حقائق24-بقلم بوشعيب نوعمان
يعد معمل السكر بسيدي بنور الأكبر في القارة الإفريقية، وينتج حوالي 46 بالمائة من الإنتاج الوطني من مادة السكر، وذلك مرتبط بوفرة إنتاج الشمندر بإقليم سيدي بنور الذي ينتج لوحده حوالي 50 بالمائة من الإنتاج الوطني، ويتم تخصيص حوالي 20 ألف هكتار لزراعة الشمندر بهذا الإقليم.
وبالمقابل فإن الفلاحين تظل استفادتهم جد محدودة من هذه الزراعة، نتيجة الثمن المنخفض للمنتوج، والتلاعب في تحديد نسبة الحلاوة والأوساخ، مما دفع العديد منهم للقيام بحركات احتجاجية، كما قام البعض الآخر بالامتناع عن زراعة الشمندر.
ورغم كون معمل السكر بسيدي بنور يلعب دورا اقتصاديا من خلال توفير فرص شغل دائمة ومؤقتة لأبناء المنطقة، رغم ما يطبع عمليات التشغيل داخله من زبونية ومحسوبية بحسب شهادات أبناء المنطقة، فإنه بالمقابل يخلف مجموعة من الأضرار البيئية التي تنعكس سلبا على السكان، نظرا لعدم احترام شركة كوزيمار للقواعد الخاصة بالسلامة وحماية البيئة، فالمداخن ليست مرتفعة بشكل كافي، مما يجعلها تنفث سمومها مباشرة في الفضاء المحيط بها، ومع بداية فصل الصيف يكون السكان على موعد مع الروائح الكريهة التي جعلت الكثير من الناس يهاجرون خارج المدينة، كما أن التعامل العشوائي مع مخلفات الشمندر يؤدي لانتشار البعوض (الشنيولة) الذي يغزو الأحياء والمنازل، أما المياه العادمة المستعملة في الإنتاج فيتم التخلص منها مباشرة في الطبيعة دون أي معالجة.
لقد تم إنشاء معمل السكر بسيدي بنور في وقت كانت الدولة تشرف بشكل مباشر على عملية إنتاج الشمندر السكري، من خلال المكاتب الجهوية للفلاحة، وفي بداية الثمانينات رفعت الدولة يدها عن القطاع، حيث حلت جمعية منتجي الشمندر محل المكتب الجهوي للفلاحة، لكن المصنع بقي تابعا للقطاع العام، إلى حدود بداية التسعينات حيث تمت خوصصة جميع معامل السكر التي أصبحت مملوكة لشركة كوزيمار. ومعلوم أن الشركة الوطنية للاستثمار التابعة لمجموعة أونا كانت تملك أغلب الأسهم في شركة كوزيمار، ولكن بحلول سنة 2015 باعت مجموعة أونا أغلب أسهمها في كوزيمار، حيث تم تفويت حصة 27.5 في المئة من رأسمال كوزيمار إلى مجموعة «ويلمار» الآسيوية (تنتمي لدولة سنغافورة) في شهر أبريل 2014، بينما تم بيع باقي الأسهم لمؤسسات مالية مغربية مثل الصندوق المغربي للتقاعد، وتأمينات سينيا السعادة، و أكسا للتأمينات بالمغرب، و الملكية الوطنية للتأمينات، وتأمينات الوفاء، وصندوق الإيداع والتدبير.
ويأمل الكثير من الفلاحين في أن تراجع شركة كوزيمار سياساتها الإنتاجية، وأن تتخذ إجراءات لرفع مداخيل الفلاحين لتشجيعهم على زيادة الإنتاج، وتغيير المعايير المستعملة في تحديد نسبة الحلاوة والوسخ، من خلال وضع آليات عادلة و شفافة، بالإضافة لاتخاذ تدابير لحماية البيئة، والحرص على توفير فرص الشغل،كما يطالب السكان بمساهمة الشركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بإقليم سيدي بنور، خصوصا وأنها تحقق أرباحا مهمة من خلال نشاطها داخل إقليم سيدي بنور.