ملكات تربعن على عرش الأمومة بقلم نعيمة بقال

naiima

 

حقائق24

نعيمة بقال — صحفية متدربة 

 

الأم عطاء لا ينضب

نظمت للأم قصائد شعرية تغنت بعطائها الدائم,ولحنت أغنيات صدحت بها الحناجر,للتعبير عن مكانتها العظيمة باعتبارها نبع حنان لا ينضب.

فالأمهات تاريخ ماضينا وحاضر مجتمعنا, إلا  أن ما يتردد على مسامعنا في الآونة الأخيرة من  قصص الاعتداءات تهز الوجدان وتفطر القلب,فقلوب الأمهات تتألم ولا تجد لها محتضن,تائهات بين هموم ويأس,متسائلات ”هل الأمومة ذنب ”تعاقبن عليه.إنهن نساء تتأرجحن بين أمس شابته المعيقات وحاضر مليء بالتحديات ومستقبل يلفه الأمل.

أمهات جلدهن الغدر بسوطه:

لا تجدن عضدا وفي آلامهن لا تواجهن أحدا,تجتاحهن الدموع بمذلة وخضوع,تخنقهن العبارات تفضلن الصمت وتعشن أيام الحياة صابرات على كل معاناة,لكن إلى متى تتألم  قلوبهن ولا تجد محتضن,يتعب  شعورهن ولا يسأل عنه مطمئن؟,تعشن الحياة تائهات بمستنقعات اليأس والحزن,ليخلف بنفوسهن وجعا لن يشفيه مرور السنين.

الأمومة تحمل في طياتها بذور فنائها:

أمام رعونة الصمت يتمادى الظالمون في طغيانهم,فقصص العقوق اليوم أصبحت منتشرة كالنار في الهشيم,فالأبناء اليوم أصبحوا يذيقون أمهاتهم ألوان العذاب ,قلوب من فولاذ تعامل أمهاتها بقسوة,تصرخ في وجهها تسبها, تشتمها,تصرف قواها في الجور والطغيان,فقضية تعنيف الأمهات ألقت بظلالها في كافة المجتمعات,المجتمع  اليوم أصبح يعرف تشرذما,فالانسلاخ الأخلاقي الذي أدى بالاحتقان الأسري لبلوغ مداه,فبعد ما شهد التاريخ على قصص تحدي وصمود أسطورية للمرأة,فهي الأم المثالية والمناضلة المميزة والقائدة الفذة,أصبحت اليوم تهان وتزدرى ماهيتها من قبل من أفنت زهرة شبابها في رعايتهم,تتلقى الصفعات يوميا بكل رحابة صدر وصمود ,تكفيهن ابتسامة أمل للتغلب على أشد اللحظات كمدا ويأسا لتتصالحن مع الحياة بكسورها الموجعة.

غاب الهدف فساد العبث:

إن العيش في مجاهل عصر غريب الأطوار ينزف يوميا,دليل على أن الحياة فقدت عذريتها,تاركة ندوبا غائرة في نفوس تجرعت كأس الشقاء حتى الثمالة,فتعنت الأبناء يجعل الأم دمية متحركة,ليعكر صفو هذه العلاقة الإنسانية برتابة الحياة اليومية الكالحة,مما يكرس هوة شاسعة بين الأم والأبناء,وبالتالي شرخ يصعب رأبه.

تمخض الإصلاح فولد حيفا:

لعبت دورا رياديا ,تكبدت مسؤوليات جسام خاصة بعد رحيل المعيل,كانت خير سند لأبنائها,فالأم عطاء لينضب,استجمعت قواها لمحاربة الفقر القابع في بيتها,جمعت بين ظلمة القهر ومرارة الفقر المدقع في جنبات قلبها,لترعى من سيحاول النيل من صمودها وكسر جناحها,إنهم فلذات كبدها ,فمازال تعنيف الآباء من الطابوهات المختفية معالمها خلف جدار  سميك من التكتم,فالدخول لدباجير المسكوت عنه أمر صعب,إلا أنه لا يمكن تجاهله لكي لا تحشر هذه الصفحة في طي الطمس والنسيان,رغم ما نحتته  من أخاديد عميقة في مسار التاريخ الراهن.

 

“مي سلطانة” سيدة في الثمانينات,تتسم برباطة الجأش,بلكنة هوارية صرف تتحدث عن معاناتها والألم يعتصر قلبها, تقبع في سجون الحسرة والألم,تعبر عن توجسها الكبير من استمرار تعنيف ابنها لها,بصوت شجين يمتزج فيه الألم والأمل تهتف” مي سلطانة” ‘ياربي تهدي ولدي,ما عرفت شنو درت له ليعنفني معنويا وجسديا’,فحبها لابنها ملأ جنبات قلبها,فقد عبرت بزكة والتعاج عن الأحاسيس الرهيبة التي تخامرها وعن وقع الألفاظ  الشينة التي كانت تترك جراحا غائرة في نفسها,فابنها يسبها بأقدح العبارات وينعتها بأبشع الصفات,بوجه عبوس تردف قائلة لايمكنني الابتعاد عنه وتركه وحيدا فرغم كل شيء يبقى جزءا من كياني.تتحدث وهي تتنفس الصعداء وتصر بأسنانها من وطأة الألم.

كما أن قصة  ‘مي الغالية’أشد فظاعة من نظيراتها,انها سيدة أناخ عليها بؤس الزمن بكلكله,فتاريخ النضال تلخصه تجاعيد وجهها المحفورة,ألف قصة تحكي ملامحها الوقورة,فجسدها الواهن المثقل بالأمراض لم يعد يتحمل معاملة ابنها وزجته القاسية اللاانسانية,فلم تتخيل يوما رضوخها وخنوعها لظلم من كانت تعمل لمساعدتهم,فقد أضحت دمية يحركانها على هواهما,ف”مي الغالية “سيدة قسا عليها الزمان وجلدها الغدر بسوطه, فجراح الأم الغائرة لن يضمدها مرور السنين,تسترسل حديثها وهي تغالب الدموع,لترفع يديها المعطاءة للدعاء,أياد تخللتها صروف الدهر وحفرت في بصماتها,فما أحوجها إلى أياد حنية تخفف عنها تلك الجراح,تقول يتبرم ويتضجر  ابني من مسؤولياته اتجاهي, ويقلب لي ظهر المجن,يكفيني في أشد اللحظات كمدا ويأسا الدعاء والبكاء,فماذا عساني أن أفعل؟

 

أصوات نسائية صدحت بالحقائق:

حتما التاريخ سيحاسبنا على تطبيعنا مع الوضع الحالي,وعن طمرنا للحقائق, إن من يهين أمه إنما يهين ذاته ويزدري ماهيته ،و يلجأ إلى نفي إنسانيته،فالانسلاخ والتفسخ  الأخلاقي ألقيا بظلالهما على كافة المجتمعات الإنسانية,فبعدما كانت الأم قمة العطاء,أصبحت اليوم تتلقى صفعات وصعقات قاسية, تكابد تعنت فلذات الأكباد,تجابه ذهنيات متخمة بأحلام السلطة,فالسلوكات السمجة أذاقتهن ألوان العذاب والقهر.

استرقاق الأمهات ولد امتعاضا لدى الكثيرات,مما دفعهن لكسر جدار الصمت والإحجام عن طمر الحقائق للانعتاق من مخالب الظلم الاجتماعي.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *