الجريمة والعقاب

بدافع الانتقام لشرفه .. قطع أنفه وأذنيه وخصيتيه

تشرع الغرفة الجنحية التلبسية لدى المحكمة الابتدائية بمكناس، يوم الجمعة الماضي، في مناقشة الملف المثير عدد 19/1738، الذي يتابع فيه ثلاثة متهمين، ضمنهم امرأة، من أجل جنح الإيذاء العمدي، والضرب والجرح بواسطة السلاح مع سبق الإصرار والترصد في حق(م.م)، والمشاركة في ذلك في حق زوجته (ز.ب)، والتحرش الجنسي، وإهانة الضابطة القضائية عن طريق الإدلاء ببيانات كاذبة ويعلم بعدم صحتها بالنسبة إلى الضحية/المتهم (ح.م).

وهو الملف الذي أرجئ فتح صفحاته في جلستي 2 و16 غشت الجاري، استجابة للملتمس الذي تقدم به دفاع الزوجين، الرامي إلى منحه مهلة كافية للاطلاع على وثائق ومستندات الملف لأجل إعداد الدفاع، والشيء نفسه بالنسبة إلى دفاع الضحية/المتهم، الذي التمس مهلة لتقديم الطلبات المدنية في مواجهة الزوجين.
الجمعة 2019/8/30 العدد: 5998
في 27 يوليوز الماضي تقدم الضحية/المتهم (ح.م) بشكاية إلى سرية الدرك الملكي بالحاجب، يعرض فيها أنه يشتغل راعيا للغنم، وأنه في الساعات الأولى من صباح يوم الحادث استيقظ على صوت نباح كلاب الضيعة، التي يسكنها رفقة أفراد عائلته، الواقعة بدوار آيت قسو بجماعة أقدار(إقليم الحاجب)، ولما خرج لتفقد الأمر فوجئ بثلاثة ملثمين يعرضونه للضرب بعصي، كانوا مدججين بها، وبعدما أحكموا قبضتهم عليه وأسقطوه أرضا، قاموا بتكبيل يديه إلى الخلف ورجليه، ووضعوا وشاحا على عينيه وآخر على فمه، لمنعه من الصراخ وطلب النجدة، قبل أن شرعوا في تهديده بالقتل، إن لم يدلهم على المكان الذي يحتفظ فيه بالنقود.
بعدما أخبر الراعي “الجناة” أنه لا يتوفر على المال، قاموا بقطع أجزاء من أنفه وأذنيه، ساعتها اعترف لهم بادخاره مبلغ 5000 درهم فقط، تحسبا لـ”دواير الزمان”، إلا أنهم لم يصدقوه، مجددين تهديداتهم بتصفيته جسديا، قبل أن يعمد أحدهم إلى بتر جزء من عضوه التناسلي، وغادروا المنزل بعد استيلائهم على المبلغ المذكور، وهاتفه المحمول.

الرواية الواقعية

بتاريخ 30 من الشهر نفسه، تقدم الراعي من جديد أمام مصلحة الدرك الملكي، معترفا بإدلائه لهم، قبل ثلاثة أيام، بتصريحات كاذبة بخصوص واقعة الاعتداء الجسدي، الذي تعرض له من طرف أفراد “عصابة الملثمين”، متراجعا بذلك عن تصريحاته التمهيدية.
شرع الراعي في سرد أحداث وفصول الرواية الواقعية، مفيدا أنه مساء 26 يوليوز الماضي دعاه المتهم إلى تناول وجبة العشاء بمنزله، الشيء الذي لم يتردد لحظة في قبوله، مشيرا إلى أن صاحب المنزل، الذي تربطه به علاقة عمل وصداقة وجوار لأزيد من ست سنوات، استقبله ساعة حلوله على الساعة العاشرة ليلا بحفاوة وترحاب كبيرين.
جلس الراعي في ركن من أركان إحدى غرف “قصر الضيافة”، منتظرا إكرام وفادته بما لذ وطاب من أكل وشرب، كيف لا وهو مدعو إلى مأدبة عشاء، وفي ليلة دافئة من ليالي”منزلة الصمايم” الجارية. وما هي إلا لحظات حتى فوجئ الراعي”المعزوم”، بلغة إخواننا المصريين، بصاحب المنزل يتقدم نحوه مدججا بأسلحة بيضاء، عبارة عن سكين من الحجم الكبير وعصا، ساعتها أدرك أنه أخطأ العنوان، بل وأيقن أن كرم الضيافة سيتحول في رمشة عين إلى “خليان دار بوه”، الشيء الذي تجسد على أرض الواقع.

“شرع اليد”

نادي صاحب المنزل على زوجته، وأمرها بتكبيل يدي الراعي “الضيف”، الأمر الذي لم تتأخر لحظة في تنفيذه. تناولت الزوجة سلكا حديديا وقامت بتقييد يدي الراعي إلى الخلف، ليتولى صاحب المنزل في مرحلة موالية اقتياده إلى إسطبل الماشية، وهناك أخبره أنه سيزهق روحه بسبب تحرشه المستمر بزوجته ومراودتها عن نفسها، وتحريضها على ممارسة الرذيلة، قبل أن يطلب منه الزوج الانبطاح على ظهره، وبدون مقدمات تناول مقصا خاصا بجز صوف الغنم، ليعمد إلى قطع جزء من أنف الراعي. لم تقف سادية حامل المقص الحديدي عند التلذذ بجدع أرنبة أنف الراعي، بل تجاوزتها إلى حدود قطع جزء من أذنه اليمنى ثم جزء من الأذن اليسرى، غير مكترث باستعطاف”فريسته” له.
ظن الراعي أن جلاده سيكتفي بهذا القدر من التعذيب والتنكيل، خصوصا بعدما قام بطرح المقص أرضا، وأخذ في الانتشاء بتدخين سيجارة أخرجها من جيب قميصه الصيفي، وارتشاف جرعات متفرقة من فنجان قهوة، متلذذا بأنين وصراخ “غنيمته”، على مرأى ومسمع من الزوجة، التي لم تحرك ساكنا.
ولأنه صمم على مواصلة عدوانيته تجاه الراعي بغرض الانتقام لشرفه، وبعد فراغه من تدخين السيجارة، عاد صاحب المقص لالتقاط أداة الجريمة من الأرض، واقترب مجددا من الضحية، وخاطبه بالقول، “اليوم غانعاود ليك الطهارة”، ليقوم هذه المرة بتنفيذ ما هو أبشع، من خلال قطع جزء من العضو التناسلي للضحية، وكأنه أسد يصول ويجول وسط غابة، متلذذا بنهش”فريسته”.
لم يكتف “المضيف” بهذا القدر من “الكرم الحاتمي”، بل تعداه إلى حد توجيه ضربتين قويتين في الساعد الأيمن للراعي بواسطة عصا غليظة، قبل أن يفك وثاقه ويجبره على المغادرة، مهددا إياه بالقتل إن هو أخبرا أحدا بالواقعة، بمن فيهم رجال الدرك.
ولأنه توجس خيفة من تهديدات صاحب المنزل له، فكر الضحية في تأليف قصة من نسج الخيال، وقصد منزل أحد جيرانه وأخبره أن مجهولين عرضوه للضرب والجرح، وهي الرواية نفسها، التي قص أحداثها لأفراد أسرته وأقاربه وسكان الدوار وبعدهم رجال الدرك.

انتقام للشرف

اعترف الزوج بالمنسوب إليه جملة وتفصيلا، مصرحا أن ما قام به كان بدافع الانتقام لشرفه، بعدما أخبرته زوجته أن الراعي يتحرش بها ويحرضها على الفساد، ما جعلهما ينصبان له كمينا للإيقاع به، إذ أمرها بدعوته إلى زيارتها ليلا، بعدما أوهمه هو أنه سيحضر حفل زفاف بأحد الدواوير البعيدة، وهو الطعم الذي ابتلعه الضحية بسهولة، ظنا منه أن محاولاته المتواصلة في مراودة الزوجة عن نفسها أتت أكلها، ولم يكن يخطر بباله يوما أن “صياد النعام يلقاها يلقاها”، على حد تعبير المثل المغربي الدارج.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى