دعا المصطفى الرميد وزير العدل الأسبق، إلى “التأني الضروري في البلورة النهائية لتعديلات مدونة الأسرة، واعتبار موضوع الإشكالية الديمغرافية أم المشاكل التي ينبغي التصدي لها بكافة الحلول الممكنة، ومنها الحلول التشريعية التي تهم الأسرة، دونما أي اعتبار جزئي كيفما كان نوعه وأهميته، إذا كان في النهاية سيؤدي إلى ضياع الاعتبارات الكلية”.
وأضاف الرميد، في تدوينة عبر صفحته الخاصة بفايسبوك، أن “ما يثير الانتباه أيضا أن مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 كانت تنص في أصلها على تعريف الزواج بأنه: (ميثاق ترابط وتماسك … إلى أن تقول، غايته العفاف وتكثير سواد الأمة)”، مردفا: “هكذا كان وعي الرواد الأوائل بأهمية العامل الديمغرافي، وعلاقته بالأسرة”.
وتابع: “غير أن مدونة الأسرة لسنة 2004، استغنت عن هذه المعطيات في تعريف الزواج، وبعد عشرين سنة يبدو واضحا أنه من الملائم أن نراجع حاساباتتا، وأن نفكر عميقا، وبعيدا، في مستقبل المغرب، مغرب الأجيال القادمة التي لربما قد تضيع في أهم مقوماتها، بسبب حساباتنا الصغيرة، وقصور نظرنا”.
وقال الرميد، إنه “كان حريا التمعن الجيد في معطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024، خاصة وأن من مقاصده: تكوين قاعدةللمعاينة لإنجاز البحوث لدى الأسر”، مسجلا أن “ما يثير الخوف والقلق ،المعطيات الاحصائية التي تفيد بتواصل انخفاض معدل الخصوبة الكلي، حيث إن المتوسط الوطني كان سنة 2004 في حدود 2،5%، وإذا به ينخفض سنة 2014 إلى نسبة 2،2 %، لينخفض مرة أخرى سنة 2024 إلى نسبة 1،97%. وهو انخفاض ينذر باوخم العواقب على المستقبل الدمغرافي للبلاد ان استمر في هذا المنحنى الصعب”.
وزاد أن “هذا الانخفاض الحاد للخصوبة كان من تجلياته المباشرة انخفاض مستوى حجم الاسر، فبدل عدد: 5،3 فرد في كل أسرة سنة 2004، إذا بنا ننزلق الى 4،6 سنة 2014، ثم الى3،9 فرد سنة 2024″، مبينا أن “هذه المعطيات أدت الى تباطؤ النمو السكاني، حيث كان هذا النمو بنسبة 1،38% ما بين سنتي 1994 الى 2004، وبنسبة 1،25 %بين سنتي 2004 و 2014، ليصل الى مستوى 0،85% مابين سنتي 2014 و2024”.
ويرى الرميد، أن “هذه المعطيات الديمغرافية الصاعقة، يبدو وكأنها لا تعني أي شيء، بدليل عدم فتح نقاشات عمومية واسعة حولها، وعدم قيام الفاعلين المعنيين بتقديم اجابات بشأنها”، معربا عن آسفه لكون “هذه المقترحات التعديلية لمدونة الأسرة، تأتي، وكأن هذه الإحصائيات عادية، ولا تعني الأسرة من قريب أو بعيد”.
وبعد أن أكد الرميد، أن “مستقبل بلادنا مهدد ديمغرافيا، وعلينا أن نتساءل عن الأسباب والعلل، ونقارب كافة الإصلاحات الأسرية على ضوء هذه الأرقام المنذرة”، شدد على أنه “على هذا الأساس، فإنه إذا كانت هذه المقترحات ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى وألف مرحى، أما إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني، فإنه ليس من الحكمة اعتمادها”.