح لهم بالانخراط في الحياة العامة.

إن علم الاجتماع بالمغرب ومن خلال التمثيل الباهت في المؤتمرات الدولية، يجعلنا نقر بأن هذا الدرس لازال يتم التعامل معه على أساس أنه غير مجدي حتى تم ترسيخ عدم جدواه لدى المؤسسات من جهة ومن جهة ثانية؛ يكشف هذا الحضور الباهت التضييق على هذا العلم من طرف تخصصات أخر ومؤسسات الدولة. أيضا؛ يكشف عدم قدرة الباحثين في علم الاحتماع على خلق تكتل أي الجماعة السوسيولوجيةوانقسامها، مما سهل الاستحواذ على هذا العلم من طرف تخصصات أخرى.

من خلال تجميع مادة هذا التقرير من طرف بعض الباحثين الذي حضروا هذا اللقاء يمكن القول أن جامعة ابن زهر تبقى رائدة في مجال دعم البحث العلمي ودعم الأستاذ الباحث. كما يمكن القول كذلك، أنه حان الوقت للمطالبة بإحداث صندوق ينهض بالبحث الجامعية وذلك عن تمويل الباحثين وتنقلاتهم الأكاديمية، أيضا لا بد من دعم الطالب الباحث وذلك من خلال مختبرات البحث، التي تصرف لها ميزانيات غير أنها بدأت تتخذ كآلية في الصراع وحصد الأصوات للمنتمين داخل هذه المختبرات ومحاضرة الأساتذة الذين ينشطون ويبدعون من خلال تضييق الخناق عليهم أثناء تنظيم اللقاءات والمؤتمرات الدولية. نعتقد كذلك، ومن خلال المعطيات، التي تم تجمعها بهدف صياغة هذا التقرير أن الإطار الجامعي اليوم ينبغي أن يكشف عن إنتاجه الفكري ومشاركاته العلمية، بحيث كثير ما تنتقد الإدارة ولكن الإطار الجامعي يظل في الظل.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *