سياسة

الدلالات السياسية لترؤس الملك مجلس الوزراء بالعيون

mb

من المرتقب أن يترأس الملك محمد السادس المجلس الوزاري اليوم السبت بمدينة العيون، ليسجل المرة الثانية في ترؤس مجلس وزاري في الأقاليم الصحراوية المسترجعة عام 1975، بعد المجلس الذي ترأسه بمدينة الداخلة عام 2002، والذي شهد آنذاك المصادقة على القانون الانتخابي.
ويأتي عقد المجلس الوزاري بالعيون طبقا للفصل 48 من الدستور الجديد، الذي ينص على رئاسة الملك المجلس الوزاري، الذي يتألف من رئيس الحكومة والوزراء، وينعقد بمبادرة من الملك.
وسيتداول المجلس الوزاري في القضايا والنصوص المتعلقة بالتوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية، ومشاريع القوانين الإطار المشار إليها في الفصل 71 (الفقرة الثانية) من هذا الدستور، ومشروع قانون العفو العام، ومشاريع النصوص المتعلقة بالمجال العسكري، من قبيل إعلان حالة الحصار، وإشهار الحرب، وغيرها من المشاريع والقوانين المرتبطة بالدولة المغربية.
فما هي الدلالات السياسية للزيارة الملكية إلى الأقاليم الصحراوية، وترؤس العاهل المغربي لمجلس الوزراء بمدينة العيون؟
السيادة الجغرافية للمغرب
ترؤس الملك محمد السادس اجتماع مجلس الوزراء بمدينة العيون، كبرى حواضر الأقاليم الصحراوية المسترجعة عام 1975 على عهد الملك الحسن الثاني، اعتبره القيادي السابق في جبهة البوليساريو، المصطفى سلمة ولد سيدي مولود، “عملا سياديا يفسر ما جاء في خطاب المسيرة الأخير بأن المغرب لن يتفاوض على سيادته على الصحراء”.
وأضاف ولد سيدي مولود، في تصريح خاص بجريدة هسبريس، أن الملك يبعث من خلال هذا المجلس رسالة إلى من يطالبون بتقرير المصير خارج المقترح المغربي أو يدعمونه، وعلى رأسهم بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي “وضعته الزيارات الملكية في حرج كبير، منذ قراره زيارة منطقة النزاع لحلحلة مواقف الأطراف، وقوله عشية زيارة الملك الفائتة إلى العيون “إن مقترحات عام 2007 المقدمة من المغرب وجبهة البوليساريو لم تفتح الطريق أمام المفاوضات الحقيقية التي دعا إليها مرارا مع مجلس الأمن”.
فما دلالة ترؤس الملك لمجلس وزاري بمدينة العيون، وهي حاضرة الأقاليم المتنازع عنها، قبل شهرين من موعد مناقشة “قضية الصحراء” على مستوى مجلس الأمن؟
يجيب القيادي السابق في جبهة البوليساريو بأن الزيارة الملكية واجتماع المجلس الوزاري المغربي في العيون، شهرين قبل آخر موعد لمناقشة قضية الصحراء على مستوى مجلس الأمن في عهد بان كي مون، “يقطع الطريق أمام كل مقترحات كريستوفر روس المسماة حلولا مبتكرة”.
من جهته، ذهب ميلود بلقاضي، المحلل السياسي، إلى أن علاقة حدث عقد المجلس الوزاري بمكان انعقاده (العيون) “تكتسي رمزية السيادة السياسية على الجغرافية”، مشيرا إلى أن “عقد المجلس الوزاري بالعيون -عمق الصحراء- هو رد مباشر على القوى المحلية والإقليمية والدولية، مفاده أن ممارسة المغرب سيادته الكاملة على أراضيه، بما فيها الصحراء، قد حسمت”، مضيفا: “إنه برهان على شرعية ومشروعية المغرب على أراضيه”.
وهو ما يظهر، حسب المصطفى سلمة ولد سيدي مولود، في تصريح لجريدة هسبريس، “عجز خصوم المغرب أمام جرأة المبادرات المغربية التي تدرجت من اﻻقتراح في 2007 إلى الشروع في التنفيذ 2016”.
وخلص سلمة إلى أن “رسالة الملك محمد السادس بترؤسه المجلس الوزاري في العيون إلى خصوم المغرب في نزاع الصحراء هي أن يشربوا ماء البحر إذا كانت ممارسة المغرب لسيادته على الصحراء تغيظهم”.
السيادة الأمنية والرمزية
زيارة الملك إلى العيون وتجواله بطريقة عادية، كما في مدن شمال المغرب، ولقاؤه المواطنين بدون أي بروتوكول، وعقد المجلس الوزاري بهذه المدينة، “يبعث رسائل قوية للقوى الداخلية والإقليمية والدولية بأن الأقاليم الجنوبية تنعم بالأمن والاستقرار، وأن خروج الآلاف من المواطنين الصحراويين لاستقباله هو دليل قاطع على الالتزام بمفهوم البيعة بكل تجلياتها”، يقول بلقاضي.
كما أن عقد المؤتمر الوزاري بالعيون، يضيف المحلل نفسه، في تصريح لجريدة هسبريس، يؤكد أن “العيون وكل المناطق الصحراوية أراض مغربية يمارس عليها المغرب السيادة المطلقة”.
وأضاف المتحدث أن عقد المجلس الوزاري بالعيون يعني “الحسم السياسي والرد على بعض القوى التي تريد تغيير تاريخ وجغرافية الصحراء المغربية؛ كالمحكمة الأوروبية التي قررت تعليق استيراد المنتوجات المصدرة من الأقاليم الجنوبية المغربية”.
وأما الدلالة الرمزية فتتجسد في كون الملك محمد السادس هو رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، وضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة؛ مما يحيل على أن مبادرة عقد المجلس الوزاري بالعيون قرار سياسي حاسم، خصوصا أن المجلس الوزاري يحدد فيه الملك التوجهات الإستراتيجية لسياسة الدولة المغربية.

هسبريس

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى