بمناسبة انعقاد مؤتمر “COP22” حول التغير المناخي، من 07 إلى 18 نونبر 2016 بمدينة مراكش، نظم فريق البحث “أركيولوجيا تراث وتنمية”، التابع لجامعة ابن زهر، بتعاون مع الجمعية المغربية للتراث، حملة نظافة وتحسيس بموقع “أكادير أوفلا”، تحت شعار: “تأثير التغير المناخي على التراث الطبيعي والثقافي، حالة أكادير أوفلا”. وشمل برنامج الحملة، تنظيف موقع أكادير أوفلا من طرف طلبة جامعة ابن زهر، بالإضافة إلى مداخلات أساتذة باحثين في تخصصات لها علاقة بموضوع النشاط.
وعن دواعي تفعيل هذا التدخل بموقع أكادير أوفلا الأثري، قال المنظمون إن “التغير المناخي الذي يهدد كوكبنا، لا يستثني التراث الطبيعي والثقافي، وإن حالة التدهور التي يوجد عليها تراثنا الطبيعي والمعماري تتطلب جهودا كافية تؤدي إلى الحد من المخاطر الطبيعية والبشرية التي تهدد هذا التراث”، مضيفين أن “مشاركة الطلبة من جامعة ابن زهر في هذه الحملة تعبير منهم عن التزامهم بالمحافظة على هذا الموروث الطبيعي والبشري، وهي تدخل في إطار مشروع إعادة الاعتبار لموقع أكادير أوفلا، الذي هو مشروع قيد الانجاز يتم الاشتغال عليه منذ سنوات من طرف فريق البحث نفسه”.
الدكتور عبد الواحد أومليل، أستاذ بشعبة التاريخ رئيس فريق البحث أركيلوجيا تراث وتنمية، التابع لجامعة ابن زهر، مدير مشروع البحث الأركيلوجي ورد الاعتبار لموقع أكادير أوفلا، قال أن “الهدف من هذه التظاهرة هو إثارة الانتباه الى التأثير السلبي للتغيرات المناخية على المواقع التاريخية، كما هو الشأن لموقع أكادير أوفلا، ودراسة سبل الحد منه”، مضيفا أن “التغيير المناخي لديه تأثير سلبي كبير على مواقعنا الأثرية، نحن للأسف لا نهتم بهذه المسألة، مما يتسبب في تدهور عدد كبير من تراثنا المبني، خاصة المبني بالطين، والمعروف أن أكادير أوفلا فيه بناء حجري وبناء طيني أيضا”.
وأضاف المتحدث أن طبيعة مواد بناء هذه المواقع تعرضه لمخاطر التغييرات المناخية، “فالأمطار والعواصف مثلا والرياح القوية تؤدي الى الرفع من نسبة الرطوبة في الجدران، كذلك التغيير الحاد في أحوال الطقس، من قبيل حرارة شديدة بالنهار وبرودة شديدة ليلا، يؤدي الى خلق تشققات وانهيارات بالمباني التاريخية، وبالتالي تدهورها في حال لم يتم الاسراع الى ترميمها وصيانتها”.
والمقصود من إعادة الاعتبار للموقع، يقول أومليل، هو “جعله صالحا للزيارة، جعله ورش مدرسة بالنسبة للطلبة والباحثين في الأركيلوجيا؛ بحيث ينجزون فيه دروسهم التطبيقية، بالإضافة إلى أن تكون هناك ترميمات وصيانة بتقوية الجدران، والعمل على تأسيس متحف بالموقع يحتضن ذاكرة المدينة، وإدراجه ضمن مسارات السياحة الثقافية”.
أحمد أوموس، مدير المركز الوطني للنقوش الصخرية، أورد، أن موضوع البيئة من مواضيع الساعة، خاصة وأن المغرب يحتضن الحدث العالمي الكبير “COP22″، الذي يتناول البيئة في مفهومها الشامل، “لكن نحن كباحثين في الآثار والتراث نستغل الفرصة لتناول المكون الطبيعي والثقافي كمكون من مكونات البيئة العامة”، هذا الموضوع، يُضيف أوموس، “جدير بالأهمية؛ بحيث سيكون مناسبة لإثارة الانتباه إلى المكون الثقافي ضمن المنظومة البيئية في كليتها، مكون أساسي له ارتباط بالإنسان وبحضارة الإنسان وكل ما من شأنه أن يساهم في التنمية المستدامة”.
وعن الاهتمام بالمكون الطبيعي والتغيرات المناخية من طرف الباحثين والمشتغلين على التراث، قال أموليل إن هناك عوامل جغرافية ومناخية تؤثر في التراث، خاصة التراث المادي، “تجعلنا أمام تحديات من أجل مواجهة هذه التغييرات المناخية، والقيام بما يمكن القيام به، من أجل المحافظة على هذا الموروث، لكي لا يصبح عرضة للتدمير والتخريب جراء هذه التغييرات المناخية”.
أما موقع أكادير أوفلا، يضيف المتحدث ذاته، فـ “لديه رمزية كبيرة، باعتباره من أقدم المواقع التاريخية بمنطقة سوس، شهد أحداثا كبرى على مر التاريخ، وعرف بالحدث الكبير والفاصل وهو حدث زلزال 1960، مما أدى الى تخريبه بشكل كلي”، مستطردا أن “رمزيته كذلك تتمثل في أنه موقع نموذجي قابل للاستثمار، من أجل التنقيب والتدريس، وفتح أوراش تطبيقية لفائدة الطلبة الذين يريدون الاشتغال على الحفريات، وإنجاز أعمال تطبيقية مكملة للدروس النظرية التي تلقى في الكليات والمعاهد؛ وذلك من أجل الوصول الى الأهداف المرجوة المتمثلة في الرقي بمثل هذا المكون الحضاري إلى المرتبة اللائقة لكي يصبح شاهدا على حضارة شامخة، ويصبح موردا قابلا للاستثمار في التنمية المجالية المستدامة”.