أمازيغ تاگولا ومصالح دول الخليج بجهة سوس .. رسالة إلى عصيد وتباعمرانت وآخرين

عبد الله الفرياضي 

كأي أمازيغي يسكنه قلق أنطولوجي حول مستقبل الثالوث الأمازيغي المقدس: أكال، أفگان، أوال (الأرض والإنسان واللغة)، تابعت مؤخرا – وبسعادة غامرة – إعلان عشرات الجمعيات بمدينة أكادير وجهة سوس عموما احتفالها بالسنة الأمازيغية الجديدة 2969. سررت كثيرا لأن الاحتفال بهذا الحدث وبهذا الشكل الكبير إنما يعني، من جملة ما يعنيه، أننا بدأنا فعلا مرحلة المصالحة مع ذواتنا التاريخية ومع هويتنا.

×××

غير أن ما أحسست به من غبطة وسرور سرعان ما تبدد واستحال غما وكمدا. فقد انتهت احتفالات الجمعيات “الأمازيغية” بالسنة الجديدة قبل أن يبزغ فجر أول أيامها الذي يصادف يوم (13 يناير 2019). لم أحضر أيًّا من تلك الاحتفالات لأسباب شخصية. لكن قررت أن أشارك في وقفة احتجاجية في نفس اليوم بمدينة أكادير، دعت إليها تنسيقية أكال وحزب تامونت للحريات. وصلت إلى المكان المحدد للوقفة قبل الموعد بنصف ساعة. 

×××

بدأ المناضلون الأمازيغ تقاطرون تباعا، كما انضم إليهم مناضلو بعض الأحزاب التقدمية وفاعلون جمعوين أيضا. وبدأت حناجر المحتجين تصدح بشعارات ترفض قانون المراعي الذي أراد المخزن وأذنابه تهجير المواطنين به من أراضيهم، كما صدحت قبله برفض ظهائر الاستعمار التي تنتزع بسببها مندوبية المياه والغابات نفس الأراضي. شعارات أخرى تخترق الفضاء المحاذي لغرفة التجارة والخدمات مطالبة بالتنزيل الفعلي للطابع الرسمي للأمازيغية وتدعو إلى إقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا. عدد المحتجين بالكاد يتجاوز المائة على أبعد تقدير. لكن عذرا.. أين أعضاء تلك الجمعيات التي احتفلت بالأمس بالعشرات؟ أليست هذه الشعارات هي نفس ما تدعي النضال من أجله؟ الأمر مريب فعلا…

×××

أكبر وأضخم تظاهرة احتفالية برأس السنة الأمازيغية نظمتها جمعية “تايري ن واكال/ عشق الأرض” التي ترأسها المغنية والبرلمانية السابقة فاطمة تباعمرانت. جمعية تؤكد رئيستها أنها أسستها للدفاع عن الأمازيغ وحقهم في أرضهم ولغتهم، ولهذا السبب استدعت “النشطاء الأمازيغ” من كل بقاع “تمازغا” للمشاركة في احتفاليتها التي كفلت ميزانية باهضة. هذا أمر جميل تشكر عليه، لكن لماذا لم تشارك هي وضيوفها في الوقفة التي نظمها إخوانها أمازيغ سوس – بساحة “لافونتين” وغير بعيد عن الفندق ذي الخمس نجوم الذي نظمت فيه حفلها – للإحتجاج على سياسة المخزن الرامية إلى سلبهم أراضيهم وتهجيرهم منها؟ 

×××

جميل أن نرقص ونأكل “تاگولا” ومعها ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات احتفالا بالأرض، لكن هل بالرقص و”تاگولا” سندافع عن أرضنا المسلوبة؟ الخلاصة التي يمكننا استنتاجها هو أن لا غرابة في عدم مشاركة تباعمرانت في الاحتجاج، لأن الاحتجاج يغضب المخزن وشبكاته. وعدم مشاركتها ليس جديدا، فقد رفضت أن تشارك أيضا في المسيرة المليونية التي رافع فيها الأمازيغ عن أراضيهم بالدار البيضاء نونبر الماضي. تباعمرانت نموذج فقط من نشطائنا الذين نخشى أن يضعوا رصيدا نضاليا كبيرا راكموه في سوق الدلالة. فأحمد عصيد نفسه مر أمامنا ونحن نصدح باللاءات في وجه المخزن، كأنه مر أمام “حلقة” من حلقات ساحة جامع الفنا، نظر في وجوه المحتجين كأنهم يريد أن يسجل أحدهم حضوره ثم ابتلعته المقاهي المجاورة. شيء ما يحصل…!!

×××

قال لي أحد الأصدقاء: “هل تعلم أن جهة سوس قد تحولت إلى محمية كبرى للإمارات وقطر؟”، قلت له: لقد سمعت بذلك، لكن ما دليلك؟ أجابني متسائلا: ألم تقرأ ما كتبه البرلماني السابق بتيزنيت لحسن بنواري حين أقر بأن “وزارة الفلاحة بلورت مشروعا استثماريا بمبلغ 900 مليون درهم ممولا بهبة من دولة قطر من أجل استصلاح وتدبير الموارد الرعوية بالجهة، وتجهيز نقط الماء والمسالك الطرقية ودعم الولوج إلى الخدمات المدرسية والصحية ودعم القدرات التقنية للرعاة الرحل”. قلت له: لقد قرأت فعلا شيئا من هذا القبيل في الميزانية القطاعية لوزارة الفلاحة في قانون المالية لسنة 2019. لكن أتمنى أن لا يكون أمازيغ “تاگولا” جزءا من هذا المخطط الرهيب.

أترك تعليقا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *