بورتريهات

هشام الحسني : من أجل قضاء ثالث .. لا بالواقف، ولا بالجالس !

عن مجلة : حقائق مغربية

نميز عادة في القضاء بين صنفين: قضاء جالس(Magistrature assise)، وهم قضاة الحكم، الذينيزاولون مهامهم جلوسا, وقضاء واقف(Magistrature debout)، وهم قضاة النيابة العامة، المزاولين مهامهم وقوفا. غير أن مسألة التصنيفات، هذه، لا تصدق دوما. فالأستاذ هشام الحسني وإن تم تصنيفه – بشكل أوتوماتيكيضمن القضاء الواقف، اعتبارا لصفته وكيلا للملك، يجعلنا أمام اختبار حقيقي لمدى سلامة التصنيف المذكور. ذلك لأن واقع الحال بالنسبة لهذا القاضي، يجعل الاكتفاء بتصنيفه ضمن القضاء الواقف، أمرا يحتاج إلى إعادة نظر.

فالعمل الدؤوب للرجل خارج قاعات المحكمة،يستوجب التريث في تفييئه. وقد يكون من الأنسب البحث له عن تصنف جديد.. هل يمكن الحديث عن قضاء ثالث؟ قضاءٌ لا هو بالجالس،ولا هو بالواقف؟ لسنا نعلم إن كان جائزا، في هذا المقام، الحديث عن قضاء ثالث.. قضاء يجري أكثر مما يقف، أو يجلس. فالرجل، منذ اشتغاله نائبا لوكيل الملك بالمحكمة الابتدائية لأكادير، ظل مسكونا بهم الدفاع عن النساء، والأطفال ضحايا العنف، من خلال تجربته الطويلة في اللجنةالمحلية المكلفة بهذا الملف، هم تقاسمه، بتفان، مع الجمعيات الناشطة في هذا المجال. مما دفعه إلى الوعي بالأهمية الكبرى، التي يشكلها الإعلام في خدمة القضايا الإنسانية المختلفة، هكذا فتح أبواب مكتبه لمختلف وسائل الإعلام السمعية – البصرية منها، والإلكترونية، والمكتوبة، خدمة لأطروحة  غير معهود عادة في الجسم القضائي المغربي، أطروحة ترى في وسائل الإعلام شريكا أساسيا في التوعية، والتحسيس في أفق تفادي الكوارث الإنسانية، وبناء مجتمع خال من الأمراض الاجتماعية. وقد تكلل هذا الاهتمام الكبير بقضايا النساء، والأطفال المعنفين، باعتراف وتقدير من طرف جميع الفاعلين بالمنطقة، عبرت عنه أساسا اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بأكادير، من خلال تكريمهما للرجل نظير ذلك الاهتمام. لكن ماذا لو لم يكن هذا الهم الحقوقي بدوره إلا ملمحا من الملامح المشرقة لهذا الرجل؟ إن صفة القضاء الثالث تصدق عليه أيضا حين نجده مشاركا فاعلا في تأطير العديد من الندوات، والورشات العلمية ذات الصلة بالجانب التشريعي، والقضائي، ولاسيما الندوات التي تعالج قضايا الإعلام، والجريمة الإلكترونية في التشريع المغربي.

لكل مجتهد نصيب ولكل امرئ ما سعى، هذا ما يصرح به القول المأثور، وكذلك كان الأمر بالنسبة للأستاذ الحسني. فقد تمت ترقيته إلى منصب وكيل الملك، وتم تعيينه بالمحكمة الابتدائية بطانطان. وهناك انكب على تخليق، وتحديثمرفق النيابة العامة. حيث كشفت الإحصائيات المسجلة عن تسريع وتيرة معالجة الشكايات،والمحاضر، والحزم في التعاطي مع الملفات المعروضة على قضاة النيابة العامة. كما أربكت قراراته السماسرة، الذين ألفوا في ما مضى، نهج السبل الملتوية لتحقيق مصالحهم، وعرقلة المسار العادي للقضاء.

ونظير هذا العمل الجبار، تمت مكافأة الأستاذ الحسني بإعادة تعيينه على رأس النيابة العامة للمحكمة الابتدائية بإنزكان. وهناك استمر في الاشتغال على قضايا النساء والأطفال المعنفين،من خلال اشتغاله إلى جانب الجمعيات المهتمة في مجال المواكبة والتأطير، وانفتاحه على فعاليات المجتمع المدني ومهنيي الصحافة والإعلام. كما أعطى نفسا جديدا للقضاء بالإقليم عبر تركيزه على السرعة في تصريف قضايا المواطنين، ومراقبة عمل الضابطة القضائية، والحزم في التصدي للمظاهر السلبية في معالجة المحاضر، والشكايات المعروضة على النيابة العامة، مع التركيز على مسطرة الصلحفي معالجة القضايا المعروضة على المحكمة،بقصد التقليل من العواقب الاجتماعية، والنفسية للأحكام.

الأكيد أن قاضيا “يجري” أكثر مما “يقف” و”يجلس”، لن يكون إلا قاضيا مسنودا بامتلاء معرفي كبير.. فبعد حصوله على شهادة الماستر في العلوم الجنائية بجامعة القاضي عياض بمراكش، توج الأستاذ الحسني مساره الأكاديمي بالحصول على شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، من جامعة ابن زهر أكادير، عن أطروحة تحت عنوان عدالة الأحداث في ضوء السياسة الجنائية”.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى