اعتبر محمد الغلوسي أن المعارضة البرلمانية تسعى لتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول هدر وتبديد أموال عمومية تصل إلى 1300 مليار سنتيم، وهي أموال يُزعم أن “كبار” المسؤولين في البلاد، بما فيهم ممثلو الأمة، قد استحوذوا عليها. ومن جهة أخرى، تقدم فرق الأغلبية بطلب لإجراء مهمة استطلاعية بهذا الشأن، وهو ما يُعتبر من الناحية المبدئية والدستورية من صميم عمل البرلمان، ولا يجب معارضته أو التقليل من أهميته.
لكن هذا يثير تساؤلات عديدة: هل الهدف من هذه المبادرات هو البحث عن الحقيقة لتنوير الرأي العام؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه صراعًا سياسيًا واستعدادًا للانتخابات المقبلة، مع سعي كل طرف للتموقع لصالحه؟ وهل هذه الجهود مجرد محاولة لتعويم الموضوع وامتصاص غضب الرأي العام في انتظار طي الملف ومرور الوقت؟
قال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، في هذا السياق: “ما يهم المغاربة في هذه القضية ليس توظيف الملف لأهداف سياسية قد تسفهه وتفرغ المطالب الرامية إلى المحاسبة من مضمونها. ما يهم في هذه القضية هو أن تقوم الجهات المناط بها مهام الرقابة على المال العام، وعلى رأسها المجلس الأعلى للحسابات، بدورها كاملاً، وذلك من خلال إجراء افتحاص شامل للدعم الممنوح لمستوردي الأبقار والأغنام، مع نشر التقارير الخاصة بهذا الفحص وترتيب الجزاءات القانونية المناسبة.”
وأضاف الغلوسي: “لقد تم إعفاء هؤلاء المستوردين من الضريبة على القيمة المضافة ومن رسوم الاستيراد، كما تلقوا دعمًا ماديًا من الحكومة، ورغم ذلك، فإن أسعار اللحوم لامست السماء، مما أثر سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين.”
ثم زاد قائلاً: “إن كشف الحقيقة في هذا الملف يتطلب فتح تحقيق قضائي شامل من قبل النيابة العامة في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة. يجب أن يخضع صرف المال العام للقانون، ويجب إسناد البحث إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ليتم ضمان حيادية التحقيق وتحقيق العدالة.”
واختتم الغلوسي : “إن هذا الملف يشكل فرصة حقيقية لكشف الحقيقة ومعاقبة المتورطين في هذه الفضائح، وإرجاع الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، لكن لا يجب أن تتحول هذه القضية إلى أداة صراع سياسي تسهم في تضييع العدالة.”