ميتا- قول..!

الدكتور عبد السلام فزازي أستاذ جامعي وكاتب

غريب وعجيب حين ندعي أننا بجرة قلم يمكن أن ندخل دائرة الاصلاح؛ علما أن الإصلاح ليس فقط مغازلة مصطلحات متداولة يبدوا للبعض أنها سهلة المنال؟ وما أدراك إذا تعلق الأمر بإصلاح الشأن الديني، بل الكثيرون يتطاولون جورا وبهتانا على الدين في جوانيته وعمقه ويدعون اصلاحه، وكأنني أستشف أنهم يلمحون إلى أن الإسلام فيه أعطاب لا قدر الله، بينما بيننا وبعقلية لا توصف من يدعون زعامة إصلاحه وهم لا يعرفون حتى أبجدية هذا الدين، وقواعده، وثوابته التي لا يمكن الاعتمار فيها إلا إذا تنازل الباحث عن وقته قليلا ومنح الدين زمنا من عمره لدراسة ما يجب دراسته، وهذا أمر يعد من واجب الواحبات؛ لكن البعض يشعرني شخصيا من خلال دراسات أو لقاءات وندوات أنه يمكن أن يتناول الشرع الرباني بتشعباته، ويصلحه بسهولة كما يصلح عجلة دراجة هوائية، وكأني به يخطئ كذلك الخالق عز وجل، سبحانك ربي أنت من خلقت مخلوقك هذا، وسويته وركبته في أي صورة ما شئت ركبته، ومع ذلك لا يمكن إصلاح خلق الخالق إلا في بعض النقائص الجسدية التي لا يمكن للخالق الاعتراض عنها..
فما معنى إصلاح الدين عند القوالين الذين وراء نياتهم ما وراءها؟ أحقا هم مسلمون أولا، ووجدوا ما هو غير مكتمل فأرادوا اكماله؟ أم تراهم يقيسون اصلاحهم هذا على من سبقهم من الديانات السماوية الثلاثة السابقة؟ فقالوا: نحن كذلك سنصلح في ديننا الثابت والمتحول، أو بعبارة أخرى ما يدخل في شق المعاملات، وهذا ممكن عن طريق الاجتهاد، لكن لا يمكن تجاوز ما هو معاملاتي إلى شق العبادات.. ولعل القيام بمقارنة مع باقي الديانات، دون مراعات الخصوصيات لكل دين عن باقي الأديان، هذا يدخل في مقولة:
” لا قياس مع وجود الفارق، بل فوارق عميقة”، ومع ذلك أصبحنا نعيش طفرة، إذا لم نقل ظاهرة، والبعض يدعو إلى النبش حتى في الثوابت القطعية، ومحاولة شن حرب قادمة قد لا تبقي ولا تذر لا قدر الله.. وإذا لم تقبل هذا التجاوز فأكيد سينمطونك، بل سيجعلونك في خانة المحافظين في جانبها السلبي، ولو أنهم يرون في المحافظين السلبية بعينها، وهم طبعا التقدميون والتنويريون الذي يقام لهم ويقعد، متجاوزين في ذلك حتى المجالس العلمية، على اعتبار أنهم لا يخرجون عن قائمة المحافظين.. ترى من يحاول مناقشة هذا الشأن؟ أجل جلهم خرجوا من قمقم الجمعيات، وتحت مظلة الحريات الفردية، وباقي الأصناف من الحريات التي تشظى منها ما تشظى، وأصبح المنتمون إليها ينطقون بعلم أو غير العلم، ولا حق لأحد مساءلتهم، وإلا فالعاقبة هي المساءلة القانونية، ضمانا لحركات التعبير الغريبة ذاتها في زمن التسيب المطلق، ولنا في هذا الشأن مقابلات مع أكبر علماء الدين، ومن يحاورنهم وهو أصلا يلحن في القرآن بهتانا وجورا وتطاولا، وحصانتهم أنهم ينتمون للسلطة الرابعة التي لا تسأل إلا إذا اقتربت من الشأن السياسي “المقدس”.. الدين الإسلامي له متخصصون نذروا حياتهم كل حياتهم لدراسته، ولا شأن للهواة لحشر أنوفهم في ما هو عصي عليهم، كما أن رجال الدين عليهم الابتعاد عما هو سياسي بحجة مفهوم الإسلام السياسي، وهو مصطلح خلق لجعل الإنسان يدخل مجال السباحة الحرة في شؤون تفرقنا ولا تنقذنا من الغرق، والحال أننا غرقى إلى حد الغثيان..
قراءة بعد قراءة الكاتبة الاردنية الرائعة تحت عنوان:
الكاتبة الاردنية احسان الفقية
هل صار علينا ان نحاكم الصحابة لكي يقال اننا نجدد الخطاب الاسلامي ..!!
وهل صار على المسلم ان يمزق قرآنه ليقال انه يحسن التعايش مع الاخرين ..!!
ابتداءً فانني لست من العلماء ولست فقيها في علم العقيدة ولكني ارى ان عبارة ” تجديد الخطاب الاسلامي ” التي يتغنى بها بعض السفلاء هي تعبير مبطن عن الردة ، فالاسلام ليس علبة بيبسي كولا تحتاج الى إعادة تسويقها بطريقة مبتكرة .
يبدو العنوان صادما ولكني تعمدت ان استهل سطوري بسؤال لمدعي الاسلام ، الذين يرتلون مزامير تحسين صورة الاسلام واعادة تجديد الخطاب الاسلامي ، أقول لهؤلاء : هل يتجرأ احد منكم ان يقول بان افكار الحاخام ” عوفاديا يوسف ” تشوه اليهودية وعلى اليهود البراءة منه وتصحيح الخطاب ..؟
عوفاديا يوسف الحاخام يقول بالنص في خطبة بثتها الفضائيات الإسرائيلية : { إن اليهودي عندما يقتل مسلما فكأنما قتل ثعبانا أوحشرة ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلاّ من الثعبان أو الحشرة خطر على البشر ، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدث }
ثم عاد الحاخام وظهر على القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي وأعاد كلامه مع تأصيله من وجهة النظر اليهودية ، زاعما أن الدين اليهودي يحث على التخلص من كل من يسكن فلسطين ، وأنه جاء في التلمود : ” إذا دخلت المدينة وملكتها فاحرص على أن تجعل نساءها سبايا لك ، ورجالها عبيدا لك أو قتلى مع أطفالهم ”
وهذا الحاخام اليهودي ” إسحاق شابيرا ” أصدر كتاب ” توراة الملك “، ودعا خلاله إلى قتل حتى الاطفال الرضع من العرب لأنهم يشكلون خطراً على إسرائيل ..
اتحدى ان يستنكر احد من الحكام او الفقهاء او قطيع المثقفين اهل موشح التطرف يشوه صورة الاسلام فينبسوا بحرف ويطالبون اليهود بمراجعة التلمود او فتاوى الحاخامات ، وانتم تعرفون انهم لم ولن يتجرأوا ، لانهم يدركون تماما ان من يطلب ذلك فان اليهود سيقطعون رأسه ،،
فالكل يتسابق لكسب الود والرضا فيصمت صاغرا ، ولكنهم يظهرون مهاراتهم في تجديد الخطاب الاسلامي ( المستند على كتاب الله وصحيح الحديث النبوي ) بزعمهم.
أما جرائم الاوربيين التي ارتكبوها باسم الرب فهي لم ولن تشوه صورة المسيحية ، ولم نقل يوما ان دينهم دين ارهاب لان تلك التهمة ماركة مسجلة باسمنا فقط نحن المسلمين ، فلم يتجرأ أحد ان يذكر ولو همسا بان القس ” لاس كاساس ” كان أكبر النَخّاسين فى عصره ، وهو الذي كان يقود تُجار الرقيق الذين قاموا بخطف وترحيل ما بين 15 إلى 40 مليوناً من الأفارقة حيث تم بيعهم كعبيد ، وكان يصاحب كل سـفينة قسيس ليقوم بتنصير العبيد مقابل مبلغ مالى يتقاضاه عن كل رأس .
ولكن الكل يتسابق ليكتب عن كذبة مزعومة يقصد منها تشويه الاسلام .
هل يتجرا احد ان يكتب حرفا عن البابا يوجينياس الرابع الذي أعلن رعايته لحملات الاستعباد التى يقوم بها الملك هنرى فى أفريقيا !! وفى الفترة من 1450 حتى 1460 ، عقد البابا نكولا الخامس وكالكاتاس الثالث صفقة لاسترقاق الأفارقة مقابل ” تعميد ” – تنصير – العبيد ودفع 300 كراون للكنيسة عن كل رأس ، بل أرسل أحد الأساقفة سفينة لحسابه فى إحدى الحملات لاصطياد العبيد باسم الرب .
واذا كان الاسلام انتشر بحد السيف ( كما زعموا ) فان المسيحية انتشرت عن طريق الابادة الجماعية باسم الرب ، ولم يجرؤ احد ان يدعي بان ذلك شوه المسيحية ، ولم نصفها بالارهاب عندما تم تخفيض عدد سكان المكسيك من 30 مليون الي 3 مليون خلال 20 عام فقط ، ولكن عندما يصرخ طفل من الجوع يتبارى اهل التحضر المزيف لمحاكمة التراث الاسلامي .
لم تتشوه المسيحية بدعوة بوش الذي وقف واعلن انها حرب صليبية ، فغزا العراق ليحصد اربعة ملايين ضحية ، ولكن اسلامنا يجب ان يحاكم ونحرق كتبه لتجفيف منابع التطرف ..!!
ولم نتهم المسيحية بالارهاب يوم وقف البابا أوربان الثاني ليشعل شرارة الحروب الصليبية التي حصدت ارواح الملايين .
لم نسمع احدا تحدث عن الهندوس والهندوسية وقد بلغ عدد ضحايا العبودية الحديثة في الهند لوحدها الـ 14 مليون شخص وفق مؤسسة ” ووك فري فاونديشن ” ولم نسمع احد طالب بتصحيح الهندوسية ، ولكن علينا ان نحاكم الاسلام لانه منع المثليين من ممارسة الدعارة …
علينا ان نحاكم الاسلام ولكن لايجرؤ احد ان يعترض فيطالب بتحالف ضد بريطانيا التي يوجد فيها اليوم واقول اليوم 11 ألفا و700 ضحية لأشكال العبودية الجنسية الاجبارية في شبكات الدعارة ، والاتجار بالأعضاء البشرية وبعض الاف من الضحايا مراهقون وأطفال ولدوا في بريطانيا ..
الهوان الذي نعيشه لم يكن نتيجة ضعف ولكن دياثة بني جلدتنا هي التي جعلت زنادقة الارض يجتمعون على الامة كما تجتمع الغربان على جثة ميتة ، وكما تجتمع الضباع على فريستها . ولأننا ضعفاء فان الضعيف عليه ان يدفع الثمن ، وتزداد الفجيعة عندما تعرفون ان التنازلات التي تمس العقيدة لا ولن تنتهي . فقد سمعت احدهم يقول ان محمدا كان دكتاتورا عندما امر بازالة الاصنام من حول الكعبة فتسبب في الغاء الآخر ومنع التعددية وحرية الرأي…!!
هنا مربط الفرس ولكن قومي لايفقهون
جراح الأمة وجرائم الغرب
صفحات التاريخ تـكـرر نفــســهـا
يصادف اليوم ﺍﻟﺬﻛﺮﻯ 20 ﻟﺤﺮﺏ ﺍﻹﺑﺎﺩﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﻨﻬﺎ الصليبيون ﺍﻟﺼﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﻤﻲ ﺍﻟﺒﻮﺳﻨﺔ .. ﻭﺍﺳﺘﺸﻬﺪ ﻓﻴﻬﺎ 300 ﺃﻟﻒ ﻣﺴﻠﻢ .
ﻭﺍﻏﺘﺼﺒﺖ ﻓﻴﻬﺎ 60 ﺃﻟﻒ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻭﻃﻔﻠﺔ مسلمة ..
ﻭﻫﺠّﺮ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻭﻧﺼﻒ مسلم ..
ﺇﺧﻮتي باﻹﺳﻼﻡ :
ﺍﻟﺮﺟﺎﺀ ﺍﻟﻨﺸﺮحتى لاننسى ونُذَكِّر الأجيال القادمة ….
فاللهم اعز من اعز الدين واخذل من خذل الدين .
و حسبنا الله و نعم الوكيل.
( رسالة إلى المفتونين بالحضارة الغربية وحقوق اﻻنسان المزيفة التي يتشدقون بها ) و لينتبه المسلمين لما يحاط بهم من حولهم وداخلهم من بنى جلدتهم ….
تاملات………………………………………

Leave a comment

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *