الرأي

الحلقة المفقودة

                                           

بقلم نزهة العمراني –                                                                                

إن الشعب المغربي بمكونيه الأساسين (أمزيغ _عرب) شبيه بشجرة عريقة متشابكة الأغصان ممتدة الجذور في أعماق الزمان ،تشابك يصعب معه الفرز بين من هو عربي أصلا ومن هو أمازيغي، وهذا التجانس أثبتته الأبحاث الانتربولوجيا والاثنولوجيا وعلوم اللسان بعيدا طبعا عن الرواية التقليدية وكتب التراجم والمناقب والأنساب والرحلات ويكفي من الأمر أنك عندما تجالس مغربيا وتسأله من أين أنت ؟ فيجيبك بعد هزة خفيفة لكتفيه ! ..  أسكن وسط المغرب لكن أبي من الجنوب ،وأمي من الشمال وجدة أمي من الغرب ،أما جدة  أبي فهي من الشرق… وهذا حال المغاربة كلهم .و هذا التركيب الأزلي سينفي حتما وجود كل أنواع الاختلاف والتفاضل بين مكونات المجتمع المغربي  باستثناء التفاضل المشروع الذي وضع قانونه مسن قوانين البشر (الله سبحانه وتعالى )و المتمثل في التقوى والإيمان .

بعد هذا الامتزاج الواضح الذي نسجت الهجرات خيوطه عبر العصور لا يمكن أن نتخيل المجتمع المغربي إلا كجسد واحد متكامل البنية متناسق الأعضاء…لكن جملة من التناقضات تطفو على السطح تدعم ميكنزماتهابعض المذاهب السياسية والإيديولوجية والفلسفية تؤثر سلبا على انسجام التركيبة وتحول دون انصهارها شكلا ،هذا مع العلم أن هدف جميع العلوم والمذاهب هو الارتقاء بالجانب الاجتماعي ليعيش الإنسان بكرامة في مجتمع سليم خال من التعصب لأن الفرد لن يكون منتجا ولا ايجابيا إذا كان من دوي النزعة (كيفما كان نوعها) ،لأن هذه الأخيرة تولد الأحقاد بين الناس و تهدم العلاقات الأسرية وكم من عائلة تشردت وضاع أبناؤها إثر مقال في غير مقامه فمثلا عندما يقف رجل ويصيح  في وجه زوجته “الشلحة..” ثم ترد عليه بقولها “العروبي “ أو العكس وبينها تقف زمرة من الأولاد ،في نظركم !ألن يجعل ذلك أولئك الأطفال يلعنون في سرهم هذين اللفظيين اللذين سيعصفان باستقرارهم ويحرمانهم من حضن أبيهم وأمهم ، وبالقدر الذي سيحتقرون به “الشلحة” سيكرهون به “العروبية” لما أحدته الاثنان من صدع في كينونتهم وثقتهم بأنفسهم ولا عجب إن التجأوا بعد ذلك إلى اللاتينية بحثا عن الأمان والاستقرار!

 

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى