بمناسبة اليوم الوطني للإعلام … إلى أين تقودنا صحافتنا الجهوية؟

10028235-16291507

 

حقائق24 — مجلة حقائق مغربية

إذا كانت الصحافة الجهوية تمثل صورة أخرى من الإعلام المواطن تدعم العقد الديمقراطي وتعمق المسار المؤسساتي بشكل محدد ويحاول أن يقرب الخبر ونشره بشكل واسع على صعيد محيط جهة سوس ماسة درعة ، والصحافة الوطنية تعتمد كثيرا على الخبر الجهوي نظرا لأهميته ووقعه في النفوس وهو نفسه ما يمكن ان يشكل الهيكل المركزي والعمود الفقري لأي جريدة جهوية ويضمن بالتالي مستقبلها ، وإن كان للجرائد الوطنية صفحات خاصة بقضايا المواطنين بالأقاليم والجهات ، فإن ضمان التعميق والتغطية الشاملة والتحقيق والاستقلالية هي بالأساس تبقى لصالح الصحافة الجهوية بحكم قانون القرب .

الصحف الجهوية بسوس التي يتجاوز عددها العشرين صحيفة بين أسبوعيات ودوريات ساهمت بشكل أو بآخر في تطوير المشهد الإعلامي المغربي والجهوي وساهمت وتساهم في لعب دور تنشيط الحياة الاعلامية

ضمن هذا التقرير نرصد أعطاب هذا الصنف من الاعلام بعد تصنيفه وتحليل تمظهراته، وما الذي تفتحه من آفاق داخل جهة حجم انتظاراتها يربو يوما بعد يوم.

الصحافة الجهوية صنفان

يمكن أن نصنف الصحافة الجهوية إلى صنفين : صنف يمكن تسميته بصحافة جهوية مسؤولة ، وأخرى غير مسؤولة. فالصنف الأول نجد عدده لا يتجاوز الأربعة عناوين، يتوفر على مقرات معروفة يشغل على الأقل ثلاثة أشخاص وأكثر ، يحترم عموما أخلاقيات المهنة ، المشتغلون فيه لهم مستوى ثقافي ، وأكثر من هذا يعتبر هذا الصنف من النوع المنتظم الصدور بينما الصنف الآخر ويتجاوز العشرين كله شوائب ونقائص ، به عناصر مشوشة تتخذ من الإعلام الجهوي وسيلة لابتزاز رؤساء الجماعات والمسؤولين وحتى المواطنين على الصعيد الجهوي . ويصدر هذا الصنف من الصحافة ثلاث مرات في السنة الواحدة في أحسن الأحوال . وللأسف الشديد هذا النوع من الصحافة الموسمية هو الذي خلق عقلية سائدة في وسط إعلامنا الوطني ترى الإعلام الجهوي برؤية دونية.

 مشاكل تتفاقم وانغلاق مصادر الخبر وضعف الإقبال

إن الصحافة الجهوية بالدول الديمقراطية لها تأثير وإشعاع كبيرين في الحياة السياسية والاقتصاديةوالاجتماعية والثقافية نظرا لما تتمتع به من عناية واهتمام من طرف الدولة ، عكس نظيرتها بالمغرب التي ما زالت لم تعرف نفس الاهتمام والرعاية من طرف المسؤولين رغم الشعارات (….) ورغم كثرة التوصيات (…) ورغم تعدد التصريحات (…) بشأن دعم الإعلام الجهوي .. لكن الواقع ما زال هو … هو … الإعلام الجهوي ما زال يهيكل نفسه بنفسه بإمكانيته المحدودة وبأطره الشابة الغيورةفباستثناء محوري الرباط والدار البيضاء ، فإن باقي جهات المملكة لا تتوفر على وسائل الطباعة والسحب ويعد هذا العائق من أكبر العوائق التي تحد من تطور الصحافة الجهوية. بالإضافة إلى هذا تعاني الصحافة الجهوية من عدة مشاكل كانعدام التكوين الكافي وإعادة التكوين بالنسبة للصحافي الجهوي وحرمان الصحف الجهوية من الدعم العمومي كما هو الشأن بالنسبة للإعلام الوطني ، وضعف استفادة الصحف الجهوية من الإعلانات الإدارية والفضائية والتجارية وإعلانات المؤسسات العمومية، ومحدوديةإشعاع وتوزيع الصحف الجهوية المنتظمة الصدور على الصعيد الوطني بسبب غلاء النسبة المطلوبة من طرف شركات التوزيع التي تصل إلى 50% . كما أن المشتغلين في الصحف الجهوية يتعرضون من حين لآخر للمضايقات والاستفزازات كلما تجرؤوا في نبش الملفات الحساسة على المستوى المحلي بل يتعرضون في بعض الأحيان إلى الترهيب والتهديد من طرف أعوان السلطات وبعض الأشخاص المسخرين فقط لتحجيم أقلام الصحافة الجهوية النزيهة  ، فضلا عن انغلاق مصادر الخبر وضعف الإقبال على اقتناء الصحف الجهوية بسبب الأمية والفقر وغياب ثقافة القراءة .

14 مطلبا من أجل صحافة جهوية ناضجة قوية ومحترفة

أمام العراقيل والمثبطات التي تواجهها الصحافة عموما والصحافة الجهوية على وجه الخصوص فإنه بات من الضروري طرح مطالب واضحة وعقلانية تخدم الإطار العام للعمل الصحفي وتؤطر ذلك البعد العملي لصحافة جهوية ناضجة قوية ومحترفة . ولعل وضع هذه الصحافة في مسارها الطبيعي وفق الإعلام المقاولاتي الحديث خدمة للتنمية الجهوية وتطوير أداء هذا الإعلام الجهوي المكتوب يتطلب ما يلي:

  • سحب الصحف الجهوية بأثمنة مشجعة ؛
  • تعميم الإعلانات الإدارية والقضائية والتجارية وإعلانات المؤسسات العمومية على الصحف الجهوية؛
  • تعميم الدعم الحكومي على الصحف الجهوية المتوفرة على الشروط المهنية؛
  • منح بطاقة التنقل مجانا عبر القطار للصحافيين الجهويين المهنيين؛
  • تأهيل الإعلام المقاولاتي عبر التكوين وإعادة التكوين في وجه الصحافي الجهوي؛
  • تمكين المشتغلين في الحقل الإعلامي الجهوي من مصادر الخبر وتحصين حرية التعبير؛
  • تمثيل الصحافة الجهوية في لجنة بطاقة الصحافة؛
  • تمثيل الصحافة الجهوية في الوفود الصحفية المرافقة للزيارات الرسمية داخل الوطن وخارجه؛
  • إبراز الصحافة الجهوية في المشهد الإعلامي السمعي البصري؛
  • إدماج التنمية الإعلامية إلى جانب التنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية في القوانين المنظمةللجماعات المحلية والجهوية ؛
  • تشجيع الاستثمار في الإعلام الجهوي من خلال منح قروض بفوائد مشجعة؛
  • تزويد الصحافة الجوية بالأخبار والصور الرسمية؛
  • الإسراع في إخراج توصيات المناظرة الوطنية الأولى حول الإعلام والاتصال إلى حيز الوجود خاصة الشق المتعلق بالإعلام الجهوي؛
  • إشراك الصحافة الجهوية في اللجنة المكلفة بإحداث الهيئة العليا للإعلام والاتصال؛
  • ضرورة دعم الإعلام الجهوي؛

لقد أصبح الإعلام المقاولاتي في جهات المغرب تفرضه شروط التنافسية الوطنية والدولية وفق ضوابط تقنية وعملية تخول له الاستفادة من الإمكانات المتاحة إن على مستوى المادة الخبرية أو المعلومة الصحافية ، ولن يتأتى لهذا الإعلام المقاولاتي الجهوي تطوير آليات اشتغاله إلا بالاستفادة من وسائل وشروط الدعم المادي والمعنوي الذي تستفيد منه باقي الصحف الوطنية .

اختلالات ومشاكل

من بين المؤاخذات التي تسجل على مستوى الصحافة الجهوية بسوس ماسة هو كون العديد من المنابر الاعلامية لا تشتغل بمهنية، فعدد من الذين يشتغلون اتخذوا مهنة المتاعب حتى “يتوفروا على حصانة أو يكونوا أداة خلفية من أجل مصالحهم الخاصة “شركات، مهرجانات، مصالح انتفاعية في الاشهار والدعم…”.

 وقد أحد الزملاء الصحافيين بالجهة على كون العديد ممن “يكتبون أو يستكتب لهم أو بهم تحت الطلب” قد حولوا ذلك إلى “أصل تجاري يهاجمون هذا الشخص الذين لا يتواضع لهم أو  يمنحهم الهبات والاكراميات والصفقات أو حتى علبة سجائر أو شرابا معتقا أو ما شابه ذلك، فيكنون له العداء  إعلاميا بتسخير شبكة من المتسلطين على مهنة الصحافة التي قضوا فيها مآربهم إما باستفادتهم من بقع أو خدمات موازية على مدار السنة أو خلال فترات العطل أو سندات البنزين أو إكراميات العيد أو التستر عليهم لفضائحهم الأخلاقية وغير ذلك من المنافع الشخصية ولتذهب مهنة المتاعب إلى الهاوية” يعلق المصدر نفسه.

ما يأسف له أن الكثير من الكتابات الصحفية التي تنشر بهاته المنابر الإعلامية الجهوية أو حتى لمراسلين بصحف وطنية تغيب عنها مقومات لعمل الصحافي المهني وعدد غير يسير منها لا ينتسب لأي جنس صحافي فلا هو بتقرير  ولا استطلاع ولا تحقيق ولا روبورطاج ولاهم يحزنون، فيما لا يخجل هؤلاء في “التنطع بكونهم صحافيين وينتمون إلى ما يدعون الجسم الصحافي” والحال أن ثلة منهم يكتبون مرة مرة، وآخرون يمارسون هواية رمي السهام والسب والقذف ونشر الأخبار الزائفة مع سبق الإصرار والترصد، بما فيهم مسؤولين عن القطاع العام والخاص، كأداة لتصفية حسابات، بتنظيم حملات متواصلة ضدهم عبر نشر الأخبار بدون سند أو إثبات، أو تقديمها على شكل تعليق وتحليلات غير مبنية على أساس، وخلط الرأي بالخير، واستعمال الكلام السوقي.. واختلاق أخبار عن طريق الخلط بين الأجناس الصحفية، من أجل تمرير الإشاعات، أو تهجمات على مواطنين..”، مما جر العديد منهم إلى دهاليز القضاء إما عبر شكايات نحو النيابة العامة قصد التقصي أو بشكايات مباشرة موجهة مباشرة إلى رئيس المحكمة الابتدائية وفقا لمقتضيات قانون الصحافة والنشر.

متاعب قضائية ومطالب مدنية وجزاءات

 قانون الصحافة صريح في فقرته الثالثة من الفصل الثالث والأربعون على أن الناشر ينبغي أن يتوفر على الحجج قبل نشر الوقائع التي يتحدث عنها، وهي تهمة القذف التي سيتابع بها المتهم أمام المحكمة الابتدائية لأكادير.

 وبحسب قرار محكمة النقض بتاريخ 11 يونيو 1997 بالملف الجنحي عدد 19ـ3ـ1ـ97 يؤكد على أن “الركن المعنوي في جريمة القذف يشمل نية الاضرار بالمشتكي، وأنه خلافا للقواعد العامة، فإن هذه النية مفترضة في عبارات القذف نفسها، ومن تم يصبح  عبء إثبات العكس راجعا  على الظنين نفسه”,

كما أن حكم محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 19ـ10ـ1996 ملف عدد 3913ـ95 يؤكد على “أن عناصر الركن المادي  لجنحة القذف الصحافي ، هي التوزيع والنشر والعرض، وتعتبر مقترفة في أي مكان توزع فيه الجريدة أو ملحقها”. وحرية العمل الصحفي تتقاطع مع مسؤولية العاملين به حول مصدر الخبر وصحته  وعدم المساس بكرامة الأفراد، وذلك بعدم اتخاذ تلك الحرية كسلم للتطاول على الأشخاص وأعراضهم..”.

كما أن مقتضيات الفصل 49 من قانون الصحافة تلزم كاتب المقال بضوابط، وهو ما يعمل المشتكى به على احترامه في هاته الحالة, وهو ما قضت به المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء في ملف جنحي عادي عدد 61ـ67ـ2008 “لا عبرة بأسلوب القذف ما دامت العبارات واضحة ومباشرة وشائنة، وهذا يوفر القصد الجنائي… النقد المباح يجب أن يصاغ في صيغة ملائمة، مع مراعاة التناسب المعقول”.

روبورطاج من إنجاز مجلة حقائق مغربية. أي تحريف أو نقل غير مهني لروبورطاج  يمكن أن تترتب عنه متابعة قانونية من طرف المجلة .

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *