الرأي

أدلوجة الإهمال

DADA
بقلم : ياسر اعجاجة

 تتصادم الحسابات والمصالح السياسية مع الملفات الاجتماعية لساكنة مدينة تيزنيت و إقليمها، وتفشل المجالس المدبرة للشأن المحلي في ملفات بسيطة جدا، تطرحها الساكنة كل يوم سواء عن طريق المستشارين الجماعيين أو عن طريق تنسيقيات أو جمعيات مدنية أو حقوقية أو كتابات يتيمة على مواقع التواصل الاجتماعي، مما ينتج عنه حالة من الخذلان وانعدام ثقة المواطن جزئيا في المجالس المسيرة، هذا الخذلان الذي يؤدي به إلى انعدام كلي للثقة خصوصا في ما يتعلق بالقضايا ذات الطابع الاجتماعي التشاركي والاستثمارات ذات الطابع الاقتصادي والدفاع سياسيا عن الإقليم أمام مراكز القرار الجهوية والوطنية.

إن المكتسبات البسيطة والمشاهدة بالعين المجردة الناتجة عن تطبيق وتنزيل لوعود المرشحين السابقين الممثلين الحاليين للساكنة هي ما ستجعل المجلس يسترجع ثقة المواطن جزئيا، وإن كان المواطن سيبقى حذرا إلى حين التأكد من تنزيل جميع الوعود ولمسها على أرض الواقع، وهو الأمر الذي لن يتأتى إلا بالحوار وإشراك الجميع، وخصوصا ممن تعتبره الساكنة مؤثرين في القرار قادرين على تحريك الرأي العام المحلي، لأن هذا الأخير يضع ثقتهم فيهم أكثر من المجالس المنتخبة من فئة ضئيلة من الساكنة، وهو ما تشير إليه كل الإحصائيات المتعلقة بالانتخابات الجماعية والبرلمانية والتي لا تتفانى في إظهار حقيقة العزوف عن حق من الحقوق المقدسة : حق إبداء الرأي والتصويت والانتخاب.

ففي الآونة الأخيرة برزت ملفات ذات طابع اجتماعي بامتياز، فشلت المجالس في إيجاد حل لها وطمأنة الساكنة بجدية اجتماعاتها وتركيزها على الحلول بدل المزايدات ومحاولة تضليل الرأي العام، فنذكر من بين الملفات ملف احتلال الملك العمومي المتعلق أساسا بالرصيف والساحات العمومية، والذي لا نلمس فيه أي حلول جدية من المجالس المنتخبة ما عدا الهجوم على الباعة المتجولين وتجار الرصيف متناسين أن احتكار واحتلال واستعمار الرصيف والساحات ليس حكرا على تجار الرصيف فقط بل على التجار بصفة عامة ومنهم أصحاب المحلات التجارية والمقاهي والموثقة بالصور رغم أن هذا التوثيق يبقى ثانويا لأنها أمور ملاحظة لكل مواطن. وهنا نتساءل عن دور الشرطة الإدارية الجماعية الموكول إليها حماية هذه المرافق.

وفي نسيان قد يكون متعمدا لملف احتلال الرصيف والساحات العمومية برز على الساحة ملف الكلاب المشردة القابلة لحمل فيروس الكلب، هذا الملف الذي أثير بعد هجوم كلب ضال، أو ترك ضالا، على طفل ذي الأربع سنوات كاد أن يودي بحياته ليتم نقله إلى المستشفى الإقليمي لتصعق عائلة الطفل أن لا وجود للمصل المضاد لداء الكلب، المصل الذي اكتشفه العالم والطبيب الفرنسي لويس باستور منذ ما يزيد عن قرن، وهو المصل الذي يجب حقنه في وقت لا يتعدى أسبوعا بعد عضة الكلب، لتبدأ حرب البيانات ما بين المجلس الجماعي ومندوبية الصحة في هروب واضح من تحمل المسؤولية.

هروب من المسؤولية وعدم تحمل تبعات إغفال الملفات الاجتماعية، هي سمات مشتركة بين المجالس المسيرة للشأن العام المحلي، هذه السمات المبنية على أفكار يتعلمها المواطن الذي قد يصبح مسؤولا مستقبلا تلقن له من نظام تعليمي يعلمه الهرب من المسؤولية وثقافة الاقصاء وعدم الإشراك والرأي الواحد الوحيد، وهو أدلوجة يراد نشرها إما عمدا أم جهلا بالواقع السياسي والاجتماعي والاقصادي والثقافي الوطنيين والدوليين وهو ما شهدناه في الامتحان الجهوي لمادة التربية الإسلامية قبل سنة حين مررت فكرة أن أندية حقوق الإنسان تدعو إلى الانحراف، وامتحان للغة العربية هذه السنة حين تم إلصاق حرب الأزمة السورية بدولة روسيا، ومقرر دراسي يهجم على الفلسفة بصفة صريحة واضحة، والتي لا تريد أي من الأطراف تحمل مسؤولياتها اتجاه أخطائها.

سياسة الإقصاء وعدم الإشراك الفعلي وعدم تحمل مسؤوليات أخطائنا بنية فكرية، إنها أدلوجة بلغة عبد الله العروي.

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى