وجه الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، دورية إلى وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف، تنبه إلى دورهم من “خلال الملتمسات الواجب تقديمها أو من خلال الطعون التي يجب ترشيدها بما يسمح بتدبير بعض الوضعيات التي تقتضي تنفيذ العقوبات البديلة”.
وأورد الداكي ضمن الدورية، أنه “قبل صيرورة الأحكام الصادرة في شأنها مكتسبة لقوة الشيء المقضي به، فإن الأمر يقتضي الحرص على التنزيل الأمثل للمقتضيات الواردة في القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، بما يحقق الغايات من وراء سنه، والتفاعل الإيجابي مع الهيئات القضائية والمؤسسات المشرفة على تنفيذ العقوبات البديلة باختلاف أنواعها والاطلاع على محتويات تقارير التنفيذ التي تحال عليكم من قبلها وترتيب الآثار القانونية عليها”.
وخاطب الداكي وكلاء الملك قائلا: “التطبيق الأمثل لهذا القانون يقتضي منكم الحرص على التتبع الدقيق لعملية التنفيذ، مع إحداث سجل خاص بنيابتكم العامة تضمن فيه كل العقوبات البديلة والإجراءات المتخذة بشأن تطبيقها وما قمتم به عمليا لتتبع هذا التنفيذ مع تحديد مآلها سواء بتمام تنفيذ العقوبة البديلة أو تقديمكم لملتمسات بالرجوع إلى العقوبة الأصلية عند ثبوت خلل في التنفيذ”، وزاد: “وذلك درءا لكل استغلال سيء لمقتضيات هذا القانون واتخاذ مقتضياته كمطية للتخلص من آثار العقوبات الزجرية المحكوم بها”.
ودعا رئيس النيابة العامة إلى “استغلال هذه الفترة الانتقالية في تدارس أحكامه وفتح نقاش داخلي حول الطرق المثلى لتنفيذه والصعوبات التي يمكن أن تواجه النيابة العامة في هذا الشأن”، مؤكدا في مراسلته أن “رئاسته تولي عناية كبيرة لإنجاح تطبيق هذا القانون باعتباره ورشا وطنيا واعدا لتطوير السياسة العقابية”.
وشدد الداكي على تفعيل الدور الاقتراحي لاعتماد العقوبات البديلة من قبل الهيئات القضائية المختصة، موضحا أن المشرع خول للنيابة العامة صلاحية اقتراح الحكم بالعقوبة البديلة أثناء المحاكمة من خلال ملتمسات تتقدم بها في هذا الإطار، الأمر الذي يقتضي منها إعمال هذه الصلاحية كلما كانت وضعية المتهم وملابسات القضية وظروفها تسمح بذلك.
“ومما يرتبط بتفعيل هذه الصلاحية عدم الاعتراض على الحكم بالعقوبة البديلة إذا ما التمسها المتهم أو دفاعه أو كل من خول له القانون ذلك إلا لمبررات موضوعية قد تتعلق بتوفر مانع من موانع الحكم بها أو لظروف تتعلق بطبيعة الجريمة أو خطورة الجاني”. يوضح الداكي.
كما أشار إلى أنه “يمكن للنيابة العامة بعد حيازة الحكم لقوة الشيء المقضي به وأثناء تنفيذ العقوبة السالبة للحرية أن تلتمس من قاضي تطبيق العقوبات استبدال العقوبة الحبسية النافذة بعقوبة بديلة وفقا لأحكام المادة 22-647 من قانون المسطرة الجنائية”، مضيفا أن “هذه المقترحات يجب أن تبررها وضعية المعتقل كظروفه الصحية والعائلية أو سلوكه أثناء تنفيذ العقوبة أو وقوع الصلح أو التنازل من طرف الضحية بعد صدور الحكم”.
ولفت الداكي الانتباه إلى خيار تدخل النيابة العامة لتيسير تنفيذ العقوبات البديلة، موضحا أنه “رغم أن الطعن بالاستئناف أو النقض ينتج عنه إيقاف تنفيذ الحكم القاضي بعقوبة بديلة، فإن المشرع أجاز صراحة في حالة موافقة النيابة العامة على هذه العقوبة أن يتم اللجوء مباشرة إلى تنفيذها”.
وأوضح قائلا: “الأمر الذي يقتضي من قاضي النيابة العامة أن يكون حريصا على عدم إطالة عمر الدعوى العمومية وأن يتمسك بمبدأ ترشيد الطعون بشكل أكبر عندما تلجأ الهيئات القضائية المختصة إلى استبدال العقوبة السالبة للحرية بعقوبة بديلة، فلا يباشر الطعن في الأحكام القاضية بها إلا بصفة استثنائية وفي الحالات التي تستوجب حماية مصالح أساسية تتعلق بالأمن والنظام العامين أو حقوق الضحايا”.
وأشار إلى أن الأحكام القاضية بالعقوبات البديلة “تتطلب تتبعا خاصا وتنسيقا متواصلا مع كتابة الضبط بالمحكمة لمعرفة مدى الطعن فيها أو مآل هذا الطعن في حال إجرائه، مع الحرص على تسريع الإحالة على الجهة القضائية المختصة بالبت في القضية المطعون فيها على اعتبار أن أي تأخير في هذا الشأن سيترتب عنه استمرار إيداع المحكوم عليه في السجن”.
ونبه رئيس النيابة العامة إلى أن هذه الوضعية لها آثار سواء على المعتقل أو على عائلته، وكذا على وضعية بعض المؤسسات السجنية التي تعاني من الاكتظاظ، لذلك، فإن تحقيق النجاعة في تفعيل العقوبات البديلة يقتضي، وفق الدورية، “السرعة في التجاوب مع قضاة تطبيق العقوبات وتقديم مستنتجات دقيقة وتفادي إعمال المنازعة إلا إذا اقتضاها التطبيق السليم للقانون”.
وبخصوص تتبع تنفيذ المراقبة الإلكترونية، ذكر الداكي أن “القانون خول للنيابة العامة المنازعة في مقررات قاضي تطبيق العقوبات المتعلقة بإيقاف تنفيذ عقوبة المراقبة الإلكترونية بسبب الظروف الصحية للمحكوم عليه أو تغيير مكان وضع القيد بسبب هذه الظروف، إلا أن ذلك يجب أن يكون بصفة استثنائية وفي الأحوال التي لا تؤثر فيها هذه العقوبة على صحة المحكوم عليه”، داعيا إلى “التماس إجراء الفحوص الطبية الضرورية للتثبت من حقيقة الوضعية الصحية للمعني بالأمر”.