خاطب نبيل الشيخي رئيس فريق حزب “العدالة والتنمية” بمجلس المستشارين، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، في مناقشة برنامج الحكومة بلغة قريبة إلى المعارضة، باستحضار مسار تشكيل الحكومة، وتساؤله بالقول، “بعدما اخترتم في تصريحكم الحكومي الذي قدمتموه أمام البرلمان بمجلسيه أن تتجنبوا الحديث عن السياق السياسي الذي أفرز هذه الحكومة” مضيفا: “وإذ نستحضر هذا المسار بالنقد والتحليل، فذلك بغرض واحد ووحيد، وهو أن نعرف بالضبط: أين يقف المغرب على مستوى ممارسته الديمقراطية؟”.
وقال نبيل الشيخي، في كلمته بمجلس المستشارين اليوم الثلاثاء 25 أبريل الجاري، إن “الحزب خاض انتخابات السابع من أكتوبر 2016 في ظروف صعبة، جاءت مطبوعة بحملات إعلامية وسياسية غير مسبوقة استهدفت تبخيس إنجازات الحكومة السابقة واستهداف رموز الحزب”، مضيفا: “بل وصل الأمر ببعض الجهات الخفية إلى تنظيم مسيرة غريبة بالدار البيضاء قبيل الانتخابات ضد حزب (العدالة والتنمية)، كان مآلها الفشل الذريع بفضل ذكاء الشعب المغربي”.
وهاجم الشيخي وزارة الداخلية بقوة، بالقول: “ولا يفوتنا ونحن نستعرض هذا السياق التذكير بتورط بعض رجال وأعوان السلطة في دعم حزب سياسي بعينه وذلك بطريقة مكشوفة لقيت استهجانا واضحا من طرف المواطنين”.
وتابع الشيخي بالقول: إن “المساعي والمجهودات التي بذلها الأمين العام عبد الإله بنكيران بصفته رئيسا مكلفا بتشكيل الحكومة اصطدمت بإرادة معاكسة، اشتغلت بشكل منهجي من أجل إفشال هذه المهمة التي كان من شأن نجاحها أن تعزز ثقة المواطنين في أصواتهم وفِي إرادتهم الحرة المعبر عنها يوم الانتخابات”.
وخاطب الشيخي رئيس الحكومة بالقول، إن” الشعب المغربي تابع مرحلة تعثر تشكيل الحكومة بمشاعره وآماله التواقة إلى الإصلاح. ولا نخفيكم أن فئات واسعة باتت تشكك في جدوى الممارسة السياسية وهي تضع هذا المسار تحت مجهر المراقبة والرصد، ولن تستعيد ثقتها إلا من خلال إنجازات نوعية تشعر بها مختلف الفئات الاجتماعية”.
وأوضح المتحدث في نفس السياق، أنه “على كافة القوى السياسية أن تعي بأنكم تحملتم تنازلات مؤلمة، وقبلتم بما قبلتم به أملا في مواصلة الإصلاحات الحقيقية الكفيلة باسترجاع الثقة في المسار السياسي لبلدنا وتجنيبه كافة أسباب التراجع والانتكاس”.
وأكد الشيخي أن الأسباب الحقيقية المرتبطة بتعثر تشكيل هذه الحكومة، كشفت عن “هشاشة المشهد الحزبي، وتخلف الكثير من النخب السياسية عن الارتقاء إلى ما يطمح إليه المواطن من العيش في ظل مجتمع تسوده قيم الديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية. وهو ما من شأنه أن ينعكس سلبا على قوة المؤسسات السياسية ومصداقيتها المجتمعية، وعلى نموذجنا السياسي والتنموي”.
وأضاف المتحدث، “لا ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب حقيقية مستقلة في اختياراتها، كما ينبغي أن نقول بكل صراحة، وانطلاقا من دروس التاريخ ومن التجارب التي نتابع نجاحاتها في العالم: لا تنمية حقيقية بدون ديمقراطية، ومن الوهم أن نحلم بالارتقاء إلى مصاف الدول الصاعدة إذا فشلنا في بناء ديمقراطية حقيقية بمواصفاتها المعروفة كونيا”.
واعتبر فريق “العدالة والتنمية” ما أسماه بـ”اللجوء إلى أساليب التوجيه والضبط والتحكم السياسي، لن تفضي إلا إلى تمييع وتدمير الفعل السياسي، وتوفير المبررات التي يستند عليها خطاب التشكيك في جدوى العمل من داخل المؤسسات، وتغذية نزعات التطرف والعنف والعدمية، بما يهدد بانحسار حجم المشاركة السياسية، وتهديد الخيار الديمقراطي”.
وطالب “البيجيدي” باعتماد التسجيل التلقائي في اللوائح الانتخابية اعتمادا على سجلات البطاقة الوطنية للتعريف؛ بالإضافة إلى كل الإجراءات الأخرى المواكبة والهادفة إلى توفير الشروط الضرورية لممارسة هذا الحق الدستوري لكافة المواطنين والمواطنات سواء داخل الوطن أو خارجه.
وتابع الشيخي بالقول، “لا بد أن نثير انتباهكم إلى متابعة ومحاكمة عدد من شباب (الفايسبوك) وفق قانون مكافحة الإرهاب من أجل أفعال لا ترقى إلى مستوى تصنيفها كأعمال إرهابية بقدر ما تدخل في نطاق الانزلاقات التي قد تعرفها حرية التعبير وهو ما يقتضي معالجة بيداغوجية تستبعد المقاربة الزجرية وما يرافقها من تجاوزات تمس بحقوق الإنسان”.