جهويات

ملفات تنتظر الوالي الجديد لجهة سوس ماسة

أثار تعيين السعيد أمزازي، على الإدارة الترابية لجهة سوس ماسة، بتعيين واليا عليها، وعاملا على عمالة أكادير إداوتنان، الكثير من التساؤلات ، بخصوص الملفات الحارقة والملتهبة التي يمكن لوزير التربية الوطنية السابق أن “يحلحلها” في موقع عاصمة وسط المملكة، بعد إطلاق الملك في فبراير 2020 مشروع برنامج التنمية الحضرية الممتد حتى عام 2024، ورهانات التنمية التي ما تزال الجهة تشكو حظّها العاثر من التنمية”.

وبرأي مراقبين تحدثوا لموقع “حقائق24”، فإن الوالي الجديد أمزازي، ذي الـ59 عاما، الذي خلف الوالي السّابق أحمد حجي، الذي يبلغ من العمر 62 عاما والذي عمّر طويلا في جهة سوس ماسة الترابية منذ يونيو 2017 (أي لما يفوق 6 سنوات ونيف)، وهو المدير السابق لوكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أقاليم الجنوب، الذي أجريت التحقيقات بشأن ملف القرض العقاري والسياحي معه، سيجد نفسه أمام ملفات ثقيلة، منها ما هو تدبيري، ومنها ما هو اجتماعي يرتبط بقطاعي التعليم والصحة، ومنها ما هو استثماري بفرص متاحة غير مستغلة، حيث ما يزال سوق الشغل في الجهة يقل عن المعدل الوطني بنحو 4 نقاط (المعدل الوطني 46,7)، ومنها ما هو تنموي برتبط بالرفع من مؤشرات التنمية والناتج الداخلي حيث ما تزال سوس ماسة في المركز الثامن بنحو 26 ألف و38 درهما للفرد الواحد، وهو معدل أقل من الوطني الذي يبلغ 30 ألف و510 درهما، ومنها ما هو إداري يرتبط بالتقائية التدخلات والتنسيق القطاعي في مستوياته الجهوية والإقليمية لتحقيق نجاعة الأداء.

وبحسب الإفادات التي تلقها موقع “حقائق24”، سيجد الوالي أمزازي، الذي خبر دهاليز مشاريع القانون الاطار 51.17 ، نفسه أمام طاقم قديم بملفات تدبيرية متراكمة، وعلى رأسها العقلية التي ما تزال تسير العمالة والجهة بتراكمات قديمة وملفات مجترة، منها ملف سفوح الجبال، ومشروع المدينة الجديدة لأكادير “تكاديرت”، والمنطقة السياحية “شمال أورير” ما أدى إلى تعثر عدد من المشاريع التنموية لسنواتها، وصار الحصول على وعاء عقاري للاستثمار “حلما في أكادير دون غيرها من مدن المغرب، حتى تسترجع الثقة لدى المواطن من أجل إنصاف الجهة”، وفق تعبيرهم.

إعادة ترتيب الأولويات صار ملحّا..

بعد الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم تارودانت، أحد أكبر أقاليم المغرب مساحة، صار إعادة ترتيب الأولويات التنموية والحسم في الاختيارات الاستراتيجية لمرحلة ما بعد الفاجعة من خلال الاستثمار في القطاعات الحيوية التي تعزز مناعة الجهة والبلاد وتضمن الاستقرار الغذائي والاجتماعي والسيادة الاقتصادية في قطاعات الصحة، والتعليم، والصناعات الوطنية الموجهة للاستهلاك الداخلي، والتكنولوجيات والخدمات الرقمية، والبحث العلمي وغير ذلك كثير، بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية واعتماد قواعد الشفافية والإنصاف والتوزيع العادل للثروة لخدمة مصالح المواطنات والمواطنين وإنصات القرب لهمومهم وانشغالاتهم بحكامة جهوية إلتقائية. وهو ما عبّر عنه كريم أشنكلي رئيس مجلس جهة سوس ماسة في لقاء ميداني أياما بعد وقوع الفاجعة في قرية “تافنكولت”، ضواحي تارودانت.

غنى ترابي وفوارق مجالية اقتصادية بحاجة إلى حكامة جهوية التقائية

تعكس المؤشرات بجهة سوس ماسة تراجعا من الرتبة الثانية إلى السادسة وطنيا من حيث الوزن الاقتصادي، وما بين 6.6 في المائة و 7.6 في المائة من قيمة الناتج المحلي الإجمالي الوطني، أي ما يوازي 70.1 مليار درهم، إلى جانب ارتفاع معدل البطالة بنسبة 10 في المائة (مقابل 9.5 في المائة وطنيا). شأنه شأن مؤشر الفقر الذي تنامى إلى 9.8 في المائة (أكبر من المعدل الوطني)، و2.7 في المائة. وهي نسبة تتجاوز المعدل الوطني الذي يبلغ 1.6 في المائة.

وعلى الرغم من أن جهة سوس ماسة تلم عمالتين (02) وأربعة (04) أقاليم، ببنية 175 جماعة ترابية، ركائزها تراوح بين الفلاحة والسياحة والصيد البحري، إلا أن كل هذه المقومات والمؤهلات، لم تنعكس على الناتج المحلي الإجمالي للفرد، حيث تحتل الجهة المركز الثامن (08) بنحو 26.328 درهما؛ وهو مستوى أقل من المستوى المسجل وطنيا 30.510 درهما للفرد الواحد.

ومما يعمق الجراح، التفاوتات المسجلة بين العمالتين والأقاليم الأربعة، سواء ما ارتبط بالاختلالات الهيكلية في سوق الشغل، بمعدل نشاط 43.4 في المائة جهويا مقابل 46.7 في المائة وطنيا، وتمركز الاستثمار بين أكادير وإنزكان وتارودانت مع عوز في باقي المناطق، فضلا عن العرض الصحي غير المتكافئ سواء ما ارتبط بالبنيات الاستشفائية أو التجهيزات أو الموارد البشرية وسط الخصاص الكمي والنوعي المتابين جهويا وفيما بين الأقاليم، إلى جانب فوراق مجالية متفاقمة بنيوية في العرض التربوي بالتعليم المدرسي والعرض الجامعي في التعليم العالي والتكوين المهني التي تتوخى إرساء مدرسة الجودة والإنصاف. وهو ما لا يتناسب والبنية المجالية وحركية الساكنة واحتياجاتها المتراكمة والمتراكبة، مما فاقم أعداد العاطلين وعمق فوارق التنمية وجراح الفقر والعوز، وخنق النشاط الاقتصادي، وقلص فرص الاستثمار وجاذبيتها.

الماء والفلاحة تحديان مستمران وتطلع لاستمرار تنموي 

على الرغم من تنافسية سلاسل القطاع الفلاحي (الخضر والفواكه والحمضيات والأبان واللحوم والمنتجات المحلية) الموجهة للتصدير، ما تزال الفلاحة بجهة سوس ماسة تختنق بسبب الاجهاد المائي، والجفاف الهيكلي والعجز المائي والانخفاض الحاد في احتياطات السدود، مما أدى إلى بطء تنمية القطاع الأولي على تراب الجهة.

ولتجاوز هذا الوضع، يرى الفاعلون أن تنمية قطاع الفلاحة وتأمين استمرار تنموي لجهة سوس ماسة يراهن اقتصادها وساكنتها على الماء والفلاحة يستلزم بناء سدود تلية ووضع آليات تحفيزية لاتفاقيات الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل الابتكار والبحث والتطوير، وكذا تحسين إنتاجية الفلاحين وتخفيف الآثار البيئية، وفي الآن نفسه تشجيع الفاعلين المنخرطين في إعادة توجيه الفلاحة المكثفة أو المكننة، وتنفيذ برنامج دعم الاستثمار الإقليمي في الصناعات الغذائية، والتكوين، والدعم التقني لأصحاب المشاريع الفلاحية، إلى جانب دعم الفلاحة المستثمرة في الطاقة الشمسية، وتشجيع الفاعلين في النظام البيئي الصناعي على تشكيل منظمة اتحادية إقليمية مخصصة لتسويق المنتجات الزراعية للتصدير.

السياحة والصناعة التقليدية معاناة تتطلع لجاذبية أفضل

بقدر ما ترتكز البنيات السياحية في عمالتي أكادير إداوتنان وإنزكان أيت ملول المحتضنة لجل ليالي المبيت والإقامة السياحيتين، فإن باقي الأقاليم تشكو ضعف مقدراتها السياحية، مما يؤثر على رواجها وتنمية استثماراتها، مع ما يستتبع ذلك من انعكاس على الصناعة التقليدية التي تراجعت بشكل ملفت عمق جراحها عدم وجود منافذ للتسويق وطنيا ودوليا، بعدما ظلت مرتبطة بأسواق مراكش وفاس وآسفي والدار البيضاء وغيرها.

ومن أجل تدارك هذا الآثار السلبية للقطاعين الذي زادت من معاناتها جائحة كوفيدـ19، يقترح الفاعلون تدابير عملية، منها المساهمة في إنشاء صندوق دائم لتشجيع الاستثمار الخاص في قطاع السياحة (PPP)، والمشاركة في إطلاق مبادرات سيحية مبتكرة ضرورية لتحديث النظام السياحي بذكاء تنافسي وببنيات اقتصادية استباقية (MMDH1)، وكذا وضع وتنفيذ برنامج وظيفي للدعم لتجديد وتحديث شبكة الفنادق من خلال شركة التنمية السياحية (1 مليار درهم)، مع إطلاق مشروع ضخم لرقمنة جميع مكونات سلسلة القيمة التي تشكل المنظومة السياحية من تعميم رقمي في جميع المواقع بشراكة مع جامعة ابن زهر وOFPTT والفاعلين في قطاع التكوين الخاص، وفي الآن نفسه دعم الفاعلين في السياحة بمخطط جهوي لتطوير أداء الموارد البشرية من خلال برنامج تدريبي مستمر بشراكة مع القطاعين العام والخاص، وكذا دعم شركات الطيران والملاحة لتحسين القدرة التنافسية للجهة كوجهة ثالثة.

الصناعة .. البحث عن نموذج أعمال التجارة

هذا الوضع، وبناء على التشخيص المجالي الذي سبق وأن أنجز، يرى المهتمون في هذا المجال، أنه يتعين على الوالي الجديد السعيد أمزازي، “إنشاء صندوق تجاري لإقامة الأسواق والأسواق الموضوعاتية بحسب خصوصيات كل عمالة وإقليم، مع العمل على تأهيل القائم منها عبر برنامج جهوي سنوي بشراكة مع العمالتين والأقاليم الأربعة والجماعات الترابية وممثلي التجار، مع العمل على إطلاق برنامج “أسواق” لدعم التجار في عملية تطوير محلاتهم وتجارتهم، مع تخصيص عقارات بأسعار مدعومة لإحداث شبكة المتاجر الكبرى (إنشاء متاجر كبرى ومتوسطة، جلب علامات تجارية عالمية..) في أقاليم تارودانت واشتوكة أيت باها وتيزنيت وطاطا، فضلا عن إطلاق حملة لتحويل التجار غير المهيكلين إلى مقاولين ذاتيين”.

الصيد البحري .. تراجع سرعة النمو

وعلى الرغم من توفر سوس ماسة على أحد أكبر موانئ المغرب، فإن الفاعلين يرون أن دوره ما يزال محدودا وفي تراجع، وهو ما يستلزم، وفق مقترحهم، “حشد التمويل اللازم لتفعيل إعادة تنظيم سياج ميناء أكادير وتمديده في اتجاه الشمال، مع تصحيح المعيقات التي تعرقل أداء الميناء، خاصة المستودعات وفضاءات الشركات الفارغة بميناء الصيد، مع إنشاء رصيف جديد بالميناء مخصص للرحلات البحرية لتخفيف الضغط على الميناء التجاري، وهيكلة حوض بناء السفن وإنشاء البنية التحتية اللازمة لتطوير صناعة بناء السفن، وكذا تجديد أدوات الإنتاج المرتبطة بالأسطول من خلال برامج التجديد والتمويل المخصص لذلك، إضافة إلى الحاجة إلى خلق قيم مضافة بالميناء وتحسين سلسلة اللوجستيك والتسويق لتحسين التنافسية للمنتجات السمكية، وكذا مواكبة توطين المستثمرين ومراقبة الجانب البيئي ومتابعتهم بالتكوين، خاصة التعاونيات ورواد الأعمال الشباب، فضلا عن زيادة دخل الصيادين على مستوى قرى الصيد ونقاط الانزال بتثمين منتجاتهم، مع تقليل مصاريف الإنتاج بزيادة معدل العائد الاقتصادي، وتوفير حماية أفضل للصيادين على المستويين المهني والاجتماعي، وتنظيم قطاع الصيد التقليدي من خلال الترويج والتسويق الأفضل للمنتجات البحرية، وتوفير بنية تحتية متكاملة لمصايد الأسماك التقليدية، مع تخصيص دعم مالي لتحديثها وتجديدها”.

الثّقافة فقر في السّياسة الثقافية

هذا الوضع، الذي سيجده الوالي أمزازي، يستلزم منه “بلورة استراتيجية جهوية جديدة للتنمية الثقافية، وكذا العمل على إنشاء شركة جهوية للتنمية الثقافية بجهة سوس ماسة، مع العمل على إنشاء صندوق استثماري يخصص لدعم الثقافة والفنون، إلى جانب مدرسة تعنى بالفنون والثقافة الأمازيغية، وفي الآن نفسه إنشاء شركة إنتاج للأفلام والبرامج الوثائقية توجه للمنتجين بجهة سوس ماسة، مع وضع آلية لدعم الإنتاج الفني والثقافي الأمازيغي”.

ولن يتأتى له ذلك، إلا بـ”وضع مخطط عمل مندمج جهوي تنموي سنوي لتثمين وترميم وتأهيل التراث العمراني للمنطقة، مع وضع دليل علمي للتراث بالجهة يلم خصوصياتها الفنية والثقافية والعمرانية، والتوجه نحو إنشاء المكتبات الرقمية، بمعدل واحدة في كل عمالة أو إقليم”.

الاقتصاد الدائري .. نفايات بحاجة لاستغلال كي تخلق الثروة

بينما تتنامى النفايات البلاستيكية الزراعية بمعطيات رقمية مقلقة سنة بعد أخرى، إذ بلغت وفق آخر الاحصائيات 55.532 طنا بجهة سوس ماسة، أي بزيادة 37.7 في المائة، إلى جانب مواد عضوية ومخلفات غير عضوية تنتج عبوات فارغة للتلفيف والأغطية البلاستيكية وأنابيب الري في قيمة لا تستغل في اقتصاد الجهة بنسبة 75 في المائة، على اعتبار أنه يتم استغلال 25 في المائة فقط داخل الجهة، فيما الباقي يتم نقله خارج الرقعة الجغرافية لسوس ماسة.

ومن أجل تعميم نموذج الاقتصاد الدائري على كافة القطاعات الإنتاجية بالجهة، يرى الفاعلون أنه يتعين “استغلال إمكانات سلسلة قطاعات الاقتصاد الدائري: قطاع النفايات الزراعية، قطاع المعادن القديمة، زيوت البطاريات المستعملة، الإطارات المستعملة، زيوت التشحيم المستعملة، وكذا إنشاء وحدة لتثمين واستعادة النفايات بحسب سلاسل كل قطاع، مع تعزيز الاستثمار في القطاع باعتباره مصدرا للادخار وحاملا للدخل بالنسبة للشباب”.

 

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى