بوشطارت: الطوارق مدخل محوري لحلحلة قضية الصحراء

حقائق24  متابعة

أكد الإعلامي البارز بالقناة الأمازيغية، عبد الله بوشطارت، أن أي حلحلة ممكنة لقضية الصحراء المغربية تستوجب حتما المرور عبر بوابة طوارق الصحراء الكبرى. فالبوابة الطوارقية حسب بوشطارت طريق ثقافية وتاريخية وسياسية. بل إن فهم قضية الصحراء في المغرب، حسب بوشطارت، يقتضي دراسة وفهم تاريخ الصحراء الكبرى، وضرورة استحضار دور أمازيغ الصحراء في هذا التاريخ وبناء المجال. حيث لا يعقل مثلا، يشرح ذات المتحدث، أن يتم النظر إلى الصحراء من وادنون الى نهر السينغال كأنها أرض للبيضان، فهذا في نظره تقزيم صارخ للتاريخ وإقصاء واضح لتاريخ طويل من التثاقف والتمازج الحاصل في الصحراء. أما عدم استحضار رؤية ودور أمازيغ الصحراء في الترافع الدولي وتهميش عامل الثقافة والروابط التاريخية البينية، فيبقى حسب بوشطارت دائما غير مفهوم إلى حد الآن.

وفي هذا السياق تأتي باكورة الإصدارات العلمية للإعلامي الأمازيغي بوشطارت حول موضوع “الطوارق، المجال، السلطة والمقاومة”. كتاب رأى النور مؤخرا وهو في الأصل عبارة عن بحث أكاديمي لنيل شهادة الماستر في التاريخ بجامعة محمد الخامس بالرباط، في وحدة المجتمعات الإسلامية المتوسطية والحداثة.

ويضم هذا المؤلف التاريخي بين دفتيه ثلاثة فصول ومباحث عدة. حيث تم التركيز في الفصل الأول على موضوع توطين الطوارق على المستوى التاريخي والمجالي وكذا من حيث التسمية. فيما تم تخصيص الفصل الثاني لتفاعلات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، خصوصا التسربات الأولى للاستعمار الفرنسي وبعض محطات المقاومة وتأثيرات التدخل الأجنبي على الحياة السياسية والاجتماعية للطوارق، علاوة على أهم التحولات التي طرأت على النظيمة السياسية للطوارق. أما الفصل الثالث فخصصه الكاتب للحياة الاقتصادية والاجتماعية للطوارق.

وتكمن أهمية هذا الكتاب حسب رأي العديد من الباحثين في كونه استطاع أن يقدم قراءة مغايرة لمسار التحولات البنيوية التي أحدثها الاستعمار الفرنسي على المجال والمجتمع والاقتصاد في الصحراء الكبرى. تحولات برزت بشكل أساسي في إقدام الطوارق على التنقل من منظومة ذات خصوصية تلائم ظروف عيشهم في الصحراء التي يتحركون فيها بحرية وبدون حدود جغرافية وسياسية، إلى منظومة جديدة فرضت عليهم حدودا سياسية وإدارية وقيودا اجتماعية، جعلتهم يتوزعون على خمس دول قطرية. وهي الأمر الذي جعلهم يصبحون في هوامشها الصحراوية. هذا التحولات، حسب ذات المصادر، هي التي جعلت الكاتب يخلص إلى ضرورة الرجوع إليها لفهم أعطاب الدولة القطرية الحديثة في الصحراء الكبرى، وخاصة في بلاد الطوارق.

جدير بالذكر أن الدراسات العلمية والتاريخية والانثروبولوجية بالمغرب حول مجتمعات الطوارق تبدو وكأنها شبه منعدمة، رغم أن الحاجة إليها في فهم الرهانات الجيو-ستراتيجية الإقليمية والدولية في الصحراء الكبرى تعتبر حتمية لا مفر منها. وهو الأمر الذي فسره بوجود نوع من القيود الإيديولوجية التي كان البعض يفرضها ويوجه بها البحث في الثقافة والتاريخ والفكر عموما داخل الجامعات المغربية.

 

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *