حنان وهبي
في العديد من الأحياء المغربية، نرى بين الحين والآخر رئيس الملحقة الإدارية يظهر في المشهد لضبط مخالفات مثل الأسواق العشوائية التي تغلق الشوارع، وتعرقل حركة المرور، وتستغل ممرات الراجلين. وفي حالات أخرى، نلاحظ تزايد فتح محلات حرفية في أماكن سكنية واستخدام المقاهي والمحال التجارية للطريق العام. هذه المشاكل تثير العديد من الأسئلة حول أسباب غياب التدخل الفوري من السلطات المحلية، ويُطرح التساؤل: لماذا لا تُحصر المخالفة في الوقت الذي تحدث فيه؟.
إحدى القضايا الأساسية التي تعاني منها السلطات المحلية هي غياب الرقابة الفورية على المخالفات. في أغلب الأحيان، يتم التغاضي عن هذه الأنشطة غير القانونية لفترات طويلة قبل أن يتدخل المسؤولون، ما يؤدي إلى تصاعد المشكلة وتفاقمها. هذا التأخير في التصرف يجعل المخالفين يعتقدون أن هناك نوعا من التراخي أو التساهل، وبالتالي قد يتوسع النشاط غير القانوني. على الرغم من أنه من المفترض أن يتم محضر أو على الأقل تقديم إنذار أو تنبيه للمخالفين فور ارتكاب المخالفة، إلا أن هذا يتم في حالات نادرة، مما يؤدي إلى تزايد الخلافات بين المواطنين.
أما بالنسبة للأسواق العشوائية، فيبقى السؤال لماذا لا يتم تخصيص أراض أو مواقع مؤقتة لتوفير أسواق شعبية يسيرون فيها بطريقة قانونية؟. هذا التوجه يتماشى مع الحاجة إلى توفير فرص عمل وتنظيم السوق بطريقة تحافظ على النظام والنظافة. تخصيص أماكن محددة لهذه الأنشطة لا يساهم فقط في تنظيم الاقتصاد المحلي، بل يساعد أيضا في الحفاظ على سيولة حركة المرور وسلامة المواطنين. مع ذلك، لا يتم تنفيذ هذه الحلول بشكل جاد، مما يترك المواطنين في مواجهة مباشرة مع هذه الظواهر.
من جانب آخر يستمر عون السلطة في التأخير في استلام الشواهد السكنية وعدم التدخل الفوري في المخالفات. وفي بعض الحالات، يقتصر دوره على مراقبة عمليات الإصلاح في المنازل الخاصة، بينما يتجاهل المخالفات التي تؤثر على المجتمع ككل. هذا التقاعس في أداء المهام يثير تساؤلات حول فعالية النظام الإداري المحلي. بدلا من توفير الحلول المناسبة لمشاكل المواطنين، نجد أن هذه الممارسات تساهم في تراكم المشكلات.
هل هذه التصرفات تتوافق مع مفهوم الجديد للسلطة في المغرب؟ إن مفهوم السلطة الجديد يهدف إلى تحسين جودة الخدمات العمومية من خلال تعزيز الشفافية والعدالة في تعاملات الإدارات المحلية مع المواطنين. المفترض أن تكون هذه السلطات أكثر استجابة للمشاكل اليومية التي يواجهها الناس، وتوفير حلول بديلة للتعامل مع الظواهر السلبية مثل الأسواق العشوائية وفتح محلات حرفية بالأحياء السكنية و غلق الطريق وممرات واستغلالهم لبعض المقاهي والمحلات وأمور كثيرة، وتوزيع المهام بشكل عادل. ومع ذلك، تبين هذه التجربة أن هناك فجوة بين النظرية والتطبيق، حيث يبقى جزء كبير من المسؤوليات دون حل.
انعدام منظور شمولي لتحسين علاقة الإدارة بالمتعاملين معها؛ يدفع إلى توصيف النظام الإداري المغربي “بالنظام المنغلق وغير المنفتح على محيطه”.
إن غياب الرقابة الفعالة في الوقت المناسب على المخالفات وتراخي السلطات المحلية في اتخاذ الإجراءات السريعة يعزز من وجود المشكلات اليومية في الأحياء. يجب أن تكون هناك حلول قانونية، مثل تخصيص أسواق شعبية مرخصة، وخلق آليات تواصل فعالة بين المواطنين وأعوان السلطة. كما يجب أن يتم تطبيق مفهوم السلطة الجديد بشكل عملي، بحيث تتحمل السلطات مسؤولياتها بشكل كامل لضمان خدمة أفضل للمجتمع .حتى نرقى بها إلى مصاف إدارات الدول المتقدمة.
هذا الوضع يعكس المعاناة التي يتجرعها العديد من المواطنين يوميا، حيث يواجهون صعوبة في التعامل مع الإدارات المحلية، مما يؤدي إلى استساغة التقصير في أداء الواجبات أو عدم الإتقان في القيام بالمهام.