سعيد أهمان
على الجهة اليمنى من مدخل مدينة تيزنيت، تثير انتباهك يافطة كبيرة تحمل عنوان مشروع “تنمية المراعي”. هذا المشروع الذي يشكّل جزءا من استراتيجية أوسع لتطوير قطاع الرّعي وتنظيم حركة التّرحال في المناطق الّصحراوية وشبه الصّحراوية. وفي هذه المنطقة تولّد “حراك” أفضى إلى ميلاد القانون 113.13 المتعلق بالترحال وتهيئة وتدبير المجالات الرّعوية والمراعي الغابوية.
المشروع الرّعوي “تنمية المراعي” جرى إطلاقه بشراكة بين المغرب ودولة قطر، وهو مشروع يمثل إحدى المحاولات لتحسين الظّروف الاقتصادية والاجتماعية لعدد كبير من مربي الماشية في الجنوب، ويهدف بشكل أساسي إلى الحد من تدهور الأراضي الرعوية وزيادة إنتاجيتها عبر إحداث إنشاء محميات رعوية على مساحة 38.000 هكتار وغرس نباتات علفية على مساحة 9.500 هكتار، ممّا يساهم في توفير الموارد الغذائية للماشية.
هذا المشروع الواعد، يندرج ضمن مشروع كبير، قامت خلاله وزارة الفلاحة والصيد البحري (آنذاك) خلال الموسم 2014/2015 ، في إطار ما سمته مواكبة مشروع القانون ببلورة مشروع استثماري مندمج بمبلغ 900 مليون درهم مموّل بهبة من دولة قطر ويهمّ جهتي كلميم واد نون وسوس ماسة وإقليم السمارة، يروم استصلاح والتدبير المستدام للموارد الرعوية ، وتجهيز نقط الماء والمسالك الطرقية ودعم الولوج إلى الخدمات المدرسية والصحية ودعم القدرات التقنية للكسابة والرحل، وكذا تثمين مختلف السلاسل والأنشطة المرتبطة بالرّعي. فكان نصيب إقليم تيزنيت من هذا البرنامج صفقات لتسييج وتهيئة وغرس عدة مجالات رعوية بعدّة جماعات، منها التابعة لدائرة تيزنيت وأخرى لدائرة أنزي وأخرى لدائرة تافراوت، وذلك فوق أنظمة عقارية متنوعة تتراوح بين أراضي الجموع و أراضي الخواصّ، كما أبرمت صفقات لإحداث نقط الماء وأخرى لإنجاز مسالك طرقية.
وفي التّفاصيل، يشمل مشروع “تنمية المراعي” إصلاح البنية التحتية عبر تجهيز 127 نقطة مياه وإنشاء وصيانة 310 كيلومترا من المسالك القروية، بالإضافة إلى توفير صهاريج وشاحنات مائية لتحسين وصول المياه، فضلا عن تحسين الظروف المعيشية من قبيل بناء مرافق اجتماعية مثل “دار الطالبة” ومراكز صحية متنقلة، بالإضافة إلى تقديم مساعدات مادّية في شكل توزيع الأعلاف وبعض المُعدّات الزّراعية.
لم تسلم المنطقة مما يكنّى مافيا “الرّعي الجائر” التي أصابت شظاياها ضحايا، وأتلفت مزارع، وأدخلت ضحايا اخرين سجونا من غير حول ولا قوة، إلاّ لكونهم دافعوا عن أرضهم وغلالهم وممتلكاتهم، فيما آخرون اهتبلوا الفرصة لتنمية “مراعيهم” الخاصّة باسم “تنمية المراعي”، من دون مساءلة ولا حساب، بعيدا عن مراعي أهالي “أدرار” (الجبل) و”أزغار”(السّهل) الذين يندبون حظّهم العاثر من التّنمية.
لم تبق سوى يافطة المراعي التي اعلاها الصدأ وتآكلت حروفها كما تآكلت ميزانيتها، وتبخّر معها “المهرجان الوطني للمراعي” بعد بداياته، وتبخّر حلم من رعوا عُنوانا أخّاذا جذابا بتحويل تيزنيت إلى “عاصمة للمراعي” قبل عشر سنوات، وكنا ننتظر معهم أن يتحقّق الأثر ومازلنا…ولم لا، ربّما تحقّق ذلك، لكن في آماني أخرى..
– الصّورة: جرى تتبيث اليافطة من قبل مصالح وزارة التجهيز على الطريق الوطنية رقم1 من أكادير في اتجاه تيزنيت، فيما يافطة “مشروع تنمية المراعي” شاهدة على تاريخ مرّ هناك تشوّه المكان.