حسن اهوم
في الوقت الذي تستمر فيه المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية في تزيين اقاليم مدينة الصويرة، يعيش سكان هذه الأقاليم المحيطة والبالغ عددها 57 جماعة (ثاني أكبر إقليم بالمغرب) واقعًا قاسيًا يعكس معاناتهم اليومية. بينما تنظم الجماعات مهرجانات متتالية، يعاني الإقليم من التهميش، البطالة، وانعدام الخدمات الصحية الأساسية.
تعد الصويرة موكادور من بين المدن التي نجحت في استقطاب العديد من الفعاليات الثقافية الكبرى، مثل مهرجان كناوة والموسيقى العالمية، الذي أصبح محطة سنوية تجمع عشاق الفن من مختلف أنحاء العالم. ورغم أهمية هذه الفعاليات في تعزيز السياحة وجذب الأنظار إلى المدينة، إلا أن ذلك يأتي في كثير من الأحيان على حساب احتياجات ساكنة الإقليم التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية.
يشعر العديد من سكان الأقاليم بالإحباط من الأولويات التي يعتمدها المنتخبين و المسؤولين، إذ يتم تخصيص ميزانيات كبيرة لإقامة المهرجانات بينما تظل مشكلات مثل البطالة والتهميش وانعدام الخدمات الصحية بلا حلول جذرية.
تعتبر الرعاية الصحية إحدى أكبر التحديات التي تواجه الإقليم. فالعديد من المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من نقص حاد في الأطباء والمعدات الطبية الضرورية. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشاريع صحية توقفت قبل أن ترى النور مستشفى جماعة تمنار كمثال، مما يترك الساكنة في حالة من العجز والإحباط، خاصة في حالات الطوارئ حيث يُجبر الكثيرون على التنقل إلى المستشفى الإقليمي بالصويرة و مدن أخرى بحثًا عن العلاج.
البطالة هي الأخرى تُلقي بظلالها الثقيلة على أقاليم الصويرة. إذ يعاني الشباب بشكل خاص من قلة فرص العمل وانعدام المشاريع الاقتصادية التي يمكن أن تستوعب طاقتهم وتساعدهم على بناء مستقبلهم. هذا الواقع يدفع بالكثيرين إلى الهجرة نحو المدن الكبرى أو حتى خارج البلاد، في حين يجد آخرون أنفسهم مجبرين على البقاء وسط ظروف صعبة وأفق ضيق.
يطرح الوضع الراهن تساؤلات مشروعة حول جدوى إقامة هذه المهرجانات في ظل التهميش الذي تعاني منه الأقاليم. هل يعقل أن تستمر هذه الاحتفالات بينما يعاني المواطنون من البطالة وانعدام الرعاية الصحية؟ أم أن الأولويات تحتاج إلى إعادة نظر لتصبح احتياجات المواطن اليومية في مقدمة اهتمامات المسؤولين؟
في خضم هذه التحديات، يبقى الأمل معقودًا على تحرك جاد من قبل المسؤولين لإعادة ترتيب الأولويات والاهتمام بشكل أكبر بتلبية احتياجات السكان. إن تحسين الخدمات الصحية وتوفير فرص العمل يجب أن يكونا في مقدمة الأجندة، حتى لا تتحول المهرجانات إلى مجرد غطاء لتجاهل الواقع المرير الذي يعيشه سكان الأقاليم. الصويرة تستحق أن تكون مدينة حياة وكرامة لمواطنيها، وليس فقط مدينة احتفالات.