حنان وهبي
“حتى يغيروا ما بأنفسهم”
تمثل الآية الكريمة: “إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”، قاعدة أساسية في إصلاح المجتمعات والنهوض بها. فالتغيير يبدأ من داخل الإنسان، من عقله وسلوكه وأخلاقه، قبل أن ينعكس على محيطه ومجتمعه. إلا أن الواقع يعكس أحيانًا صورًا سلبية لسلوكيات بعض الأفراد، خصوصًا في القطاعات التي تتطلب حسن التعامل وخدمة الناس، مثل الإدارات الحكومية، المستشفيات، وحتى الأماكن الخاصة التي يتوقع فيها المواطن معاملة راقية مقابل ما يدفعه.
سلوكيات مزعجة في قطاعات حساسة
من المؤسف أن نلاحظ وجود موظفين في مواقع حساسة يعاملون الآخرين بتعنت أو استعلاء، وكأنهم يقدمون خدمة تفضّلًا لا واجبًا. يتجاهلون أن المواطن، سواء أكان مراجعًا في إدارة حكومية، أو مريضًا في مستشفى، أو زبونًا في منشأة خاصة، له حقوق أساسية في الاحترام وحسن المعاملة.
في الإدارات الحكومية، قد يصطدم المواطن بموظفين يتعاملون ببيروقراطية باردة أو بأسلوب فج، مما يعطل مصالحه ويزيد من أعبائه النفسية والمادية. أما في المستشفيات، فإن عدم مبالاة بعض العاملين بحالة المرضى أو انعدام الإنسانية في التعامل قد يؤدي إلى تفاقم معاناة المرضى وعائلاتهم.
حتى الأماكن الخاصة التي يدفع فيها المواطن أموالًا مقابل خدمات معينة، كالمطاعم والعيادات الخاصة، نجد أحيانًا من يفتقر إلى الحد الأدنى من الاحترافية واللطف، مما يترك انطباعًا سيئًا لدى الزبون.
لماذا يحدث ذلك؟
تتعدد أسباب هذه السلوكيات السلبية، ومنها:
1- “ضعف الوازع الأخلاقي والديني”: غياب الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين.
2- “نقص التدريب المهني”: بعض الموظفين يفتقرون إلى مهارات التعامل مع الناس.
3- “الإدارة الضعيفة”: غياب الرقابة والمحاسبة يفتح الباب أمام التجاوزات.
4- “الضغوط النفسية والاقتصادية”: قد ينعكس الإجهاد على سلوك الموظفين تجاه الآخرين.
التغيير يبدأ من الداخل
الحل يبدأ بتغيير النفس، كما أشارت الآية الكريمة. فالتحلي بالأخلاق الحسنة والالتزام بمبادئ الدين والإنسانية هما أساس التعامل الراقي. كما يجب أن تتحمل المؤسسات دورها في تدريب موظفيها، وتعزيز ثقافة الاحترام والخدمة.
على المواطن أيضًا أن يكون جزءًا من الحل، من خلال المطالبة بحقوقه بأسلوب راقٍ ومناسب، والتبليغ عن أي تجاوزات تحدث بحقه.
نحو مجتمع أفضل
تغيير الواقع يبدأ بتغيير سلوكياتنا الفردية والجماعية. علينا جميعًا أن ندرك أن الكلمة الطيبة، وحسن التعامل، واحترام الآخر، ليست مجرد أفعال لطيفة، بل هي واجبات إنسانية وأخلاقية. حينها فقط يمكننا بناء مجتمع يعكس قيمنا النبيلة، ويجسد معنى الآية الكريمة في حياتنا اليومية.