الدين بين العبادة و الكراسي ؟‎

حقائق24

محمد بوبكر

لقد نص الفصل السابع من دستور المملكة المغربية.. على أن الأحزاب السياسية، لا يجوز أن تؤسس على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، وبصفة عامة، على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان.

– فهل إذن ” فصل الدين عن العمل السياسي” هو “فصل الدين عن الدولة” ؟

إن فصل الدين عن العمل السياسي، لا يعني فصل الدين عن الدولة، وإنما عدم السماح للسياسيين باستغلال المبادئ والقيم الدينية النبيلة لإشباع حاجاتهم ومصالحهم الخاصة و توظيفها في المجال السياسي والاقتصادي وغيرهما، انطلاقا من حقيقة إنسانية عامة وشاملة، و كما قال سعد زغلول: “الدين لله والوطن للجميع”..

و بذلك فإن قضية فصل الدين عن السياسة.. تعد قضية ضرورية وتأتي رحمة بالدين و ما يتم من اكراه و استبداد باسمه…، لأن السياسيين على اختلاف أطروحاتهم يرتكبون حماقات وأخطاء لا يجوز أن تنسب للدين، و فصله عن السياسة هو احد ركائز التقدم و الديمقراطية.. والتجربة على أرض الواقع تثبت صحة ما أقوله.

و يبدو أن أتباع حزب العدالة والتنمية وما جوارهما يسعون لغرس أفكارهم المسمومة التي لا تناقش قيم المواطنة والذوبان في هذا الوطن الذي يجمع الجميع مادامت هناك قواسم مشتركة حددها الدستور المغربي، كما أن السيد رئيس الحكومة كذلك يتاجر بالدين و يحلل و يحرم ما يحلو له من أجل استمالة أولاد الشعب..، إقحام بعض المصطلحات الدينية في الخطاب السياسي يعطيه ثقة بعض الناس من الأميين و الجهلة بالرغم من فراغ كلامه من كل محتوى، وللإشارة.. فاللذين يقومون بتوظيف الدين واللعب على مشاعر الناس من أجل تحقيق أهداف سياسية، فهم “سماسرة”…

إن المغاربة اليوم في حاجة ماسة، الى التعليم العصري لمحاربة الجهل والتخلف والأمية المتفشية بكثرة، وهم في حاجة كذلك الى التطبيب والتشغيل وتحسين قدرتهم الشرائية…، هذا ما ينتظره أولاد الشعب في الحقيقة من النخب السياسية، أما الخطابات الإنشائية والشعارات الدينية فلم تعد تجدي نفعا في القرن الواحد والعشرين…

اليوم لم يتبقى لبعض الأحزاب السياسية إن هي أرادت أن تبقى في الوجود والاستمرار في الساحة السياسية، سوى تغيير خطابها الديني والتركيز على الاقتصاد والتعليم العصري للالتحاق بالركب ومواكبة التطور قبل فوات الأوان…

لقد وصف الله عز وجل في كتابه الذين يستغلون الدين للوصول إلى الكراسي.. لخداع البسطاء و أبناء الشغب أنهم لا يخادعون المؤمنين، و إنما يخادعون الله كذلك..

“يُخَادِعُونَ الله وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ،فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ”

وهي حقيقة الصلة بين الله والمؤمنين، أنه يجعل صفهم صفه و أمرهم أمره وشأنهم شأنه، يضمهم سبحانه إليه.. ويأخذهم في كنفه.. ويجعل عدوهم عدوه وما يوجه إليهم من مكر موجه إليه – سبحانه تعالى –

و بما أنني أخالف الذين يستغلون الدين للوصول إلى الكراسي في الرأي، بعد مشاهدتهم لهذا المقال سيعتبرونني زنديقا أو كافرا أو ملحدا… ” سامحهم الله “ .

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *