التوثر بين “الداخلية” و”العدالة والتنمية” يرخى بظلاله على الانتخابات

pjdune_302309123

حقائق24- متابعة 

الشيخ اليوسي 

حالة من التوتر وشد الحبل بين حزب العدالة والتنمية ووزارة الداخلية تشهدها الفترة الأخيرة، لم تقتصر على بلاغات “أم الوزارات”، بل امتدت إلى توقيف مستشارين منتخبين في عدد من المناطق، كما هو الحال بالنسبة إلى رئيس المجلس الإقليمي لتاوريرت الذي تم توقيفه عن مزاولة مهامه على خلفية الاتهام الموجه إليه بـ”التزوير في محرر رسمي”.

هذا الحدث تزامن مع توتر آخر تعرفه علاقة حزب العدالة والتنمية بوالي الرباط، عبد الوافي الفتيت، الذي تقدم بدعوى قضائية لدى المحكمة الإدارية بالرباط لعزل رئيس مقاطعة اليوسفية، وذلك طبقا، لأحكام المادة 64 من القانون التنظيمي 113-14 المتعلق بالجماعات، في الوقت الذي تتهم فيه قيادات من حزب العدالة والتنمية السلطات المحلية بتعطيل عمل المنتخبين بعد الاستحقاقات الجماعية الأخيرة التي بوأت الحزب الصدارة.

وقبل هاذين الحدثين أصدرت وزارة الداخلية بلاغا اعتبرت فيه أن أطرافا سياسية تريد الاستفادة من الموضوع، فيما كانت قد أصدرت بلاغا آخر في أعقاب وفاة عضو “البيجيدي” الشاوي الحبيب في قناة للري بأرفود قالت فيه إن “جهات سياسية ولأسباب انتخابية شككت في نتائج التشريح”.

الحزب ضحية؟

تعليقا على هذا الموضوع، نفى النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي وجود “حرب لتكسير العظام” بين حزبه ووزارة الداخلية، وأكد أن الحزب “ضحية لعدوان أطراف في الإدارة الترابية”، معتبرا أن ذلك “يعد إحدى تجليات الدولة العميقة”، على حد تعبيره.

وقال أفتاتي، في حديث لهسبريس، إن هذه القضية تتلخص في كون حزب العدالة والتنمية ضحية لأطراف “يشتغلون لفائدة الدولة العميقة”، ويتحركون مع اقتراب الانتخابات، إلى جانب ما أسماه بـ”حزب البؤس”، موضحا أن “رهان تورط الدولة العميقة في العدوان على الحزب هو رهان خاسر”.

المتحدث ذاته أضاف أن ما يتعرض له “البيجيدي” خلال الفترة الأخيرة، تعرضت له أحزاب سياسية أخرى في السابق، كحزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، وأن هذا الاستهداف يأتي بقدر انخراط الحزب في الانتقال الديمقراطي إلى جانب الأحزاب التي تنادي بذلك والحركة الحقوقية وجزء من الإعلام والنقابات والمجتمع المدني، مقابل “الصف النكوصي”، بتعبير أفتاتي.

وأورد الرئيس السابق للجنة الشفافية في حزب العدالة والتنمية أن مآل هذه المعركة هو نجاح الانتقال الديمقراطي “الذي أصبح من الحتميات” بالرغم من تأخير بعض الأمور، مردفا أنه “مع هذا الانتقال ستتحقق الغايات الأخرى من الكرامة والعدالة الاجتماعية ووضع حد لإهانة الشعب المغربي واستغلاله والتسلط عليه” على حد تعبير النائب البرلماني.

صراع مستمر

في مقابل ذلك، يرى المحلل السياسي عبد الصمد بلكبير أن وزارة الداخلية لا تقف موقف الإدارة المحايدة في تعاملها مع الصراع السياسي، في وقت لا يزال فيه الانتقال الديمقراطي “متعثرا”، كما أن فئات لها مصالح متعارضة مع الديمقراطية تقوم بالعرقلة، كما حدث مع حزب الاستقلال وأحزاب اليسار.

وقال بلكبير، في تصريح صحافي ، إنه بالرغم من أن الزمن والظروف تغيرت إلى حد كبير مقارنة مع كانت عليه في السابق، إلا أن مظاهر الصراع لا تزال مستمرة، في حين كان حزب العدالة والتنمية من أبرز المستفيدين من الظرفية الحالية، بعد التراكم الذي حققه المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي والدساتير المتوالية وحكومة التناوب.

المحلل السياسي ذاته أكد أن الحروب قائمة بوسائل تختلف نسبيا، ولكنها ستحتد أكثر في حال انتصار حزب العدالة والتنمية خلال الاستحقاقات التشريعية المقبلة، وقد يحدث تحول خطير في تاريخ التوازنات يفتح الطريق أمام تحقيق المزيد من المكتسبات نحو الانتقال الديمقراطي.

وفي الوقت الذي أكد فيه أن الدستور يسير في اتجاه والواقع في اتجاه آخر، اعتبر عبد الصمد بلكبير أن المعركة ستستمر، وأن الانتخابات المقبلة ستكون أبرز محطات هذا الصراع، بعد أن تم تجديد الثقة في حزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات الجماعية والجهوية قبل سنة.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *