سياسة

اليسار الأمازيغي … هل يستطيع تصحيح أعطاب اليسار المغربي؟

عبد الله الفرياضي

من المعلوم أن الفكرة اليسارية – كانت وما تزال – معبرة عن وجهة نظر نبيلة تهدف إلى خلاص الإنسانية من الظلم الاقتصادي والاستبداد السياسي. بل إن راهنيتها في السياق المغربي ما تزال قائمة، بالنظر إلى الإشكالات العميقة التي تتخبط فيها البلاد، بدءا من تفشي الفساد واللامساواة، مرورا بهيمنة اقتصاد هجين ذو طابع نيو-ليبرالي متحكم فيه من طرف المتنفذين ومهندسي بنيات الريع وإعادة إنتاجه، وصولا إلى وضعية التفاوتات الإجتماعية الصارخة والانعدام التام لأبسط شروط العدالة الاجتماعية والمجالية.

وإذا كانت المناسبة شرطا فإن شرط الخوض في هذا الموضوع هو ذيوع خبر انعقاد ندوة سياسية اليوم السبت بمدينة طنجة حول موضوع “كارل ماركس اليوم” من تأطير أكبر دهاقنة اليسار العروبي المغربي أمثال عبد الإله بلقزيز وعلال الأزهر ومحمد الحبيب بن الطالب رفقة اللبناني فواز الطرابلسي. وذلك في ضيافة الأمين العام السابق لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري في إطار فعاليات “مهرجان ثاويزا”.

أن نقرأ ماركس اليوم يعني أن نقرأه وفق منهج عصري يراعي المتغيرات ويستحضر التراكمات وكذا الخصوصيات. أن نقرأ ماركس اليوم معناه أن لا نعيد – بوصفنا يساريين – إعادة إنتاج نفس القراءة المتكلسة التي أنتجها الأشخاص المذكورة أسماؤهم أعلاه نفسهم. أتمنى أن يعترفوا في ندوتهم تلك بأنهم ارتكبوا في حق اليسار جريمة لا تغتفر بربطهم إياه بالمشروع القومي التعريبي، حتى جعلوا اليسار لا يعني ذاته إلا بوصفه قوميا عروبيا من الناحية الهوياتية.

أعتقد أننا في السياق المغربي، والمغاربي عموما، مدعوون إلى الإنصات بعمق إلى البديل الهوياتي الذي بدأ اليسار الأمازيغي يجترحه بتؤدة. بديل يجعل الهوية المغربية – المغاربية واحدة في ظل تنوعها. واحدة من حيث جوهرها الأمازيغي الثابت والمستمر عبر الزمان، ومتعددة بتنوع روافدها الثقافية المتعاقبة على المنطقة دون أي سعي من الجوهر الثقافي الثابت إلى تذويب العرض الحضاري الطارئ.
مقاربة هوياتية لليسار الأمازيغي يبدو أنها جديرة بالإهتمام يمكنها أن تحد من مخلفات النزعة الهيمنية للمشروع الهوياتي العروبي من جهة، في الوقت ذاته الذي تمنحها أملا في أن ينبري هذا اليسار الجديد إلى معالجة جميع أعطاب النسخة العروبية من اليسار المغربي.
فهل سيتمكن من كسب هذا الرهان؟

حقائق 24

جريدة إلكترونية مغربية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى