حقائق24 – (صورة تعبيرية)
مراسلة : عثمان أيت علي
بعد المقال المخل لآداب التحرير الصحفي الذي أصدرته جريدة المساء في عددها اليومي في السابع عشر من الشهر الجاري. بعنوان إنتفاضة ضد الميز العنصري, إستغربت ساكنة دوار إدولسطان جماعة أقايغان إقليم طاطا مما جاء في المقال من افتراءات وتلفيقات مبتدعة اختلقتها طائفة من الساكنة حنقا على ما استجد في الدوار من أحداث بعيدة كل البعد عن العنصرية التي احتمت تحت رحمتها ثلة ممن وصفوا نفسهم بذوي البشرة السوداء في المقال المذكور انفا.
ومما أثار الحيرة والاستغراب، ما ضمنته الجريدة تحت طيات سطورها من مفارقات تفتقر للحقيقة وللأمانة والنقل الأدبي. لهذا السبب وجب توضيح الواقعة تصحيحا لبعض الأمور التي تفتقد للموضوعية في تجسيد الأحداث نقلا عن الناس المعنيين بالتمييز في نفس الدوار، أملا في إزالة الغموض عن الوقائع التي بث فيها المقال بالنقل, وفيها من الصحة ما يدعوا زمرة الصحفيين، الذين يفتقرون لمعيارية الفهم الموضوعي، إلى إعادة النظر في أصول البناء المقالي من جهة، ومن جهة ثانية يصرح بما لا يشوبه غموض وبدعوة جادة لمعاينة الأحداث في أرضية الواقع تحقيقا للصحة وبحثا عن الخبر من منطلقه الجغرافي.
كما أعرب عدد من سكان دوار إدولسطان عن استيائهم لما وصفوه بالمقال الغير المنصف والمبالغ في تقديره للوضع، و عن رفضهم لكافة الأحداث الملفقة ضدهم، مبررين ذلك بتصور آخر يعيد صياغة الأحداث بطريقة واقعية إنطلاقا من القضية الأساس، التي أشار إليها صاحب المقال حينما تحدث عن مسألة الأرض وإن كان حديثه من زاوية عنصرية إلا أنها أبعد مما يتصور. ومنها سنحاول إعادة قراءة الأحداث بصورة تسلسلية ترجيا للفهم الصحيح.
مما لاشك فيه أن الأحداث استنطقت من سلسلة من الوقائع، لتصاغ في قالب تمييزي يحصر المعنى في زاوية تخدم مصالح جهات معينة دون أخرى وكان مما أشار إليه المقال؛ حديثه عن التمييز العنصري في الدراسة تحديدا السلك الإبتدائي.
ومن الغريب أن نحكم في أمر تعيين الأطر حينما قال محرر المادة الصحفية المنشورة بأن جهاتا معينة خصصت معلمة من ذوي البشرة السوداء لتدريس تلاميذ يحملون نفس لون البشرة وهو أمر غير منطقي باعتبار أن أمر التعيين موكول لنيابة التعليم بطاطا. كما وأن الأمر لم يكن محل الصحة حينما قال التعليم الأولي. بل بعيد عن منظومة التعليم, فالمسألة تتعلق بمؤسسة الحضانة أو ما يطلق عليه في لغة الشارع ب “الروض”، وحقيقة القول أن في الأمر كذب كشفناه ، ثم غموض سنعمل على توضيحه , إذ أن المشكل لم يكن تفريق عن ميز عنصري بل سوء تفاهم أولوه الكاتب للعنصرية الذي لا يفارق تفكيرهم. علاوة على أنها مسألة لا تستدعي كل هذا التأويل. وحقيقة الأمر؛ في بداية كل موسم دراسي توكل فتاة من فتيات الدوار -للعناية وتهييء الأطفال للتعليم الأولي- من طرف أولياء التلاميذ , ونظرا للبطالة المحدقة بين الفتيات برزت ثلاث فتيات للقيام بذلك إثنتان منهما من ذوي البشرة السوداء ولاعيب إن قلنا أنهن من يشغلن العمل طيلة السنوات الماضية . أما الثالثة فأقبلت على ذلك السنة الفارطة, على أساس أن تدرس كل واحدة ليوم شريطة تفريق الأجرة بينهم. لكنهم بادروا بعزل أبنائهم بقسم حنقا على هذا الشرط، مما عرض الأطفال الآخرين للعزل دون مربية و دام الحال قرابة شهرين إلى أن إتفق أولياء التلاميذ بتعيين الفتاة الأخرى لقيام بذلك ., فخصصت القاعة الأخرى لذلك الغرض دون مراعاة التقسيم المنصف، من تخصيص مقاعد للجلوس، كون القسم الآخر حاز كل الطاولات التي وهبتهم إياها منظمة السلام الأمريكية ,فلم يكن أمامهم غير افتراش حصيرة لجلوس التلاميذ دون أدنى حق طيلة السنة الماضية، غير مبالين بالعنصرية الأساس التي عمدوا معاملة الأطفال بها ،ولأنهم من ذوي البشرة البيضاء فالأمر لايعدوا عنصرية قطعا. وظل الحال لحدود هذه السنة، فكانت الشهرين الأولى كما الحال يفترشون الأرض, مما دفع أولياء التلاميذ لشراء بعض الطاولات قبل أسبوعين من المقال الذي أثار ضجة العنصرية, تاركين أمر العنصرية داخل أسوار روض الأطفال تعلن حقيقتها المرة، إذ لم تسنح الفرصة لتفريق الألعاب التي منحتهم إياها المنظمة بل خصصوها لأبنائهم دون وجه حق، ولم يكن خاطر الفئة المتهمة إثارة الفتنة في الأمر، تاركين متاع الروض لهم واكتفوا بحضانة أبنائهم داخل قسم منه وحسب.
لتكون بذلك هذه أبرز الحقائق التي قيل عنها أوضاع عنصرية. إلا أن صاحب المقال لم يكتف بتسليط الضوء على مشكل التلاميذ فقط، بل أثار مسلسل الفتنة والتفريق والميز حتى في مشكل اﻷرض. فكتب نقلا عن مصادره أن فئة من ذوي البشرة السوداء باثوا مهددين بالرحيل، كأننا في حلب أو العراق ولا وجود للسلطات الساهرة على ضمان حقوق المواطنين , وحاشى للأمر من الصحة، ما دمنا في دولة الحق والقانون والمحاكم مفتوحة أمام مصراعيها للبث في المشاكل والاعتداءات.
غموض واضح أيضا في أمر الأرض أبلغ من حديثه عن التلاميذ , حتى يخيل لقارئ نصه بأن قانون الغاب يحكم المنطقة ومن العيب طعن مؤسسات الدولة في مثل هذه الادعاءات الكاذبة لا سيما وأن القانون حد للفصل.
إنما أثاره الكاتب، لا يعدوا أن يكون سعيا حثيثا لإثارة الفتنة في أمر، القانون له بالمرصاد، وهو وحده الفاصل والحكم في النزاع, فأفاض بلغة تلين همم القارئين تضامنا مع فئة همها حيازة الأرض, ومن الغريب أيضا دعوة المنظمات الحقوقية لمآزرتهم ما داموا يدعون امتلاكهم للوثائق (على حد مزاعم الكاتب).
إنما الأمر بعيد المنال أن يكون عنصرية ولا حتى تهديدا بالرحيل. بل خوفا من القانون الذي أوكل المتهمون في المقال قضيتهم إليه، سيما وأن جل الوثائق التي استصدروا يكتسيها نوع من الغموض، ولنا في ذلك تفصيل. أولا لتوضيح الأمور، فقضية الأرض لا تشملهم البثة، بل تهم عائلة واحدة و إنما هم البقية لم يكن إلا لحشد جموع من الناس، تضخيما للقضية حتى تستعطف زمرة المتملقين الذين تستهويهم الفتن، ثم إن ذلك لا يعد عنصرية، ما دام الصراع بين أناس يدعون الملكية بموجب وثيقة قانونية، وآخرون استصدروا وثائقهم من الجماعة السلالية (أراضي الجموع). فالقانون يغلب الملك الخاص على ملك الجموع. أما فيما يخص القضية فالمحكة ستحكم في المسألة بوجه القانون ولا حاجة للحقوقيين في التدخل في مشاكل الخواص بدريعة العنصرية. وأنوه لما أشارت إليه الساكنة، أن الوثائق المزعومة فيها من الخروق القانونية ما يهدد صحتها. كتخصيص رخصة حفر بئر. لحفر بئرين. كما أكدت الساكنة بعض الخروقات بالدوار المذكور، كاعتداءات بالشتم وهتك العرض بالضرب، ففي السنة الماضية، أقدم شخص ممن قيل عنهم الكاتب يعانون من العنصرية، على ضرب شخص من المتهميين بممارسة الميز العنصري. وفي ذات السياق، أقدمت عصابة على ضرب فتى في العشرين وامرأة حاولت تشيد صور لملكيتها،بحجة وجود طريق وسط بقعة فلاحية تخصها. وقد أحيل الملفين للقانون، أولاهما صدر حكمه الابتدائي بطاطا بالسجن على المتهم بالضرب ، ليستأنف الملف بمحكمة الاستئناف بأكادير، وآخر ينتظر من القانون الإنصاف في وجه المعتدين. وللقانون واسع النظر في الأمر. كما وأضافت الساكنة أن الدوار يعاني من الخروقات القانونية، إذ أقبل العديد ممن احتموا تحت راية العنصرية على تشييد مباني دون إمتلاك رخص البناء. ومن تعسف السلطة في شخص القائد عن ردع كل أشكال الانتهاكات القانونية، تسوية منه للمشاكل العالقة بينه وبين الساكنة بحجة عدم صلاحية عمله في معالجة كافة المشاكل التي تخص الملك الخاص، بدريعة عد نفسه وصيا على أراضي الجموع التي رفضها المعنيون لإمتلاكهم وثيقة قانونية تبين امتلاكهم لأرض أبا عن جد منذ قرون خلت، وهي نفسها الوثيقة التي أشار إليها كاتب مقال جريدة المساء.
لتبقى صرخة المعنيين تحت رحمة الله والقانون، للحكم في قضيتهم. دون إعتداء ولا تمييز ولا هتك للعرض أو الشرف. والحال أن مشكل الأرض قد يفرق المرء مع غير كما الحال في العالم بأسره. لكن الميز شيء آخر ما داموا يجتمعون في صف متكامل، وراء إمام واحد وتحت سقف مسجد واحد. وفي مؤسسة تعليمية واحدة في طاولة مشتركة، تبرر زيف العنصرية المصطنعة التي سعت أفواه الصحافة لاختلاقها. كما ولا تنكر الساكنة بعض الصراعات التي وصلت حد تبادل السباب من كلا الطرفين بمواقع التواصل الاجتماعي وإن كان فيه وجه من العنصرية ، إلا أنه لا يجسد الوضع المختلق. لاسيما وأن الكل يباشر بطعن الآخر, فذاك يتهم المرء في شرفه وأصله، وآخر يتلو سطور التاريخ الذي همش الفئة الأخرى. ووصفهم بالنعوتات المتبادلة، لا يعني عنصرية بقدر ما يجسد فصول التاريخ ويعيد قرائته بصور أدبية لا تخلو مواقع التواصل منها أينما حللت في كل بقاع العالم، من صراعات مصلحاتية ، وفروقات في الأفكار تبريرا للمواقف. كما أشار المعنيون أنهم عانو طيلة السنتين الماضيتين من ألقاب مخلة قد يؤولونها هم أيضا للعنصرية ، إذا انطلقوا من نفس منطلقهم. ومنها نعتهم بالمزورين، وبشرفاء 2013، حينما أقبلوا على توثيق أصلهم لدى دار الشرفاء باستخراج بطاقة انتساب تبين انتسابهم لشرفاء قبائل الصنهاجة طبقا لمصلحة اﻷنساب التي بث فيها القانون بوجه الصحة.
ولازالت اﻷلقاب تتذاكر على مسامعهم في مواقع التواصل وفي محافل الصراع. دون أن ينتفضوا في وجه الميز الممارس عليهم. تاركين الأمر في حدود اﻷلسن، لا يعيرون له أدنى إنتباه كي لا يشغلهم عن قضيتهم اﻷساس. آملين من القانون الفصل في قضية اﻷرض.
إن ” العنصرية” باثت الحل الوحيد لاستقطاب مدافعين جدد عن حق غير مشروط. ولم يكن أمام هواة الصحافة غير إثارة مثل هذه القضايا كسبا لتعاطف الذي تثير حفيظتهم الفتن ، والذين يسترزقون فوق رؤوس الضعفاء.